بيراقداريان تسلمت الوزارة من كلاس... نحو استراتيجية وطنية للشباب والرياضة

انتقلت عهدة وزارة الشباب والرياضة في لبنان من الدكتور جورج كلاس إلى الوزيرة الجديدة البروفسور نورا بيراقداريان، لتنتقل إليها ملفات كثيرة ملأى بمشاكل أكثر عن واقع القطاع الأكثر حيوية في بلاد الأرز.

تحدثت الأوساط الرياضية مراراً أنهم يفضلون شخصاً ملماً بالرياضة ومشاكلها وشؤونها وشجونها ليتسلم رأس هرم القطاع أو الوزارة السيادية الأولى في البلاد كما ذكر رئيس دائرة العلاقات العامة في الوزارة الزميل حسن شرارة، عملاً بمقولة "أهل مكة أدرى بشعابها"، إنما في زمن التحولات المصيرية التي تعصف بلبنان والمنطقة ثمة أمل بشخصية أكاديمية ذات مسيرة علمية كبيرة تتبوأ المنصب، وهو أمر يبدو كخطوة إيجابية حيث يمكنها أن تعكس خبرتها الطويلة في مجالات التعليم والبحث العلمي والنشاط السياسي والاجتماعي، على الواقع الرياضي والشبابي المتهالك عبر تطوير استراتيجيات تنموية تهدف إلى الارتقاء بالقطاع، ولا سيما أنّ بيراقداريان تمتلك خبرة واسعة في مجالات العلاقات الدولية، يمكن أن توظفها في خدمة الشأنين الشبابي والرياضي لكونها من الأعضاء المؤسسين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، وترأس حالياً لجنة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي، وإلمامها في الحوكمة الدولية.

بيراقداريان
وأشارت بيراقداريان في حديث لـ"النهار" إلى أنها ستتابع كل الملفات المتعلقة بالوزارة وستتابع كل النشاطات الرياضية والشبابية، وأنها ستسعى لتلبية الملفين الشبابي والرياضي وبلورة دبلوماسية الرياضة من خلال تنظيم أنظمة مشتركة مع الدول الصديقة سواء على المستوى الثنائي أو متعددة الأطراف وتحويل الوزارة إلى منبر لطرح تطلعات الشباب، الانفتاح على الجامعات وكل الأندية الرياضية والأهم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة.

ووعدت الوزيرة بإكمال المسيرة التي بدأها الوزير كلاس "لأنّ الإدارة استمرارية، والاستمرارية هي ركن الأطر المؤسساتية الفاعلة، وأنتم ركن هذه الاستمرارية".

وتابعت بيراقداريان: "في مجال خطة العمل التي أرتئيها لهذه الوزارة التي تحمل ملفين، ملف الشباب وملف الرياضة، سأطرح رؤى عامة على أن تتبلور وفق خطى مرحلية نحو بناء (استراتيجية وطنية للشباب والرياضة في لبنان)، وسنعلن عن الخطوات المؤدية لهذه الاستراتيجية في مرحلة مقبلة".

وأضافت بيراقداريان: "‏إنّ للبنان إنجازات عديدة في المجال الرياضي، والتي نعتز بها، وعهدنا أن نكمل في الاستثمار والدعم والتشجيع من أجل استمرار هذه الإنجازات وتناميها وفق الإمكانات المتوفرة طبعاً. إنّ الملف الرياضي له أوجه مختلفة وسنسعى إلى تلبيتها بأقصى جهودنا بغية دعم وتشجيع وتنمية هذا المجال، كما أتمنى وأصبو وبشكل خاص إلى التعاون مع مؤسسة الجيش اللبناني في تنظيم الأنشطة الرياضية المشتركة، إضافة إلى خلق فرص التعاون بين الجيش اللبناني والشباب اللبناني في مجالات عدة، بغية ترسيخ القيم التي تجسدها هذه المؤسسة العسكرية المميزة لدى الشباب اللبناني".

وتعهدت بيراقداريان: "بأن أبذل كل ما في وسعي لخدمة شبابنا ورياضيينا بروح المسؤولية والشفافية والإخلاص إيماناً مني بأنّ مستقبل لبنان مرهون بعزيمة شبابه وإبداعهم، وجميعنا شركاء في هذه المسيرة... أشكركم وأشكر معالي الوزير الدكتور جورج كلاس ووسائل الإعلام لحضورها وأتمنى أن نتعاون جميعاً في سبيل إنجاح هذه المهمة".

