رياضة 13-08-2025 | 18:59

الكارثة التي قادت فرنسا إلى المجد الكروي... العبرة في الأكاديميات

فرنسا تُعدّ اليوم أكبر مصدّر للاعبي كرة القدم المحترفين عالمياً
الكارثة التي قادت فرنسا إلى المجد الكروي... العبرة في الأكاديميات
قصة نجاح الأكاديميات الفرنسية مستمرّة. (وكالات)
Smaller Bigger

شكّل خريف العام 1993 كارثة بالنسبة إلى كرة القدم الفرنسية، فالمنتخب الأزرق فشل للمرّة الثانية توالياً في بلوغ نهائيات كأس العام؛ وذلك قبل استضافة النسخة التالية 1998. الخسارة المريرة أمام بلغاريا 1-2 لم تكن مجرّد هزيمة في مباراة، بل كانت حجر أساس في ثورة الكرة الفرنسية الحقيقية.

وضع القيمون على اللعبة بالاشتراك مع الجهات الحكومية خطة محكمة، وبداية رحلة ملحميّة أعادت "الديوك" إلى قمة كرة القدم العالمية، حيث بدأت النهضة الفرنسية نتيجة عمل طويل، بدأه رجل يُعتبر الأب الروحي للكرة الفرنسية الحديثة: ميشال هيدالغو.

خلال قيادته المنتخبَ ما بين 1976 و1984، قاد هيدالغو فرنسا للفوز بأول لقب كبير لها في بطولة أمم أوروبا 1984، وسط أنظار العالم في باريس. لم يكن الفوز مجرّد إنجاز، بل كان نتيجة فلسفة متكاملة، إذ يقول: "النجاح يبدأ من نظام متكامل لتطوير اللاعبين، لا فقط من موهبتهم، بل من بيئة رياضيّة تشجّع الانضباط والتفكير التكتيكي".

زرع هيدالغو البذرة الأولى بفكرة بناء فريق عبر تطوير الشباب، الأمر الذي أصبح محور كلّ الاستراتيجيات اللاحقة.

بالموازاة، أدركت الدولة الفرنسية أنّ نجاح كرة القدم يجب أن يُبنى من الأساس. فتحت الحكومة خزائنها، وخصصت أكثر من 150 مليون يورو خلال عقد من الزمن لتحديث الملاعب، وإنشاء أكاديميات جديدة، في مقدمها أكاديمية "كليرفونتين"، التي تأسست عام 1988، وأصبحت مركزاً وطنياً لتطوير الشباب، ثم اكتشاف أفضل المواهب من مختلف المناطق. من هذه الأكاديمية بدأ إنشاء شبكة من الأكاديميات الإقليمية، التي تغطي كل أنحاء فرنسا، لتوسيع رقعة البحث عن النجوم، كما تم إطلاق برامج مكثفة لتدريب وتأهيل المدربين، حيث تلقى عشرات المدربين الفرنسيين دورات متقدمة، مما رفع مستوى التدريب الفني والتكتيكي للاعبين الشباب.

لم تقتصر النهضة على البنية التحتية فقط، بل استندت إلى عقول تدريبية لامعة، حيث ظهر اسم إيميه جاكيه، الذي قاد "الديوك" إلى المجد في كأس العالم 1998، إذ قال: "لقد حققنا هذا النجاح بفضل العمل الدؤوب في الأكاديميات والدعم الكامل من الدولة".

وإلى جانب جاكيه، برز اسم آرسين فينغر، الذي ساهم في إدخال مفاهيم التغذية واللياقة الحديثة في تدريب اللاعبين، وكان له دور فعّال في تطوير المواهب الشابة قبل انتقاله من موناكو إلى أرسنال.

ثمار النهضة تجلّت بأرقام وإنجازات محفورة في السجلات الذهبية، أولها بعد أربع سنوات من الفشل المرير، حيث احتفلت فرنسا بلقب كأس العالم على أرضها، بقيادة نجوم خرجوا من أكاديميات الدولة، مثل زين الدين زيدان، باتريك فييرا، تيري هنري، ديدييه ديشان ويوري دجوركاييف وغيرهم.

وتُعدّ فرنسا اليوم أكبر مصدّر للاعبي كرة القدم المحترفين عالمياً، مع أكثر من 400 لاعب من ملاعبها يسطعون تحت أضواء الدوريات الكبرى في أوروبا. وتواصلت هذه الإنجازات مع تتويج ثانٍ بكأس العالم 2018 في روسيا بقيادة النجم الأبرز حالياً كيليان مبابي، حيث كان معظم لاعبيها من خريجي منظومة تطوير المواهب الفرنسية.

 

مبابي وديمبيلي مع المنتخب الفرنسي. (وكالات)
مبابي وديمبيلي مع المنتخب الفرنسي. (وكالات)


ما بين 2015 و2023، استثمرت فرنسا أكثر من 200 مليون يورو في تطوير مراكز التدريب، مع اعتماد تقنيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين أداء اللاعبين.

النجوم الجدد مثل مبابي ومايكل أوليسيه وعثمان ديمبيلي وغيرهم يؤكدون أنّ قصة النجاح الفرنسية مستمرّة بقوة، ولا سيما بعد تتويج باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا، مستندة إلى إرث بدأه ميشيل هيدالغو، ودعم الدولة، وإبداع المدربين، إذ إنّ قصة التألق الفرنسي بعد "كارثة" 1994 هي درس في التصميم والإرادة، حيث تعاونت الدولة، الأكاديميات، والمدربون العظماء لتشكيل منظومة متكاملة صنعت من فرنسا قوة كروية عالمية لا تقهر.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال