بين ركام الدمار والإيجارات المرتفعة: تحدّيات جديدة في الضاحية بعد الحرب

مجتمع 14-12-2024 | 13:00

بين ركام الدمار والإيجارات المرتفعة: تحدّيات جديدة في الضاحية بعد الحرب

"نتنقل الآن بين منازل أقاربنا، فالإيجارات خيالية تبدأ من 700 دولار شهرياً، والعمل شبه معدوم. خسرت محلي الذي كان مصدر رزقي، حيث دُمّرت نصف البضاعة بالكامل والباقي غير صالح".
بين ركام الدمار والإيجارات المرتفعة: تحدّيات جديدة في الضاحية بعد الحرب
دمار في الضاحية الجنوبية لبيروت.
Smaller Bigger

أحمد م. الزين

 

"نتنقل الآن بين منازل أقاربنا، فالإيجارات خيالية تبدأ من 700 دولار شهرياً، والعمل شبه معدوم. خسرت محلي الذي كان مصدر رزقي، حيث دُمّرت نصف البضاعة بالكامل والباقي غير صالح". بهذه الكلمات يصف داوود، ابن الضاحية الجنوبية، وضعه بعد انتهاء الحرب. لم يكن يتخيّل أن التحدي الأكبر سيبدأ مع محاولته العودة إلى حياته الطبيعية. حديثه لـ"النهار" من أمام منزله ومحله المدمّرين بفعل غارة إسرائيلية في منطقة الشياح عكس مشاعر الحيرة والخوف مما ينتظره في المستقبل. لحسن الحظ، استضافته شقيقته وعائلته مؤقتاً، وهذا أنقذه من وطأة الإيجارات المرتفعة التي تضاعفت بعد الحرب بفعل زيادة الطلب عليها، خاصة ضمن نطاق الضاحية الجنوبية والجوار.

 

رغم الضرر الكبير الذي طال داوود في "مصلحته" الخاصة بكهرباء السيارات وتدمير منزله تدميراً شبه كامل، مع توقف العمل منذ بداية الحرب وحتى بعد انتهائها، يروي معاناته قائلاً: "لا أحد أتى لتقييم الأضرار أو المساعدة. أفكر في الخروج من الضاحية، لكن أين أذهب بلا موارد؟ الحرب سرقت مني كل شيء، ولكننا سنظل متمسكين بالحياة رغم كل شيء". 

 

بالقرب من داوود، وفي المبنى نفسه، يقف أكرم قبيسي أمام محله المختص بتصليح السيارات، ولكن بلا سيارات أو سقف للمحل. يعيش أكرم كفاحاً يومياً لإعادة الحياة إلى مكانه الذي دُمّر بفعل الحرب. يروي تفاصيل تجربته قائلاً: "عندما عدت، وجدت المكان مهدّماً بالكامل، السقف سقط والركام يغطي كل شيء. بدأت أزيل الركام بنفسي، ووضعت باباً جديداً فقط لأتمكن من الحفاظ على ما بقي". 

 

رغم أن البناية التي يقع فيها محله مهددة بالسقوط، يُصر أكرم على البقاء فيها قدر المستطاع. يقول: "لا أستطيع استئجار محل في مكان آخر، الأسعار خيالية، تبدأ من 700 دولار وتصل إلى 1000 دولار شهرياً. الحرب جعلت الجميع يرفعون الأسعار، وكأنها فرصة لاستغلال حاجة الناس".

 

ما يدفع أكرم للتمسك بموقعه ليس فقط محدودية الخيارات، بل ارتباطه العاطفي بمنطقته. "خلقنا وربينا هنا. حاولت العيش خارجها، لكنني لم أستطع. إذا أعادوا بناء البناية يوماً ما، فسأعود فوراً. هذا المكان هو حياتي". وسط هذا الدمار، يحمل أكرم أملاً بسيطاً: "ما أريده هو السلام والأمان للجميع. أعمل الآن فقط لتسيير أموري اليومية، بانتظار الفرج. الخسائر كبيرة، لكنني آمل أن نعود ونبني كل شيء من جديد".

 

خلف مصالح داوود وأكرم، كانت ندى شمس الدين في زيارة لمنزلها الذي تحوّل نصفه إلى ركام. جاءت لتتفقد حال منزلها، وعندما دخلت المبنى، ارتطم رأسها بحديدة بارزة بين الركام، لتتساقط الدماء على وجهها. وبعدما استجمعت قواها، قالت ببسمة صغيرة تخفي وراءها حزناً وألماً: "صرت جريحة حرب أيضاً". ندى التي كانت تعيش مع والدها المسن، عندما عادت إلى منزلها، وجدته كومة من الأنقاض. "كل شيء محطم. لا أبواب ولا نوافذ. المطبخ دُمّر بالكامل، لا ماء ولا كهرباء. البيت لم يعد يصلح للسكن بأيّ شكل من الأشكال". ندى ووالدها الآن يبحثان عن مأوى جديد. تشرح الوضع بصوت مملوء باليأس: "نحن معتادون العيش في الضاحية، لكن الإيجارات هناك باهظة للغاية. لا أستطيع تحمّل هذه التكاليف. حاولنا الانتقال إلى مناطق أخرى، لكننا لم نشعر بالراحة بعيداً عن منطقتنا".

 

ندى في حديثها تقول إن كل ما تريده الآن هو منزل بسيط تعيش فيه مع والدها حتى تعرف مصير المبنى، وتتساءل: "هل سيُعاد إعماره؟ متى؟ لا أحد يعرف".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين