أصبح مركز الظهير الأيسر في مصر من أبرز الأزمات التي تتفاقم مع مرور الوقت، ما ينعكس سلباً على أداء منتخب مصر، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى ندرة اللاعبين المحليين المميزين في هذا المركز خلال السنوات الأخيرة، وزيادة الاعتماد على المحترفين الأجانب لتعويض هذا النقص.

لطالما كان مركز الظهير الأيسر في الكرة المصرية مليئاً بالمواهب المتميزة التي أفرزتها الأندية، ما ساهم في تعزيز قوّة "الفراعنة". إلا أنّ الوضع تغير بشكل ملحوظ، وأصبح اختيار لاعب مناسب لهذا المركز تحدياً حقيقياً أمام المدير الفني الحالي حسام حسن، كما كان الحال مع المدربين السابقين.

القائمة الأخيرة التي أعلنها حسام حسن لمواجهتي مصر في تصفيات كأس العالم كشفت عن غياب ظهير أيسر مختص، باستثناء أحمد نبيل كوكا الذي يلعب كبديل في الأهلي ويشغل بالأساس مركز خط الوسط. هذا الواقع يثير تساؤلات حول اختفاء المواهب المصرية في هذا المركز، ما يجعله نقطة ضعف واضحة يستغلها الخصوم. ورغم وجود لاعبين أمثال محمد حمدي، فإنّ أياً منهم لم يقدم الأداء الذي يؤهله ليصبح ركيزة ثابتة للمنتخب.

أزمة اختفاء المواهب المحلية في هذا المركز ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكم السياسات الخاطئة من الأندية المصرية التي باتت تعوّل بشكل كبير على الأجانب لتغطية هذا المركز، من دون إعطاء الفرصة الكافية للناشئين للتطوّر والظهور. سابقاً، كان هناك توازن بين الاعتماد على اللاعبين الأجانب والمحليين، ما أتاح للمنتخب الاستفادة من قاعدة متنوّعة من البدائل المميزة.

الاعتماد المتزايد على محترفين في مركز الظهير الأيسر، خصوصاً النجوم القادمين من شمال أفريقيا، والتي تزايدت بشكل واضح بعد تألق التونسي علي معلول بشكل لافت مع الأهلي، قلّص فرصة بروز لاعبين محليين. ومع اعتماد أكبر الأندية مثل الأهلي والزمالك على محترفين في هذا المركز من دون السعي لتطوير بدلاء مصريين، بدأت الأندية الأخرى السير على النهج ذاته، وأصبح استقطاب المحترفين الخيار المفضل للأندية المصرية، ما أدى تدريجياً إلى تراجع ظهور اللاعبين المصريين في هذا المركز، وهو ما انعكس سلباً على مستوى المنتخب.

التحدي الأكبر الآن يتمثل في العثور على لاعبين محليين يستطيعون تقديم نفس المستوى العالي الذي يوفره المحترفون على أرض الملعب. هذا الأمر يدفع الفرق للبحث عن حلول سريعة بالتعاقد مع أجانب بدلاً من العمل على تطوير الناشئين.