سطوة الأحزاب إلى تراجع وانكفاء في الانتخابات الرياضيّة... الهروب من الهزيمة أطاح انتخابات الاتّحاد اللبناني للجمباز

لم تمرّ انتخابات الاتحاد اللبناني للجمباز في الجلسة التي انعقدت الاثنين الماضي، بعدما فُقد النصاب بانسحاب 5 أندية من أصل 12 نادياً مستوفية الشروط القانونية ويحق لها الاقتراع.
وفي التفاصيل، التأمت الجمعية العمومية في جلسة أولى لإقرار البيانين الإداري والمالي، والتي شهدت على عدم الموافقة على البيان الإداري من قبل ممثل نادي الجمهور وتحفظ ممثل نادي مون لاسال. أما البيان المالي فقد شهد بدوره نقاشاً شاملاً، وخاصة في أحد البنود المتعلقة بشراء ميداليات بقيمة 26 ألف دولار (6,500 ميدالية بسعر 4 دولار للميدالية الواحدة!) ما أثار تساؤلات من قبل ممثلي النوادي حيث كان الاتجاه لعدم إعطاء براءة ذمة مالية، لكن بعد التوضيح المستفيض وتأكيد وجود الميداليات كاملة في مقر الاتحاد وهي ستكون كلها بتصرف اللجنة الادارية الجديدة، وافقت النوادي على البيان المالي.
تطيير النصاب
مشهد النصاب القانوني في الجلسة العادية سرعان ما تبدل في الجلسة الثانية التي كانت مخصصة لانتخاب لجنة إدارية وسط تنافس حاد بين تحالف نواد ضم 7 أندية، في وجه 5 نواد مدعومة من مسؤول رياضي في أحد الأحزاب يشغل منصباً وظيفياً في إحدى الوزارات.
وفي التفاصيل، جرت محاولات ومساع لتمرير تسوية تُجنّب الاتحاد معركة انتخابية، هذه المحاولات كانت قد بدأت صباح الاثنين عندما زار ممثل أحد الأندية (من تحالف النوادي الخمسة) والذي يشغل منصب مسؤول رياضي في آحد الاأحزاب إلى جانب وظيفة إدارية في إحدى الوزارات، مرشحاً لمنصب بارز في الاتحاد والتقاه لأكثر من 3 ساعات، في محاولة لإقناعه بتسوية مستخدماً لهجة غير رياضية، لكنه لم يصل إلى النتيجة المرجوّة.
هذه المحاولات تكررت خلال اللقاءات الجانبية الثنائية، والثلاثية تارة، وأحياناً الرباعية والخماسية التي جرت على هامش الجمعية العمومية العادية وقبل الجمعية العمومية الانتخابية التي تأخرت زهاء 45 دقيقة.
وتمحورت التسوية حول هدف واحد "تطيير" مرشح نادي بودا وفرض المرشح بشير زغيب من نادي "بادي باور" تحت شعار "التوافق" وتجنب معركة قد تكون نتيجتها مشابهة لنتيجة الفشل والهزيمة الكاسحة في انتخابات اتحاد ألعاب القوى من جهة، وتأكيد التحالف مع روكز زغيب لأهداف أبعد من اتحاد الجمباز من جهة أخرى.
هذا الطرح تصدى له رئيس نادي مون لاسال جهاد سلامة وأيده فيه غالبية ممثلي النوادي السبعة الذين رفضوا التضحية بممثل نادي بودا، على حساب مرشح نادي "بادي باور".
وسط الأخذ والرد، وتسجيل النوادي الـ12 حضورها للجلسة الانتخابية، ووسط التخبط في القرار عند النوادي الخمسة، تارة بالمشاركة بالجلسة وطوراً بالانسحاب منها بعد تأكدها فشل التسوية، ومع فشل اللقاءات الجانبية في فرط تحالف النوادي، رغم المحاولات الجاهدة لممثل أحد الأندية لاستخدام منصبه الحزبي، إلى جانب وظيفته اللإدارية في إحدى الوزارات لممارسة الضغوط في فرض أحد المرشحين، حتى وصل به الأمر لاستعمال لغة مذهبية وطائفية تحريضية، تارة في التلطي خلف الطائفة وتارة أخرى خلف المذهب. هذا الضياع في الموقف دفع رئيس الجلسة ممثل نادي الجمهور سمير شاغوري لإعطاء مهلة 10 دقائق للنوادي المنسحبة بالعودة إلى القاعة قبل إقفال المحضر.