كلاس
وأشار الوزير كلاس الذي أمضى في المنصب الرياضي الأهم ثلاث سنوات ونصف السنة، إلى أنه يترك "منزلاً وعائلة"، وتوجه بالتبريك إلى الوزيرة الجديدة، وأضاف: "التسلم والتسليم يتم بين أستاذين من الجامعة اللبنانية التي طالما أطلقت عليها شعار مستشار الجمهورية، وأردف: "وزارة الشباب والرياضة، هي وزارة رؤيوية وحضارية تهتم بدولة الغد، هي وزارة للشباب، ووزارة للرياضة، ومعاليك خير من عرف وخبر وواكب تطلعات الشباب وانتظاراتهم وهمومهم من خلال مسؤولياتك الأكاديمة".

وأضاف: "ومن هذا المنطلق أقرّت حكومة (معاً للإنقاذ) وثيقة الاستراتيجية الوطنية للشباب (كخطة عمل لسياسة الشباب الوطنية)، فصار للبنان استراتيجية رؤيوية، تحمل الآمال وتحقق الطموحات وتبني الجسور بين المجتمعات الشبابية اللبنانية والعربية، وهذه مهمة يعتز لبنان باعتمادها، من حيث هي ضمانة رؤى ومبادئ يُبنى عليها لصياغة موقع الشباب في لبنان الغد".

وقال كلّاس: "وكما في قطاع الشباب، نجح لبنان بجهد ذاتي من الأندية والاتحادات الرياضية في إعلاء شأن الرياضة ورفعة مكانتها ومقامها في لبنان والدول العربية والعالم، والواجب يقضي بتقدير هذه الجهود ووجوب تشجيع الاتحادات والأندية والجمعيات ودعمها مادياً متى توفرت الاعتمادات، لافتاً إلى أننا على مدى ولايتي الوزارية لم يكن هناك أرصدة لتقديم المساعدات وتقديم الإسهامات المالية، نظراً لعدم وجود مخصصات كافية في الموازنة".

ملفات ومشاكل
العناوين التي وضعتها الوزيرة عريضة، إلا أنها تدرك ماهية مهمتها الصعبة، ولا سيما أنّ القطاع الرياضي تحت هيمنة السياسة برغم ادعاء الكثيرين أنهم لا يخلطون بين "الرياضة والسياسة"، إذ إنّ التمويل للأندية والاتحادات والرياضيين تقع على عاتق السياسيين أو المتنفذين أو الطامحين لمناصب أخرى. لم تتح الظروف للوزير كلاس معالجة المعضلات، إذ إنّ المشاكل المتراصة هي رصيد سنوات طوال من التراكمات ونتيجة طبيعة للصراعات السياسية الضيقة، وهذا الأمر سيكون ملحاً على طاولة الوزيرة الساعية الى إنجاح مهمتها ولا سيما أنّ الحكومة حملت عنوان "الإصلاح" وهنا "بيت القصيد" للانطلاق نحو وضع استراتيجية رياضية جديدة تصل إلى "صناعة الرياضيين".

والملف الذي لا يقل أهمية يتعلق بالمنشآت إذ "لا رياضة من دون منشآت وبنية تحتية رياضية"، ملف متشعب إلى عدة اتجاهات، منها ما يتعلق بالقوانين التي تمنع الاستثمار من القطاع الخاص في الملاعب التابعة للدولة أو للبلديات، إضافة إلى أنّ غالبيتها طالها الإهمال والتآكل والفساد والهدر، كما أنّ هذا الأمر يحرم القطاع من دخول الاستثمارات إليه ما يعزز دور الرياضيين.

ويرى الكثيرون أيضاً أنّ الإدارة الرياضية تعاني ضعفاً عميقاً، يكبح تحقيق النجاح المستدام، حيث تحتاج الاتحادات الرياضية إلى إصلاحات وتطوير، ولا سيما إزاء "تفريخ الأندية" لأسباب وحسابات انتخابية وسياسية لا تهتم للشباب والرياضية بالمطلق.

عهد جديد في إحدى أهم الوزارات، يأمل المجتمع الشبابي والرياضي أن يحظى بشعار الحكومة " الإنقاذ والإصلاح"، فيتم إنقاذ الشباب اللبناني من براثن كل السلبيات التي تحيط به، وإصلاح الواقع بعد سنوات كثيرة من الإهمال.