أندية صنعت أساطير وبقيت في الظل

مع بداية كل موسم جديد، تُسلّط الأضواء عادةً على الأندية الكبرى، المنافسة على البطولات، بينما تبقى الأندية الصغيرة في الظل، تحاول جاهدة أن تثبت وجودها وتترك بصمة في عالم كرة القدم. لكن المفارقة أنّ هذه الأندية، كانت مصنعاً لنجوم وأساطير غيّروا تاريخ اللعبة بأكملها.
ففي أميركا الجنوبية، المعروفة بأنها المنجم الأول للمواهب، نجد أمثلة كثيرة. نادي كروزيرو البرازيلي كان منصة انطلاق الأسطورة "رونالدو الظاهرة"، بينما بدأ الأسطورة مارادونا مشواره من نادٍ متواضع هو أرجنتينوس جونيورز. ومن هناك أيضاً، بزغ نجم كاكا عبر بوابة ساو كايتانو. أما نيولز أولد بويز، الذي لا يعرفه الكثير من الجماهير خارج الأرجنتين، فقد كان أول بيت احتضن موهبة ليونيل ميسي قبل أن ينطلق إلى برشلونة ليصنع التاريخ.
وفي أوروبا، لم يكن الوضع مختلفاً. فقد أنجب نادي بارما الإيطالي جيلاً من النجوم الكبار مثل بوفون، تورام، وكريسبو، بينما كان سبورتينغ لشبونة منجماً لأساطير بحجم كريستيانو رونالدو، لويس فيغو، وبرونو فيرنانديز. وفي ألمانيا، رغم أنّ البريق الإعلامي غالباً ما يذهب إلى بايرن ميونيخ، فإنّ نادي شالكه قدّم للعالم أسماء بارزة مثل مانويل نوير ومسعود أوزيل.
أما في مصر، فقد لعبت الأندية الشعبية والصغيرة دوراً مماثلاً. نادي المقاولون العرب كان بوابة انطلاق محمد صلاح ومحمد النني إلى العالمية، بينما بدأ الأسطورة محمود الخطيب مسيرته من نادي أشبه بالساحة الشعبية، وهو نادي النصر القاهري. وفي الترسانة، أو كما يُعرف بـ"مدرسة الشواكيش"، بزغ نجم محمد أبو تريكة، إلى جانب أسماء خالدة من الماضي مثل حسن الشاذلي ومصطفى رياض، قبل أن يتراجع النادي إلى الدرجات الدنيا. وبعيداً من الأضواء والشهرة حيث لم يبزغ نجم نادي السنبلاوين قط في دوري الأضواء والشهرة، خرج عدد من نجوم الجيل الحالي، أبرزهم إمام عاشور.
كل هذه الأمثلة وأكثر تؤكد أنّ كرة القدم لعبة لا تعترف بالحجم أو الشهرة عند صناعة النجوم. فكل أسطورة بدأت من مكان متواضع، وكل نادٍ صغير كان يوماً ما قلباً نابضاً لموهبة عظيمة؛ وقد يكون على الأندية الكبرى، في زمن أصبحت فيه صناعة النجوم أكثر تعقيداً، أن تعود إلى هذه المنابع الأصيلة للبحث عن المواهب التي تُكتب بها الفصول الجديدة في تاريخ اللعبة.