مع مرور الدقائق العشر من دون وضوح في موقف النوادي الخمسة، جاء الجواب من وزارة الشباب والرياضة بأن محضر الجلسة أقفل ولن يعود فتحه مجدداً حتى لو طلبت النوادي الـ12 ذلك، وقبل ترحيل الانتخابات إلى جلسة الاثنين 30 كانون الأول الجاري، الساعة 19:00، في المكان نفسه فندق في فندق "4 points" في ڤردان، على أن يكون النصاب فيها قانونياً بالنصف زائداً واحداً، أي بحضور 7 نواد من أصل 12، تقدم مرشح نادي "بادي باور" بشير زغيب خطياً بانسحابه من الانتخابات وسلم الكتاب إلى ممثلي وزارة الشباب والرياضة.
وفي تطور لافت وغريب، صدر عن المديرة العامة لوزارة الشباب والرياضة بالتكليف فاديا نعيم حلال (قرار تكليفها هو موضوع طعن أمام مجلس شورى الدولة من قبل أحد الموظفين المعروفين) قرار يحمل الرقم 512/2/24 بتاريخ 26/12/2024 نبهت فيه أحد الموظفين بعدم التدخل بانتخابات الاتحادات الرياضية، متذرعة "بشكاوى عدة من رؤساء اتحادات" ومعتبرة أن القوانين المرعية الإجراء تمنع الموظف من التدخل في الانتخابات.
هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً الشك أن الوزارة في عهد الوزير الحالي لطالما كانت منحازة وطرفاً وتتعاطى مع القوانين (à la carte).
هذا القرار يثبت مرة إضافية أن الوزارة تكيل بمكيالين، لا بل تتعاطى مع الملفات من منطلق"صيف وشتاء تحت سقف واحد"!
هل تعلم الوزارة والوزير والمدير العام بالتكليف أن أحد المتدخلين في الانتخابات الرياضية الذي يشغل منصباً رياضياً حزبياً هو موظف في إحدى الوزارات وغالباً ما يستخدم منصبه الوظيفي للضغط في الانتخابات بشتى الطرق؟!
لا شك بأن هذا القرار كشف حقيقة موقف الوزارة وأثبت للمرة الألف أن قرار الوزارة ممسوك من جهة حزبية سطوتها قوية على كل العاملين في الوزارة.
رغم كل الضغوط، ما حصل في الجمعية العمومية للجمباز أكد سقوط سطوة الأحزاب على النوادي الرياضية، ولم يعد ينفع الترغيب والترهيب، وانتصرت الإرادة الرياضية على المصالح الحزبية الضيقة.
ما حصل في الجمعية العمومية للاتحاد اللبناني للجمباز قلب كل المعايير والمقاييس، وجاء امتداداً لما حصل في انتخابات معظم الاتحادات، وخاصة انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة السلة التي كانت تاريخية ومثالية بابتعادها عن التدخلات الحزبية والسياسية وعدم حصول معركة لأول مرة منذ عام 1996.
ما حصل يؤسس لمرحلة جديدة في الانتخابات الرياضية. مرحلة تكون فيها كلمة الفصل للنوادي لا للأحزاب والسياسيين.
تحالف النوادي السبعة ظل متماسكاً ولم يرضخ لضغط ممثل أحد الأندية الذي يشغل منصباً حزبياً إلى جانب وظيفة إدارية في إحدى الوزارات، بل بقي صامداً بوجه الترغيب والترهيب مقابل رضوخ 5 نواد "هربت" من الجلسة الانتخابية وأفقدتها قانونيتها، بعدما كانت قد سجلت حضورها، وبعدما تأكد أن ممثل أحد النوادي الذي يشغل وظيفة رسمية، هو وحزبه في طريقهما لتلقي هزيمة جديدة!