تصاعد معركة التكليف: مخزومي مرشح المعارضة... لبنان ينفتح عالمياً وتدشين التواصل اللبناني – السوري

وسط "انهمار" الاتصالات الدولية والعربية من كبار زعماء الدول مهنئة الرئيس العماد جوزف عون، ومسارعة عدد منهم الى حجز المواعيد للقيام بزيارات سريعة للبنان، بدءاً بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قابل الأيام ، بما بشكل فصلاً بارزاً من فصول التبدلات الإيجابية بعد انتخاب الرئيس عون، بإعادة فتح لبنان على العالم، وفيما سجلت زيارة صنفت بأنها تاريخيّة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى دمشق، للمرة الأولى منذ التطور التاريخي الذي تمثل بسقوط نظام الأسد، وسط هذا اندفع ملف الاستحقاق الحكومي بسرعة كبيرة في الساعات الأخيرة، وينتظر ان يبلغ ذروة حسمه عصر غد الاثنين أو مساء. استحقاق تكليف الشخصية السنية التي ستولى تشكيل أولى حكومات العهد الجديد، اتخذ مساء امس طابع ترسيخ المعركة السياسية والتغييرية حين بدا واضحاً أن قوى المعارضة السابقة التي كانت النواة الصلبة في تشكيل الأكثرية التي انتخبت الرئيس جوزف عون، قررت المضي قدماً في السعي الى تغيير الرئيس ميقاتي وتزكية النائب فؤاد مخزومي بديلاً منه في تشكيل الحكومة الجديدة، فيما ثمة قوى أخرى وعلى رأسها الثنائي الشيعي تريد إبقاء ميقاتي على رأس الحكومة الأولى للعهد الجديد .
وبذلك، فتحت معركة التكليف على الغارب بما سيضع كلاً من "اللقاء الديموقراطي" و"التيار الوطني الحر" في موقع بيضة القبان لترجيح الكفة في هذه المواجهة . وثمة احتمال أن تشهد الساعات المقبلة مشهداً مشرذماً إذ تجاوز عدد الأسماء المرشحة للتكليف اسمي ميقاتي ومخزومي، باعتبار أن عدداً من النواب التغييريين، كما النائب مروان حمادة، سمّوا مرشحهم، في مواقفهم المعلنة استعداداً للاستشارات القاضي في محكمة العدل الدولية نواف سلام، علماً أن اسم سلام قد يستقطب تأييداً وازناً، فيما أعلن النائب إبراهيم منيمنة ترشحه أيضاً الأمر الذي قد يوزع مواقف الكتل والنواب على عدد من المرشحين، من دون ضمان الأكثرية سلفاً لاي منهم إلا في ظل ما قد تشهده الساعات الفاصلة عن يوم الاستشارات من خلط أوراق .
وعشية الاستشارات النيابية التي تنطلق غداً الاثنين، اجتمع نواب المعارضة السابقة في مكتب النائب فؤاد مخزومي الذي سيعلن اليوم ترشحه من دار الفتوى، فيما تتوالى اليوم وصباح غد اجتماعات الكتل ومنها اجتماع اليوم لـ"اللقاء الديموقراطي" في كليمنصو. وأصدر نواب قوى المعارضة البيان الآتي:
"مواكبة منا للمرحلة الجديدة في لبنان، والتي اطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في خطاب القسم، ووضع فيها العناوين الانقاذية التي تحتاجها الدولة اللبنانية، والتي تتطلب مواكبة حكومية، ونهجاً واسلوباً جديدين في إدارتها، اجتمع نواب قوى المعارضة وقرروا تحصين هذا المسار بعيداً من إرث الماضي في المحاصصة والفساد.
وبعد نقاش معمق حول ظروف المعركة، وضرورة فتح صفحة جديدة في موقع رئاسة الحكومة، قرر نواب قوى المعارضة دعم ترشيح النائب فؤاد مخزومي وتزكيته في الاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين المقبل".
وفي مواقف متصلة، أعلن النائب فراس حمدان أن: "عنوان المرحلة لنهار الاثنين: إسقاط تسمية الرئيس ميقاتي، مرشحنا نهار الإثنين سيكون شخصية من قوام ابراهيم منيمنة ونواف سلام".
بدوره، رأى النائب وضاح الصادق أن "النواب أمام مسؤولية ألا يُحبطوا اللبنانيين مجدداً، وأن يذهبوا إلى خيار رئيس حكومة سيادي إصلاحي مؤمن بمشروع التغيير، لا يخضع للطبقة الفاسدة أو يكون شريكاً فيها، وإلا سيكون الإحباط في حجم فرحة انتخاب الرئيس جوزف عون".
وأعلن النائب مروان حمادة انه يرشح نواف سلام لترؤس الحكومة نظراً الى الآفاق الجديدة في لبنان والشرق الأوسط.
عون : الدولة لا السياسة
في غضون ذلك، وفي أول مواقفه أمام الزوار المهنئين بانتخابه، اعلن الرئيس عون انه "لم يأت ليعمل في السياسة انما ليبني وطناً"، وأمل في "تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لكي يجري وضع الأمور على السكة الصحيحة، ونبدأ ببناء جسور الثقة مع الخارج الجاهز".
وأضاف: "هذا عهد كل لبناني أيا يكن مركزه ومهما كانت طائفته. لدينا فرصة كبرى إما نربحها وإما نخسرها، ولكي نستفيد منها علينا ان نكون يداً بيد".
