بالصور- مساجد طرابلس والشمال تغصّ بالمؤمنين في صلاة العيد
احتفل المسلمون في شمالي لبنان اليوم بعيد الأضحى المبارك على الرغم من الليلة العصيبة التي عاشها البلد جرّاء موجة غارات إسرائيلية واسعة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت ومحيطها.
ومنذ الصباح، توافد المؤمنون إلى المساجد لأداء صلاة العيد، وسط آمال بأن يعمّ البلد الأمن والاستقرار.

ووسط جمع من أهالي طرابلس، أمّ المصلين مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق أمام صلاة العيد، في الجامع المنصوري الكبير، بحضور الرئيس نجيب ميقاتي.
وتمنّى ميقاتي لـ"جميع اللبنانيين عيداً سعيداً وأياماً مليئة بالصحة والعافية وراحة البال والبحبوحة، وأن تُطوَى صفحة العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان وآخر فصوله الغارات الليلية على الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى".

كما غصّت مساجد أخرى في شمالي لبنان بالمصلين، إضافة إلى دوار أبو علي حيث افترش الطرابلسيون الأرض للصلاة.

من حهته، تناول المفتي أمام في مستهل خطبة العيد العدوان الإسرائيلي على الجنوب وعلى العاصمة بيروت، وقال: "لقد أبى العدو الغاشم الا ان يغمس عيدنا بالدم وان يذكرنا بانه موجود وبانه الذي سرق البلاد والذي اعتدى على المقدسات والذي يزهق الارواح ويميت الابرياء ويدمر كل شيء، ابى الا ان يذكرنا بانه عدو الإنسانية وعدو السلام، ولكن كل ذلك لا يزيدنا إلّا إصراراً وثباتاً وتمسّكاً بالحق والتفافاً حول القضية".
وتابع قائلاً: "إنّ ما يقوم به العدو يزيدنا تقوى بالله ويزيدنا ثباتاً على الحق رفضا للظلم والقهر ووقوفا مع المظلومين وبنفس القوة التي نرفض بها عدوان العدو بنفس القوة نقول لمن بايديهم السلاح، ولمن يعنيهم الامر في الداخل اللبناني أن نسارع لإيجاد حل لهذا السلاح بحيث يكون في خدمة الوطن والمواطن والمؤسسات الشرعية ليكون في نصابه الصحيح"، مضيفاً: "تعالوا لنبني معا دولة خالية من الفساد تعالوا لنكون معا في خندق واحد لنعيش في وطن مزدهر ومتطور ومستقر لان ذلك انفع للمقاومة وانفع للسلام وللبنان قوي وللبنان متماسك ولبنان مرتاح قوي داعم للقضية والمقاومة اقوى من لبنان المفكك والمشرذم لبنان الذي يعادي بعضه بعضا. تعالوا لكي لا يكون السلاح سببا لتعالي فئة على الاخر معه في الوطن ومذهبا على بقية المذاهب وطائفة على بقية الطوائف كي لا يكون هذا السلاح سببا لمكاسب ومميزات وامتيازات فهذا يجب ان يوجد له حل".

وقال الشيخ إمام: "بنفس القوه التي نرفض بها العدوان على عاصمتنا واهلنا ووطننا كل ذلك في سياق واحد والامر مستطاع اذا ما صفت النيات وحسن القصد وجرى تصويب البوصلة على ما يفيد لبنان ويحقق سيادته، بان نكون جميعا هدفنا سيادة وطننا بما يليق بابنائه الذين يختزنون الطاقات العالية والخبرات المهمة وينتشرون في الارض. من المعيب ان لا يكون وطنهم حاضنا لهم فلنكن في وطن متماسك قوي يسوده القانون والكفاءة والاهلية ويسري ذلك على الجميع ويعيش فيه الجميع على قدم المساواة، ويكون الجميع فعلا منصهرين في وحدة وطنية يعنيهم الوقوف صفّاً واحداً مقابل عدو على حدودنا لا يعرف معنى الرحمة ولا يرى الا الظلم والقتل والتدمير".
إلى ذلك، تناول المفتي امام مفهوم العيد على مستويات الايمان والتضحية، مشدّداً على أنّ "الدنيا ليست دار المغانم انما هي دار المغارم للعمل وللسعي واللين في التعامل مع الناس ولو كان ذلك على حساب شيء مما تراه حقا لك. بهدف اسمى وهو جمع الكلمة وهو التعاون والنفع العام والمصلحة العامة وهذا يعنينا في طرابلس وفي مجلسها البلدي الكريم والذي لا شك ان الجميع فيه على قدر من الطيبة والغيرة والاقدام والكفاءة ولكن لتكن التقوى في القلب ولتكن التضحية ايضا سلوكا وعملا في كل امورنا وفي علاقاتنا".
كما لفت إلى أنّ "العيد يعلمنا ايضا التجرد الذي يتجلى بابهى صورة له في الحج فيلبس الجميع ثيابا واحدة لا تفرق اميرا من فقير وبالتالي فان التشرذم ينعكس سلبا على الشعوب والإنسانية وينعكس على شعور الانسان قبل سلوكه وهذا نريد ايضا ان نعيشه في طرابلس وفي المجلس البلدي الكريم باذن الله تلتئم الامور وتتيسر وتصفو التوجهات اما النفوس فهي صافية ان شاء الله ولكن لابد من التقوى والتضحيه والتجرد حتى نكون جميعا في الطريق السليم وفي ما تريده طرابلس التي تتطلع لكي تعيش في امان وان تحظى ببلدية تعكف على مصالحها وتنمي وتحفظ وتقوم بدورها".

