عثمان ديمبيلي... رحلة من أزقة "إيفرو" إلى الكرة الذهبية
"لا يُقاس النجاح بعدد الأهداف التي سجلتها، بل بعدد المرات التي نهضت فيها بعد السقوط"؛ جملة تتجلى في قصة عثمان ديمبيلي، إذ تعكس صبره ومثابرته رغم الإصابات والانتكاسات، قبل أن يصل إلى مجد "الكرة الذهبية".
وقف ديمبيلي على منصة مسرح شاتليه في باريس، الـ"بالون دور" بين يديه، ودموعه تنساب بحرقة صامتة، احتفالاً بتخطي الصعاب والانتكاسات التي شكلت رحلته الطويلة منذ طفولته.
في زاوية هادئة من منطقة فيرنون في منطقة نورماندي شمال فرنسا، شقّ طريقه الصعب نحو النجومية. يقول مدربه الأول في نادي إيفرو، أحمد وهبي ذو الأصول المغربية: "كان يحلم أن يفعل ما يفعله ميسي، يكرّر سحره على أرض الملعب. كان يستمع لكل كلمة ونصيحة".
بين الأزقة والملاعب الصغيرة بدأ حلمه. وهبي كان أول من لاحظ موهبته، زرع فيه أول بذور الانضباط والصبر، وعلّمه أنّ الموهبة وحدها لا تكفي. طفولته لم تكن سهلة، فقد تربى مع والدته وإخوته في منزل ضيق. والدته، فاتيماتا ذات الأصول الموريتانية، كانت دائماً الملاذ والأمان. تقول: "كنت دائماً أقول له: احلم كبيراً، لكن لا تنسَ قلبك… عثمان لم ينسَ جذوره أبداً. حتى بعد أن أصبح نجماً عالمياً، ظل مهتماً بالعائلة، كريماً ومتواضعاً".
في كل مكالمة أو زيارة، يظهر حرصه على التواصل معها، ويستمع لنصائحها، ويشاركها تفاصيل يومه. هذه العلاقة العميقة بالأسرة كانت حجر الأساس لشخصيته الإنسانية، وجعلته لاعباً متوازناً، يقدر العطاء والوفاء، ويعرف قيمة البساطة وسط النجومية.
بدأ عثمان مسيرته الاحترافية في ستاد رين، قبل أن ينتقل إلى بوروسيا دورتموند، حيث بصم على تألق كبير، ثم انتقل إلى برشلونة في صفقة تاريخية بلغت 145 مليون يورو. لكنّ السنوات في كاتالونيا كانت صعبة، إذ وصف بأنه "اللاعب الزجاجي" لتكرار إصاباته، وتعرّض لانتقادات حادة وضغوط لا توصف. لكنه لم يستسلم، بل تعلم التحكم في جسده وعقله، والانضباط النفسي إلى جانب الموهبة الطبيعية.
التحوّل الكبير جاء عند انتقاله إلى باريس سان جيرمان في 2023. تحت إشراف المدرب الإسباني لويس إنريكي اكتشف عثمان دوره الحقيقي: مهاجم مركزي، قائد على أرض الملعب، لاعب لا يسجل فقط، بل يقود الفريق بروحه وجهده.
الموسم الماضي كان استثنائياً: 35 هدفاً، 16 تمريرة حاسمة، أفضل لاعب في الدوري الفرنسي ودوري الأبطال، وقائد الفريق نحو أول فوز في تاريخ "بي أس جي" بدوري أبطال أوروبا.
دموعه على منصة شاتليه كانت رسالة لكل من يحلم: يمكن للحلم أن يصبح حقيقة إذا اجتمعت الموهبة، الصبر، والعمل الدؤوب، والإيمان بالنفس. لحظة صادقة أثبتت أنّ النجاح ليس مجرّد ألقاب، بل رحلة طويلة مليئة بالتضحيات والصبر والمثابرة.
عثمان ديمبيلي اليوم ليس مجرّد أفضل لاعب في العالم لعام 2025، بل رمز لكل من يواجه الصعاب، لكل من يجرؤ على الحلم الكبير، ويؤمن أنّ الطموح والإرادة قادران على صنع المعجزات. من طفل صغير في إيفرو، إلى مهاجم يحصد الكرة الذهبية، أظهر لنا أنّ النجومية الحقيقية تقاس بالموهبة، الإرادة، والقيم الإنسانية، لا بالأرقام وحدها.

عثمان ديمبيلي
28 عاماً
قيمته السوقية: 90 مليون يورو
أرقامه مع باريس سان جيرمان موسم 2024-2025:
53 مباراة
35 هدفاً
16 تمريرة حاسمة
الألقاب:
الدوري الفرنسي
كأس فرنسا
كأس السوبر الفرنسية
دوري أبطال أوروبا
كأس السوبر الأوروبية
نبض