عروض "تفاوضية" والرئاسات على خط الاستنفار... الزيارة البابوية للبنان بين لاوون وعون والراعي

سياسة 19-10-2025 | 23:50

عروض "تفاوضية" والرئاسات على خط الاستنفار... الزيارة البابوية للبنان بين لاوون وعون والراعي

لبنان لا يزال ينظر بريبة إلى عدم ممارسة ضغوط قوية وكافية على إسرائيل لوقف التصعيد المتدحرج والخنق الاقتصادي الذي تمارسه على مناطق جنوب الليطاني.  
عروض "تفاوضية" والرئاسات على خط الاستنفار... الزيارة البابوية للبنان بين لاوون وعون والراعي
الرئيس عون واللبنانية الأولى والبابا لاوون في الفاتيكان (الرئاسة)
Smaller Bigger

مع أن المشاركة اللبنانية الرسمية والدينية في اليوم الفاتيكاني الاحتفالي أمس، شكلت في جزءٍ منها الخطوة التمهيدية المتقدمة لزيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فإن الهم الأساسي الذي بات يشغل المسؤولين اللبنانيين وتحديداً الرؤساء الثلاثة يتركز منذ سريان اتفاق غزة على تعاظم احتمال فتح المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، ولو أن أي آلية مفترضة لهذه المفاوضات لن تُعرف قبل أوان التمهيد لهذه المفاوضات ما لم تطرأ تطورات حربية واسعة ضد لبنان من جانب إسرائيل.

 

وفي الوقت الذي ستأخذ فيه الإجراءات والترتيبات الأمنية واللوجستية لتأمين نجاح زيارة البابا للبنان حيّزاً أساسياً من اهتمامات الدولة نظراً إلى التبعات الكبيرة التي رتبتها مبادرة البابا بتخصيص لبنان بالزيارة الخارجية الأولى له منذ اعتلائه السدّة البابوية، لا تستبعد أوساط معنية أن يكون استحقاق الزيارة البابوية أحد الروادع الأساسية لأي عملية إسرائيلية واسعة، أقلّه في الفترة الفاصلة عن الزيارة من دون أن يشكل هذا الاحتمال عامل اطمئنان حيال استمرار نمط الغارات التي تشنها إسرائيل على الجنوب والبقاع الشمالي، علماً أن الجيش الإسرائيلي بدأ أمس أكبر مناورات عسكرية له منذ سريان اتفاق غزة على امتداد الحدود مع لبنان، الأمر الذي يشكل رسالة ضغط واضحة على لبنان.

 

والحال أن مسألة استعداد لبنان للتفاوض مع إسرائيل قبل اتضاح أي آلية مفترضة أو محتملة لهذا التفاوض، أخذت حيّزاً اساسياً متنامياً من المشهد الداخلي بعدما شكلت مادة التشاور الأساسية بين الرؤساء الثلاثة جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام في الاجتماعين اللذين عقدهما رئيس الحكومة الجمعة الماضي مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. وعلى رغم إحاطة هذه المشاورات بستار من الكتمان من جانب الرئاسات الثلاث، تكشف المعطيات المتوافرة لـ"النهار" بأن النقاش بينهم سادته جدية كبيرة وعلى الأرجح تفاهم عريض على شدّ الأحزمة اللبنانية حيال الاحتمالات التي يرتّبها أي استحقاق تفاوضي، ولو أن أي آلية لهذا الاستحقاق لم تتبلور ولن تتبلور قبل أوانها في حال صارت المفاوضات أمراً لا بد منه. ويرتكز المفهوم التفاوضي الذي أعلن الرئيس جوزف عون استعداد لبنان لتأديته، وفق هذه المعطيات، إلى تجربة اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة. وهذا يعني تالياً مفاوضات غير مباشرة بإدارة وسطاء أميركيين وأمميين. ولكن هذا الأمر يبدو بمثابة إرسال رسالة أولية وانتظار الأصداء عليها، علماً أن المسؤولين اللبنانيين يترقبون التحاق السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى بمنصبه في عوكر نهاية الشهر الحالي لتبين المقاربة الأميركية الجديدة حيال لبنان ومن ضمنها موضوع التفاوض وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه. ولا تخفي المعطيات المتوافرة ارتياحاً لبنانياً إلى معطيات وصلت إلى المعنيين عن ارتياح أميركي وفرنسي تحديداً إلى إعلان رئيس الجمهورية استعدّاد لبنان للتفاوض بما يعكس ملاقاة مرحلة ما بعد اتفاق غزة، ولو أن لبنان لا يزال ينظر بريبة إلى عدم ممارسة ضغوط قوية وكافية على إسرائيل لوقف التصعيد المتدحرج والخنق الاقتصادي الذي تمارسه على مناطق جنوب الليطاني.  

 

وتفيد معلومات أن الرئيسين عون وسلام تلقيا أكثر من إشارة خارجية تشدد على الطلب من الحكومة الدخول في هذا النوع من المفاوضات الذي خبره لبنان مع إسرائيل منذ اتفاقية الهدنة عام 1949 لترتيب مستقبل الملفات العالقة بين الطرفين.

