أهالي بلدات الحافة الأمامية يعودون فلا يجدون منازلهم!

عاد الجنوبيون إلى بلداتهم الحدودية المدمرة جراء التفجيرات التي نفذها الجيش الإسرائيلي بعد بدء سريان اتفاق وقف النار، وفي أعقاب الغارات الكثيفة على منازلها منذ بدء العدوان. فكيف بدت أحوال تلك البلدات؟
منذ ساعات الفجر الأولى تجمع أبناء البلدات الحدودية للعودة، على الرغم من الدمار الكبير الذي خلفه الجيش الإسرائيلي جراء التفجيرات الكثيفة التي نفذها هناك بعد انتهاء فترة الستين يوما. البداية كانت من القطاع الأوسط وتحديدا من بلدتي يارون ومارون الراس المحاذيتين للحدود. ففي يارون تجمع أهالي البلدة في الساحة، في انتظار أن ينجز الجيش اللبناني فتح الطرق وإجراء المسح الأولي خشية وجود مفخخات في منازل لا تزال قائمة.
رئيس البلدية علي تحفي أكد أن الأهالي عائدون على الرغم من الدمار الكبير. وقال: "البلدة منكوبة وتحتاج إلى تضافر جهود كل الجهات الرسمية لإعادة إعمارها. أما الأهالي فارتسمت على وجوههم الصدمة لمعاينتهم حجم الدمار المخيف، علما أن الطرق داخل البلدة لم يعد لها أثر.
نسبة الدمار في يارون كبيرة وتجاوزت الـ60 في المئة. ودور العبادة لم تسلم من الاعتداءات الإسرائيلية، وخصوصا بعد 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ولم تسلم كنيسة يارون ومسجد البلدة من الحقد الإسرائيلي.
في موازاة عودة الأهالي، كان البحث مستمرا عن جثامين الشهداء تحت ركام المنازل وفي أحياء ملاصقة للحدود.
وتقول امرأة خمسينية: "هناك كان منزلي. الرزق تبخّر ولكن سنعيد الإعمار". بدا واضحا أن إرادة البقاء والتصميم على العودة يمحوان بعضها المآسي جراء العدوان الذي صبّ جام حقده على هذه البلدة الحدودية.
مارون الراس... كانت هنا
أهالي مارون الراس الذين احتشدوا منذ ساعات الفجر في انتظار السماح لهم بدخول بلدتهم، كانت أحوالهم أكثر سوءا من جيرانهم في يارون. هنا في مارون الراس ما من منزل واحد ليعود إليه أهله. كل المساكن صارت أثرا بعد عين. 500 منزل في البلدة دُمّرت تماما بسبب الغارات الإسرائيلية والتفجيرات التي نفذها الجيش الإسرائيلي خلال سريان اتفاق وقف النار.
تصعد إلى مارون الراس، البلدة الأكثر ارتفاعا في جبل عامل (900 متر عن سطح البحر)، لتجد فقط 18منزلا لا تزال قائمة على الطريق التي تصلها ببنت جبيل، لكنها متضررة.
قرب المسجد المدمر عدد من الأهالي بعضهم لا يعرف أين كان منزله. لا شيء غير جبال من الركام في هذه البلدة، وفي الوقت عينه كان البحث عن جثامين الشهداء مستمرا.
تسعة شهداء تم انتشالهم من وسط البلدة، فيما كانت جرافات الجيش اللبناني تعمل على فتح الطرق وفرق الهندسة تكشف على ما تبقى من منازل خشية وجود متفجرات تركها الجنود الإسرائيليون. هنا الكثير من صناديق الذخيرة الفارغة التي أطلقت على المنازل لتدميرها أو لإحداث أكبر ضرر فيها.
حسن علوية، أحد سكان مارون الراس، يقف على تلة مشرفة على مستوطنة أفيفيم ويقول: "هنا كانت منازلنا وهنا كان جنى العمر. لقد عدنا إلى مارون الراس وسنعيد إعمار هذه البلدة".
أما في بليدا المجاورة لعيترون، فالمشهد يتكرر. معظم المنازل دُمّرت، ولاسيما تلك التي هي على جانبي الطريق الرئيسية التي تربط عيترون بميس الجبل. فهذه البلدة كانت هدفا للغارات الإسرائيلية منذ بدء المواجهات على الحدود في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وقدمت العشرات من أبنائها، وعلى ترابها قضى العشرات ممن واجهوا الهجوم البري الإسرائيلي مطلع أكتوبر الفائت.
أما في القطاع الشرقي فإن المشهد الأكثر قساوة كان في كفركلا التي امّحت معالمها ولم يعد هناك من مكان يدل على طريق أو منزل أو مدرسة أو جامع. في كفركلا أيضا تم انتشال جثامين 45 مقاوما، فيما كان البحث مستمرا حتى ساعات ما بعض الظهر .
في عديسة المشهد مشابه لما شهدته البلدات الحدودية من غارات وتفجيرات وإحراق منازل حتى الساعات الأخيرة من انتهاء مهلة تمديد وقف النار، أي فجر الثلثاء.
في المحصلة، عادة الجنوبيون إلى بلداتهم، وكثر ممن تفقدوا ركام منزلهم لديهم ثقة بأن هذه البلدات سيعاد أعمارها، ولكن متى؟ وهل تساهم الحكومة في ذلك؟ وهل يسمح للأهالي بالحصول على تمويل من دول صديقة؟ وكم تستغرق إعادة الإعمار؟
أسئلة كثيرة تراود الجميع، لكن الثابت والمؤكد أن هذه القرى تحررت من الجيش الإسرائيلي بعد أكثر من 100يوم، ولكن التحرير ليس كاملا مع استمرار احتلال نقاط عدة في الأراضي اللبنانية.