وعمت الصلوات مختلف مساجد قرى وبلدات محافظة عكار وأدى المصلّون صلاة العيد داخل المساجد وفي باحاتها الخارجية.
وأدى مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا صلاة عيد الأضحى في مسجد حلبا الكبير، بحضورالنواب وليد البعريني، محمد سليمان، محمد يحيى ورئيس بلدية حلبا عبدالحميد الحلبي.
وكان محافظ عكار عماد اللبكي في استقبال المفتي أمام دار الإفتاء قبل التوجه إلى المسجد.
وشارك في الصلاة ايضا عضوا المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى النقيب محمد المراد، د. كفاح الكسار وفعاليات ورؤساء بلديات وحشد كبير من المصلين.

ودعا مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا في خطبة العيد إلى إحياء شعيرة الأضحية لما فيها من فضل وأهمية في التعبير عن الخضوع لله تعالى، مؤكدًا أن "الله ليس بحاجة إلى دمائها ولا لحومها، بل هي تعبير عن التقوى والطاعة والانقياد لأمر الله عز وجل".
ولفت إلى أن البعض يتهرب من أداء الأضحية ويتحجج بذرائع غير مبرّرة، في حين لا يترددون في صرف الأموال على الرصاص والمفرقعات، التي تُهدر دون فائدة وتسبب الأذى للناس. وسأل: "كيف يُعقل أن نعجز عن إطعام فقير أو مشاركة محتاج، ولا نعجز عن إنفاق المال على ما يؤذي الآخرين؟"
وشدد المفتي زكريا على أن الفرح في العيد هو عبادة، حتى في ظل الجراح العميقة التي تعصف بالأمة، من غزة الجريحة إلى بيروت المنكوبة، قائلاً: "هذا لا يعني ألا نفرح، بل على العكس، فالفرح عبادة، وإدخال السرور إلى قلوب الأطفال من أعظم الأعمال عند الله".
وتوقف عند الواقع الاجتماعي، محذرًا من نتائج فقدان العاطفة في البيت، معتبرًا أن "الابن الذي لا يجد حنانًا في بيته قد يلجأ إلى المخدرات، والفتاة التي لا تجد حبًا وأمانًا بين أهلها قد تبحث عنه خارج البيت"، داعيًا إلى إعادة ترميم الروابط الأسرية والتربوية.

ودعا إلى تنقية القلوب من الحقد بعد ما شهدته الساحة من تنافسات في الانتخابات البلدية، وقال: "الخسارة ليست في الانتخابات، بل في خسارة الأخوّة والتلاقي، ويجب أن نتصافح ونتسامح، فذلك من صلب ديننا وأخلاقنا".
وفي سياق حديثه عن الوضع العام، استنكر المفتي زكريا عجز الأمم عن فرض وقف لإطلاق النار في غزة، مستهجنًا "كيف تغير الطائرات على بيروت في ليلة العيد دون رادع أو محاسبة".
وختم بالدعوة إلى المبادرة بالسلام والابتسامة في وجه الأخ المسلم، مطالبًا أولياء الأمور بعدم ترك أبنائهم في غمرة العيد عرضة للانحراف أو التسبب بالأذى للآخرين بالمفرقعات أو التصرفات الطائشة.
مشددًا على أن المسؤولية التربوية والأخلاقية في هذه المناسبة تقع على عاتق الجميع.
نبض