 

جرافة دمرتها غارة إسرائيلية (وكالات)
جرافة دمرتها غارة إسرائيلية (وكالات)

 

وإذا كان عون أول المعنيين والعاملين على هذا الملف، فقد تلقى سلام رسالة غربية توضحت خطوطها أكثر في زيارته الأخيرة إلى باريس ولم يكن عون بعيداً من مضمونها، ولذلك عمد إلى الكشف عن مكنوناتها بالدخول في تفاوض غير مباشر مع تل أبيب تزامناً مع اتفاق غزة الذي يرعاه الرئيس دونالد ترامب.

 

وفي المعلومات أن سلام ناقش هذا الموضوع مع الرئيس نبيه بري الذي يركز على أنه على لبنان العمل على إنهاء الوضع القائم في الجنوب ومنع استمرار حلقات مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في الجنوب، والتي لم تعد تقتصر على أهداف تعود لـ"حزب الله"، ولم يبد بري جواباً نهائياً حول التفاوض قبل توضيح بنود العروض التي يتلقاها المسؤولون وردّ فعل إسرائيل وانتظار خلاصة المرحلة الاولى من اتفاق غزة وبلورة هذه الخطوة مع "حزب الله".

 

 

الراعي في الفاتيكان (فيسبوك)
الراعي في الفاتيكان (فيسبوك)

 

في هذا السياق، تحدث تقرير لمحطة "الحدث" السعودية عن أن لبنان تلقى عرضاً بحصر سلاح "حزب الله" خلال زيارة الرئيس جوزف عون إلى نيويورك، مشيرة إلى أن الرئيس اللبناني نقل العرض إلى "حزب الله" عبر الرئيس نبيه بري. وأشار التقرير إلى أن العرض الذي تلقاه لبنان في نيويورك حول سلاح "حزب الله" يُبحث على أعلى المستويات" وأن صيّغاً متعددة مرتبطة بـسلاح "حزب الله" مطروحة والأخير منفتح على بحثها. وأضاف أن "حزب الله" سيطلب "ضمانة" عربية  في المرحلة المقبلة لتسليم سلاحه وهو مقتنع بأن "عقيدة القتال" من أجل فلسطين انتهت.

وفي المقابل، كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أمس أن "حزب الله" يعمل حالياً بشكل شبه كامل تحت الأرض، ويعيد بناء هيكله القيادي وقوته العسكرية بشكل سري، بمساعدة مباشرة من إيران. وذكرت أنه بعد عام من عملية "البيجر" الإسرائيلية واغتيال حسن نصر الله، العمل يسير بسرية تامة لإعادة ترميم الصفوف بشكل شبه سري. وأشارت إلى أنه "في الوقت الذي تبدي فيها ميليشيا "حزب الله"، المدعومة من جانب إيران موافقتها بشكل ظاهري على نزع سلاحها، إلا أنها فعلياً تسير بخلاف ذلك في معاقلها الأخرى، وأن "حزب الله في جنوب لبنان، رضخ لضغوط الحكومة ووافق على تفكيك نحو 80% من مخزون أسلحته، لكنه في الوقت نفسه حافظ على بنيته التحتية وذخيرته في شمالي البلاد وفي وادي لبنان.

ووفقا للتقريراستعادت إيران سيطرتها المحكمة على الميليشيا اللبنانية، لكنها أمرتها بالانتقال إلى موقع دفاعي وعدم السعي إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

بالعودة الى اليوم الفاتيكاني الاحتفالي أمس، فقد شارك رئيس الجمهورية جوزف عون وزوجته السيدة نعمت عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وشخصيات لبنانية وزارية ونيابية عدة، فضلاً عن وفود مدنية ودينية لبنانية في القداس الاحتفالي الذي تم فيه إعلان الطوباوي المطران اغناطيوس مالويان من الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، قدّيساً على مذابح الكنائس الكاثوليكية. وفي نهاية القداس حيّا البابا الرئيس عون على مشاركته في القداس، وكذلك الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا والوفد الرسمي الذي أتى من أرمينيا.

 

وقبل القداس استقبل البابا الرئيس عون وزوجته، حيث أكد رئيس الجمهورية "أن لبنان بجميع أبنائه في انتظار زيارة قداسته نهاية الشهر المقبل بفارغ الصبر وأن كل الترتيبات اتخذت لنجاح الزيارة التي شكره على تلبيتها". وردّ البابا مؤكداً قيامه بهذه الزيارة التي "يريدها زيارة سلام ورجاء". كذلك التقى الرئيس عون في مكان الاحتفال الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا.

وقبل توجّهه إلى الاحتفال استقبل الرئيس عون في مقر إقامته في روما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي اطلع الرئيس عون على أجواء لقائه أول من أمس بالبابا، لا سيما في ما خص زيارته الرعوية المرتقبة إلى لبنان في نهاية الشهر المقبل، كما تطرّق الحديث بين الرئيس والبطريرك إلى مواضيع الساعة والتطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة.

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.