المليارات تختلط بالأحلام... إيزاك الصفقة الأضخم

سطّرت فترة الانتقالات الصيفية 2025 ما يشبه "ملحمة كروية"، فلم تكن "ميركاتو" عابراً، إذ أعادت بعثرة خريطة كرة القدم الأوروبية، بعدما تحركت أموال ضخمة، ونجوم حملوا حقائبهم ليغيروا وجهاتهم وألوان قمصانهم، فيما جلس آخرون أمام العدسات يطلقون عبارات ستحفر في ذاكرة الميركاتو.
خطف ليفربول الأضواء في الدوري الإنكليزي الممتاز، وجماهير "الريدز"، التي عاشت سنوات على إرث "الفرعون" المصري محمد صلاح، استيقظت على صفقة أذهلت الجميع: ألكسندر إيزاك يرتدي الأحمر بعدما أصرّ المدرب السابق للفريق يورغن كلوب، في آخر مواسمه، على استقدام مهاجم جديد يفتح صفحة مختلفة في تاريخ النادي. الصفقة بلغت 125 مليون جنيه استرليني، وهو رقم قياسيّ يختصر رغبة الإدارة في استعادة الهيبة. ومع انضمام الألماني فلوريان فيرتز من باير ليفركوزن مقابل 116 مليون، بدا ليفربول كأنما يبعث رسالة واضحة: "عدنا لقيادة المشروع من جديد". إيزاك نفسه لم يُخفِ حماسته، إذ قال عند تقديمه: "حين اتّصل بي ليفربول لم أتردّد. هذا نادٍ يُقاتل من أجل البطولات، وأردت أن أكون جزءاً من هذه القصة".
أما في الجانب الأحمر الآخر من مانشستر، فقد قرّر يونايتد أن يخلع عنه رداء التردّد. أموال طائلة أُنفقت لإعادة بناء الفريق: بريان مبيومو جاء من برينتفورد، إيبيريشي إيز حمل قميص "الشياطين" بقيمة قاربت الـ 70 مليوناً، والسلوفيني بنجامين سيسكو أضيف كقطعة جديدة في أحجية الهجوم. أحد المسؤولين في النادي صرّح لوسائل الإعلام قائلاً: "قد يقول البعض إننا نصرف كثيراً، لكن الحقيقة أننا نستثمر في المستقبل. يونايتد يجب أن يعود إلى مكانه الطبيعي".
في الجهة الزرقاء من المدينة، مانشستر سيتي عاش لحظة وداع حزينة مع البرازيلي إيدرسون، الحارس الذي شكّل ركيزة المشروع مع بيب غوارديولا. لكن كما هي عادة البطل، فإنّ كلّ نهاية تحمل بداية جديدة. الدولي الإيطالي جيانلويجي دوناروما، الذي غادر باريس سان جيرمان، جاء ليكتب فصلاً آخر من قصة سيتي.
وبينما احتدمت المنافسة بين الكبار، ظهر أستون فيلا كـ"حصان أسود" في المشهد. النادي الذي اعتاد اللعب في الظل خطف الأضواء حين ضمّ جايدون سانشو وهارفي إليوت على سبيل الإعارة. فجأة، أصبح فيلا مرشحاً لمنافسة أقوى على المراكز الأوروبية؛ ومع كلّ تصريح لمدرّبه، كانت نغمة التفاؤل تتردّد: "هؤلاء اللاعبون جاءوا ليصنعوا فرقاً. لسنا هنا لنتفرّج. نحن هنا لنهزّ الطاولة".
السعودية تضاهي أوروبا!
لكن القصة لم تبقَ أوروبية بحتة. من بعيد، من الملاعب الحديثة في الرياض وجدة، واصل الدوري السعودي فرض نفسه لاعباً أساسياً في "الميركاتو الكبير". فالهلال عزز صفوفه بأسماء أوروبية وازنة، والنصر أعاد ترتيب مشروعه حول رونالدو، فيما الاتحاد والأهلي دخلا بقوة إلى سوق النجوم. لم يعد الأمر مجرّد "تجربة جديدة" وفق ما وصفها البعض قبل عامين، بل تحوّل إلى واقع يفرض نفسه.
مليارات لأجل الأحلام
الأرقام بدت مذهلة على الورق: أكثر من 6.4 مليارات جنيه استرليني (7.5 مليارات يورو) أُنفقت في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا، 125 مليون للصفقة الأغلى، مئات الملايين في حسابات نيوكاسل وتشيلسي بفضل المبيعات، ومبالغ ضخمة تضخها السعودية في صفقاتها المتتالية. لكن وراء هذه الأرقام، تختبئ قصص إنسانية: لاعب يبحث عن تحدٍ جديد، مدرب يسعى لقطع خطوة إضافية، وإدارة تريد أن تترك بصمة في تاريخ النادي.