تظهر ملامح المدافع الناجح في ثقته العالية بنفسه، وهدوئه، وتركيزه الشديد أثناء اللعب، وهو ما يتجسّد بوضوح في الإسباني راؤول أسّينسيو. هذا اللاعب الشاب أثبت أنّه الخيار الأمثل للتعامل مع أزمة الدفاع التي يمرّ بها ريال مدريد.

مع استمرار معاناة الفريق الدفاعية، لا سيما بعد إصابة إيدير ميليتاو مؤخراً، برز أسّينسيو، ذو الـ21 عاماً، كواحد من أبرز المواهب الصاعدة. وقد تمكّن من كسب ثقة المدرّب كارلو أنشيلوتي، ليصبح جزءاً أساسياً من التشكيلة، خصوصاً خلال المباريات الكبرى.

منذ ظهوره الأول في صفوف النادي الملكي، كشف أسّينسيو عن قدراته المميزة، وأظهرت مباراة أوساسونا بالدوري الإسباني لمحة واضحة عن إمكانياته عندما قدّم تمريرة حاسمة إلى بيلينغهام بعد 12 دقيقة من دخوله بديلاً. تلك التمريرة الحاسمة كانت مفتاحاً لتسجيل الهدف الثاني للفريق.

ورغم أن مركزه الأساسي قلب الدفاع، إلّا أنّ اللاعب الإسباني أظهر مرونة كبيرة على أرض الملعب. فقد استعان به أنشيلوتي كظهير أيمن في مواجهة بلد الوليد بالجولة الـ21 من الدوري الإسباني.

ومع ذلك، لم يكن أداؤه في هذا المركز بالتألق نفسه الذي يظهره كمدافع مركزي، ما يثير التساؤلات حول مدى إمكانية الاعتماد عليه في مثل هذه الأدوار عند الحاجة.

يمتلك أسّينسيو العديد من الصفات التي تذكّرنا بأسلوب سيرجيو راموس، خصوصاً في ما يتعلق بتنظيم الهجمات والتمريرات الطويلة الدقيقة. 

كما يتمتع بمهارات دفاعية بارزة مثل قراءة اللعب وتوقّع حركة الخصم، إضافة إلى قطع التمريرات بشكل دقيق وتدخّلاته الحاسمة. وهو قويّ في المواجهات البدنية سواء أفي الكرات الأرضية أم العالية، ما يعزّز مكانته في خطّ الدفاع.

أبرزت مباراة مايوركا في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني إمكانياته الاستثنائية بشكل لافت، حيث سجّل أرقاماً مذهلة، منها تنفيذ ثلاث تمريرات طويلة ناجحة والمساهمة بشكل كامل في المواجهات الثنائية.

ورغم ما قدّمه من أداء متميز حتى الآن، جاءت مشاركته كأساسي بسبب الظروف الطارئة أكثر من كونها جزءاً من خطّة مدروسة. فقد تسبّبت إصابة ميليتاو، بقطع في الرباط الصليبي، في خلق فراغ كبير في خطّ الدفاع، ما منح أسّينسيو فرصة غير متوقعة لإثبات نفسه كلاعب أساسي.

استغل اللاعب هذه الفرصة الاستثنائية بأفضل طريقة ممكنة وتحوّل إلى عنصر محوري في تشكيلة الفريق. أداؤه ليس فقط سدّ الثغرة الدفاعية التي عانى منها النادي، بل أثبت أيضاً أنّه موهبة واعدة يمكن البناء عليها في المستقبل.

ما يُميز أسّينسيو أيضاً نجاحه في استعادة ثقة المدرب والجماهير بعد فترة من التهميش إثر أسباب انضباطية أبعدته عن المشاركة منذ عام 2023. 

اليوم، أصبح أحد الخيارات الرئيسية لـ"أنشيلوتي"، واستطاع أن يتحوّل إلى لاعب مؤثر داخل وخارج الملعب، ما يقدّم حلاً جذرياً لأزمة الدفاع في ريال مدريد ويعزّز فرص الفريق في المنافسة على الألقاب الكبرى.