إيمان المدرب بين صناعة النجوم ومقبرة المواهب

في كرة القدم، الموهبة وحدها لا تكفي لتحقيق النجاح، فاللاعب يحتاج إلى من يؤمن بقدراته ويمنحه الفرصة لإثبات نفسه، والمدرب هنا يشكل حجر الأساس لتحويل الأحلام إلى إنجازات ملموسة.
المدرب يمكنه أن يحوّل لاعباً شاباً موهوباً إلى نجم عالمي، لكنه قادر أيضاً على تعطيل مسيرة لاعب واعد إذا لم يثق به أو أساء توجيهه، وفي بعض الحالات، يؤدي ذلك إلى انطفاء موهبة اللاعب قبل أن يسطع نجمه.
على مر التاريخ، ظهرت أسماء مدربين قدموا دعماً استثنائياً الى المواهب الناشئة ووثقوا بقدراتهم منذ البداية، وكانوا سبباً في تحويل هؤلاء اللاعبين إلى أساطير تحتفظ ذاكرة كرة القدم بهم عبر الأجيال.
يُعتبر السير أليكس فيرغسون أحد أبرز أولئك المدربين، خصوصاً خلال حقبته مع مانشستر يونايتد في التسعينات؛ آمن بعدد من اللاعبين الشبان الذين تحوّلوا لاحقاً إلى ركائز مهمة، مثل راين غيغز، بول سكولز، ديفيد بيكهام، وغاري نيفيل، وهذا الإيمان أدى إلى بناء جيل استثنائي لـ"الشياطين الحمر".
كذلك يمثل بيب غوارديولا نموذجاً لمدرب يدرك أهمية الثقة بالمواهب الشابة؛ فتحت قيادته في برشلونة ومانشستر سيتي، لمع نجوم كثر مثل ليونيل ميسي وبيدرو وفيل فودين وكيفن دي بروين، ومنحهم الفرص الكاملة للتطوّر والتألق.
ومع أنّ عدداً من المدربين يتركون أثراً إيجابياً في صناعة النجوم، إلا أنّ تأثيرهم السلبي قد يكون مدمراً إذا افتقدوا القدرة على منح اللاعبين الفرصة أو الثقة اللازمة لإظهار إمكاناتهم. على سبيل المثال، كان ألفارو موراتا من المواهب الواعدة، لكنه واجه صعوبات بسبب ضعف الثقة والدعم خلال فترته الأولى مع ريال مدريد مع أنّ إمكاناته لا يختلف عليها إثنان.
كذلك ماريو بالوتيلي الذي عانى أيضاً من هذه المشكلة؛ فرغم كونه أحد أفضل المهاجمين الشبان في جيله، إلا أنّ غياب الثقة من مدربيه والمشاكل الشخصية أثرت سلباً على مسيرته.
هذه الحالات تسلط الضوء على أنّ الثقة ليست مجرّد قرار يتخذ بناءً على الأداء الفني فقط، بل هي عنصر نفسي أساسي يصنع الفارق بين نجم يحقق النجاح وآخر يتلاشى. وعندما يؤمن المدرب بلاعب شاب، فإنه لا يمنحه فرصة للمشاركة فحسب، بل يقدم إليه الدعم النفسي والمعنوي اللازم لتحديد مستقبله الرياضي.