مورينيو "سيد العودة" حين يظن الجميع أنّ كل شيء انتهى

على مدار مسيرته المميزة في دوري أبطال أوروبا، لم يُعرف جوزيه مورينيو فقط بكونه مدرباً بارعاً في التكتيك أو بشخصيته الجدلية التي كثيراً ما كانت تثير النقاشات بتصريحاته، بل اكتسب شهرة كبيرة بلقبه "ملك الريمونتادا"، وذلك بفضل قدرته الاستثنائية على بث الأمل في أحلك الظروف وقيادة فرقه لتحقيق انتصارات مذهلة في مباريات الإياب، ليكتب فصولاً لا تُنسى في تاريخ البطولة.
حفلت صفحات التاريخ بمباريات عديدة أثبتت قدرة مورينيو على قلب الموازين في مواجهات الإياب، بحيث تمكن من إخراج خصومه من البطولة في الوقت الذي ظنّ فيه الجميع أنّ الأمور محسومة، وهذه الإنجازات لم تكن حكراً على فريق واحد، بل امتدت لتشمل فرقاً مختلفة تولى تدريبها.
في نصف نهائي ملحق دوري أبطال أوروبا لموسم 2025-2026، واجه فينورد خصمه فنربخشة بعد خسارته مباراة الذهاب بنتيجة هدفين لهدف على الأراضي الهولندية، ورد مورينيو بتصريح أثار الكثير من الجدل قائلاً: "غالباً ما أكون المنتصر في الإياب، أهلاً بكم في الجحيم، أهلاً بكم في إسطنبول"، وكما وعد، قاد فريقه لتحقيق انتصار كاسح بخمسة أهداف في مقابل هدفين، ليتأهل إلى نهائي الملحق.
في عام 2004، وفي واحدة من أبرز المحطات التي تحمل بصمة مورينيو كمدرب، قدم مع فريقه بورتو ريمونتادا لا تُنسى أمام مانشستر يونايتد، وبعد انتهاء مباراة الذهاب بفوز بورتو 2-1، بدا أنّ الفريق الإنكليزي سيحسم الأمور في الإياب بتقدمه بهدف؛ كوستينيا سجل هدفاً قاتلاً في اللحظات الأخيرة ليقلب الموازين وبعدها تُوّج بورتو باللقب.
وفي مواجهة أخرى لا تقل أهمية، تمكن مورينيو خلال ثمن نهائي البطولة مع تشيلسي من قلب الطاولة على برشلونة؛ فبعد خسارة الذهاب بنتيجة 2-1، عاد في الإياب ليحقق انتصاراً مذهلاً بنتيجة 5-4، وسط أجواء شديدة التوتر مليئة بالحماسة.
أما خلال لقاء ريال مدريد ومانشستر يونايتد في دور الـ16، فقد انتهت مباراة الذهاب بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، وفي مباراة الإياب المليئة بالتحديات والتعقيدات، نجح مورينيو بقيادة ريال مدريد بالفوز بنتيجة 2-1 مستغلاً حالة الطرد التي تعرّض لها أحد لاعبي الفريق الإنكليزي، ليؤكد تأهل النادي الملكي إلى ربع النهائي ويضيف إنجازاً آخر إلى سلسلة انتفاضاته المميزة.
مورينيو لم يكن مجرّد مدرب يعتمد على إعداد الفرق تكتيكياً فحسب، بل كان بارعاً في التعامل مع اللحظات الحاسمة، يحوّل الضغط إلى طاقة إيجابية تدفع لاعبيه نحو النصر. بأسلوبه الفريد في استخدام التصريحات الجريئة وتحفيز اللاعبين بطريقة غير تقليدية، استطاع أن يرسخ مكانته "ملك الريمونتادا"، ويبقى رمزاً للعودة المستحيلة حتى عندما تكون الظروف في غير مصلحته وفق رؤية الجميع.