قلّة من متابعي الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، يعرفون نادي نوتنغهام فوريست، الذي اقتحم مجموعة الكبار هذا الموسم متقدماً إلى المركز الثاني في الترتيب خلف ليفربول المتصدر، وأمام عدد من الكبار لا سيما مانشستر سيتي حامل اللقب وجاره مانشستر يونايتد وأرسنال وتشلسي وغيرهم.

في نهاية سبعينيات القرن الماضي وبداية الثمانينيات، شكل النادي الأحمر والأبيض الرقم الصعب في الكرة الإنكليزية، وحصد لقب الدوري الإنكليزي لمرّة وحيدة في موسم 1978-1979، وحل وصيفاً في الموسم التالي، فضلاً عن تتويجه بطلاً لدوري أبطال أوروبا مرّتين متتاليتين عامي 1979 و1980، حيث قاد الفريق إلى الإنجازات حينها المدرب براين كلوف الذي تولى تدريب الفريق عام 1975 وصعد به من الدرجة الثانية إلى القمة محلياً وقارياً، بالاعتماد على نجوم تحوّلوا إلى أساطير مثل إيان بوير، توني وودكوك، مارتن أونيل، جون روبرتسون، تريفور فرانسيس فضلاً عن الحارس بيتر شيلتون.

ومع انطلاق حقبة الـ"بريميرليغ" عام 1993، غاب الفريق تدريجياً عن الصورة، وبعد نحو ربع قرن متواصلة في غياب الدرجات الدنيا، عاد الفريق في الموسم الماضي إلى الدرجة الممتازة، حيث كان على وشك الهبوط، إنما تبدّل كل شيء هذا الموسم تحت إشراف المدرب البرتغالي نونو سانتو.

يرى الكثيرون أنّ مدرب نادي اتحاد جدة السعودي السابق يحقق ما يشبه المعجزة مع الفريق، حيث تولى قيادة الفريق في الموسم الماضي في مراكز الهبوط، ولكن أداء الفريق ارتقى بشكل سريع رغم عدم وجود صفقات جديدة، وحالياً يصنع الفريق التاريخ بجمعه 37 نقطة من 19 مباراة، مع 11 انتصاراً و4 تعادلات و4 هزائم. ونجح الفريق للمرّة الأولى منذ 29 عاماً في تحقيق 5 انتصارات متتالية في الـ"بريميرليغ". الفريق بقيادة مدربه البرتغالي هو الوحيد الذي نجح في تحقيق الفوز على ليفربول هذا الموسم بالمسابقة.

وعرف سانتو كيف يوحّد غرفة ملابس فريقه خلف شعار الفريق، وجعلهم يلعبون ككتلة واحدة، وبأسلوب متوازن، لا سيما من الناحية الدفاعية، إذ تلقت شباك الفريق 19 هدفاً فقط في الموسم الجاري، كثالث أفضل دفاع في الـ"بريميرليغ" خلف ليفربول الأوّل، وأرسنال الثالث في جدول الترتيب، فيما سجل الفريق 26 هدفاً وهو رقم يفوق التوقعات، ونحو نصف هذه الأهداف جاء من الكرات الثابتة، ما يعكس قوّة الفريق في استغلال الفرص والتفوّق التكتيكي.

وخرج فريق المدرب البرتغالي، ذو الـ50 عاماً، بنظافة الشباك في 8 مباريات الموسم الحالي، وعزا السبب إلى "تأقلمه مع العناصر الموجودة في الفريق، وليس العكس". وأضاف: "من المهم حينما يأتي مدرب إلى فريق أن يتأقلم مع الأدوات الموجودة، لا أن تتأقلم الأدوات مع هوية المدرب الفنية".

وأشارت صحيفة ذا أثلتيك أيضاً إلى الثابت الوحيد لنجاحات سانتو مع الفرق التي دربها ريو آفي وفالنسيا وبورتو وولفرهامبتون وتوتنهام والاتحاد السعودي كانت "فترة التحضير الصيفية"، وبعد وصوله إلى نوتنغهام قبل عام وبينما كان يخطط لمسار للبقاء على قيد الحياة من خلال الجدل حول تقنية VAR وخصم أربع نقاط لانتهاك لوائح الربح والاستدامة، أشار نونو باستمرار إلى أهمية فترة ما قبل الموسم. مع وصوله في فصل الشتاء، وجد في البداية صعوبة في إقامة رابط بينه وبين طاقمه واللاعبين مع تزايد الضغوط والقيود الزمنية في المعركة لتجنب الهبوط. وفي الصيف، خاض الفريق عشر مباريات تحضيرية إلى معسكر استعدادي في إسبانيا مكّنت البرتغالي من توصيل أفكاره وصياغة عقلية "نحن ضد العالم".
 
وبميزانية متواضعة بالمقارنة مع عدد كبير من الفرق، يُقدم سانتو مع نوتنغهام موسماً تاريخياً شبيهاً بما فعله ليستر سيتي عام 2016 مع المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري، الفريق ليس فقط ينافس، بل يفرض نفسه كواحد من الفرق الأكثر صلابة وفعالية، فضلاً عن خاصية إسقاط الكبار بالتغلب على ليفربول، توتنهام، أستون فيلا، ومانشستر يونايتد، وتعادلات قوية ضد تشيلسي وبرايتون، وبالتالي لا يخشى المواجهات الكبرى، بل يُظهر روحاً قتالية عارمة.