وأضاف خلال استقباله مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من مفتيي المناطق ومسؤولين في دار الفتوى لتهنئته بانتخابه: "لم آتِ لأعمل في السياسة، بل لبناء دولة، والدولة لا تقوم إلا على العدالة، والمساواة بين جميع المكونات التي تجمعها هوية واحدة"، مشدّداً على أنّ "لدينا القدرات والإمكانات والطاقات البشرية، وهذه ثروة مستدامة قادرة على الإنتاج، أهم من الثروات الطبيعية. المطلوب فقط النية الصافية لمصلحة لبنان وليس للمصلحة الشخصية". وأشار إلى أنّ "علينا أن نستعين بمساعدة الخارج لا أن نستقوي بالخارج على الداخل. ولا فضل لطائفة على أخرى أو لشخص على آخر"، مشدّداً على "أنّنا جميعنا لبنانيون ونحمل الهوية ذاتها وننشد النشيد الوطني نفسه، والعلم اللبناني لنا جميعاً. حق الإختلاف مقدس، ولكن حق الخلاف غير مسموح".
وتلقى رئيس الجمهورية اتصالا من ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أعرب له فيه عن تهنئة الملك سلمان بن عبدالعزيز بإنتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية. وتناول الحديث المستجدات وسبل تعزيز العلاقة الفريدة والتاريخية بين المملكة العربيه السعودية ولبنان. ووجه اليه دعوة لزيارة المملكة فشكره، مؤكدا أن "المملكة العربية السعودية ستكون أول مقصد له في زياراته الخارجية تلبية لدعوته، وإيمانا بدورها التاريخي في مساندة لبنان والتعاضد معه وتأكيدا لعمق لبنان العربي كأساس لعلاقات لبنان مع محيطه الاقليمي".
كذلك تلقى راتصالاً من رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هنّأه فيه على انتخابه وعلى "الثقة التي منحه إياها اللبنانيون"، متمنياً له "التوفيق في مهماته والنجاح في مسعاه للنهوض بلبنان". وأكد وقوف بلاده "الى جانب لبنان والشعب اللبناني، والمساهمة في كل ما يعزز العلاقات بين البلدين وتوطيدها لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين"، وابلغه انه بعد انتهاء الاستحقاق الرئاسي، قررت الامارات "إعادة فتح سفارتها في بيروت، على أن يبدأ العمل فيها في أقرب وقت ممكن".
وتلقى رئيس الجمهورية اتصالاً هاتفياً من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس هنأه فيه بإنتخابه، متمنياً له التوفيق في مسؤولياته الوطنية الجديدة . واكد غوتيريس دعم الامم المتحدة للبنان في شتى المجالات واستمرارها في المساعدة التي تتطلبها الأوضاع الراهنة من خلال المنظمات الدولية العاملة في لبنان . وابلغه رغبته في زيارة لبنان السبت المقبل للتهنئة، والبحث في برنامج عمل المنظمات الدولية في المرحلة المقبلة .
وشكر ه الرئيس عون على تهنئته، مقدراً الدعم الذي تقدمه الامم المتحدة الى لبنان في كل الميادين، مرحباً بالزيارة التي يعتزم القيام بها إلى لبنان .
ميقاتي والشرع
التطور البارز الآخر تمثل أمس بزيارة الرئيس ميقاتي لسوريا، في أول زيارة بعد إطاحة نظام الاسد، واجتمع مبقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في قصر الشعب. وأكد ميقاتي في مؤتمر صحافي مشترك مع الشرع ان "لبنان يحتضن أعداداً كبيرة من اللاجئين، وبات من الملحّ للبلدين معالجة هذا الملف سريعاً. ولمستُ لدى الشرع كل الترحيب للعمل عليه".
أضاف: "أكّدنا على العلاقات الندية، وطالما أن سوريا بخير لبنان بخير . وعلينا تفعيل العلاقات الإيجابية وتطرقنا إلى موضوع الحدود وحماية أمن البلدين ومنع أي أعمال قد تسيء الى سوريا ولبنان". وتابع ميقاتي: "ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا على سلّم الأولويات ويجب ضبط الحدود بشكل كامل لوقف أي عملية تهريب بين البلدين".
من جهته، أكد الشرع أن العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا كانت محور النقاش، مشيرًاً إلى "أن دمشق ستقف على مسافة واحدة من الجميع في لبنان".
وأضاف : "إن الهدف هو بناء علاقات إيجابية بين الشعبين السوري واللبناني على أساس الاحترام المتبادل وسيادة البلدين"، كما أكد أن سوريا "تسعى الى معالجة جميع المشاكل بالحوار".
وأشار إلى أنه "إذا كان الأمر بيده، لفتح الحدود تمامًاً مع لبنان"، مؤكدًا "أن العلاقات بين البلدين يجب أن تكون مبنية على أساس الأخوة".
وأشار الى "أن مسألة الحدود تتعلق بالجمارك". وختم : "أولوية سوريا الآن هي الحفاظ على أمن البلاد وحصر السلاح بيد الدولة السورية". وردًّا على سؤال، أجاب الشرع: "رأينا أن هناك شبه توافق في لبنان على جوزف عون وندعم هذا التوافق، وأعتقد أنه ستكون هناك علاقات استراتيجية طويلة الأمد تُبنى على قواعد سليمة".