الأرمن الكاثوليك في صميم حاضرة الفاتيكان بتقديس مالويان... حضور متميز لبنانياً عبر العقود ومزج مجتمعي بين هويتين

سياسة 19-10-2025 | 16:22

الأرمن الكاثوليك في صميم حاضرة الفاتيكان بتقديس مالويان... حضور متميز لبنانياً عبر العقود ومزج مجتمعي بين هويتين

ليست الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية إلا كنيسة متحدة بالكنيسة الكاثوليكية، ومناسبة التقديس ستؤكد هذا العمق الروحي.
الأرمن الكاثوليك في صميم حاضرة الفاتيكان بتقديس مالويان... حضور متميز لبنانياً عبر العقود ومزج مجتمعي بين هويتين
لقطات خاصة للنهار من حاضرة الفاتيكان.
Smaller Bigger

هم الأرمن الكاثوليك في لبنان الذين يحتفلون بإعلان الطوباوي المطران إغناطيوس مالويان قديساً من قلب الفاتيكان.

 

هم ليسوا بشتات، بل هم من الأرمن الذين عاشوا في لبنان منذ قرون، حتى ما قبل وقوع الإبادة الجماعية في عام 1915. وهذا ما جعل لبنان بالنسبة اليهم وطناً للجميع، يزاوج بين هوية أرمنية وأخرى لبنانية لا فصل بينهما.

 

فأي إضاءة لهذه الطائفة تزامناً مع هذه المناسبة الروحية؟ بين التاريخ والحاضر، الاعداد والدور السياسي؟

 

ليست الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية إلا كنيسة متحدة بالكنيسة الكاثوليكية، ومناسبة التقديس ستؤكد هذا العمق الروحي.

 

عبر الأعوام والعقود، استطاع الارمن الكاثوليك، في لبنان، الحفاظ على هويتهم ولغتهم، فساروا وفق الدستور و"ميزات" النظام الطائفي الذي أعطى لكل طائفة خصوصياتها أو حصتها.

 

أعداد وحضور متميّز

خلال ثلاثينات القرن التاسع عشر، تعرضت طائفة الأرمن الكاثوليك للتهميش نتيجة تعرّضها للإضطهاد في القرى التركية. وفي لبنان، يشهد دير بزمار المشيّد خلال القرن التاسع عشر على عمق حضورهم، اذ يعتبر المركز الإداري لكل الأرمن الكاثوليك حول العالم. سنوياً، يستذكر الأرمن ككل الابادة الجماعية أو المجزرة الارمنية، فيحييون "يوم الشهيد الارمني" في 24 نيسان.

 

بالأرقام، يعود الوجود الأرمني في لبنان إلى حقبة الحرب العالمية الأولى، لتتوالى الأعداد بعدها.

 

ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (النهار)
ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (النهار)

 

تقدر أعداد الأرمن، بـ100 الف ينقسمون بين الأرمن الأرثوذكس الذين يشكلون الغالبية والأرمن الكاثوليك، فالإنجيليين، ويتمركزون أساساً في منطقة جبل لبنان وتحديداً في بيروت، وفي البقاع (بلدة عنجر) ومدينة طرابلس. لكن، وفق المعلومات فان هذا العدد انخفض في الاعوام الاخيرة، حتى وصل إلى حدود الـ60 الفاً، نتيجة انخفاض ملحوظ في عددهم، وخصوصاً في فئة الشباب. 

 

يشير الموقع الالكتروني لكنيسة الارمن الكاثوليك إلى أن " فئة كبيرة من المجتمع الارمني  غادرت لبنان، باتجاه كندا وفرنسا والولايات المتحدة، مما أدى إلى ضعف الركيزة الاقتصادية – الاجتماعية للمجتمع الأرمني – اللبناني".

 

وقد شكلّ انفجار مرفأ بيروت العامل الأساسي لهذه الهجرة او انخفاض الارقام، وخصوصاً أنه ساهم في تدمير عدد  كبير من المؤسسات العائدة الى الارمن، فأتى الانفجار ليضاعف حجم الانهيار السياسي والاقتصادي الذي كان يشهده لبنان تحديداً بعد عام 2019. 

 

هكذا، ضعف العديد من المؤسسات الأرمنية في تلك الآونة، خصوصاً أن للأرمن دوراً عميقاً في ازدهار لبنان على مرّ العقود. إذ نشطوا في التجارة والصناعات اليدوية والزراعة والفنون، تماماً كما في السياسة والرياضة والاعلام، وساهموا عبر مؤسساتهم الدينية والتعليمية والسياسية والرياضية في المحافظة على اللغة الأرمنية. وبذلك، ساهمت الاحزاب الارمنية والمنظمات الطالبية والنقابات المهنية في الحفاظ على تلك الخصوصية الثقافية والهوية الأرمنية، ولعل مثال  جامعة "هايكازيان" هو الابلغ الطابع في الاذهان، وهي الجامعة التي تأسست عام 1955 واعتبرت الجامعة الأرمنية الوحيدة في الشرق الأوسط.

 

قوة الى تراجع؟
في السياسة، لطالما شكلّ الارمن، ومنهم الأرمن الكاثوليك فئة اساسية في لعبة التحالفات والشراكات السياسية. البعض اطلق عليهم لقب "بيضة القبان"، في إشارة الى " البلوكات" الانتخابية التي تعطي وزناً في بعض المناطق وتستطيع ان تقلب النتيجة.

 

بالمحصلة، كان من يتحالف معهم، إن كان في بيروت الأولى أو في المتن او في زحلة يستطيع أن يحجز لنفسه مقعداً.

 

في الخريطة الانتخابية، تضم بيروت أربعة مقاعد أرمنية، ثلاثة للأرثوذكس ومقعد للكاثوليك. في المتن الشمالي وفي زحلة ثمة مقعد أرمني في كل منها. انما في آخر انتخابات نيابية أجريت في أيار 2022، تبين ان "البلوكات" الأرمنية فيها بعض الاختلافات عن السابق، وكأن ذاك الوهج الارمني خفت قليلاً.

 

توقفت "الدولية للمعلومات" عند نقطة تسجيل المغتربين منهم، اذ تبين أن الأرقام لم تكن مرتفعة. ففي بيروت سُجل 1270 أرمنياً فقط. في المتن، سُجل 894 أرمنياً بين أرثوذكس وكاثوليك. أما في زحلة فسجل 231 أرمنياً. وعزت "الدولية للمعلومات" السبب الى "تقصير الأحزاب الأرمنية وعدم متابعتها الموضوع او قدرة شدّ الكتلة الارمنية خارج لبنان، كما داخله".

 

في المشهد السياسي اللبناني العام، لطالما ارتبط الارمن "بدور الحياد او الوقوف الى جانب العهد"، تحت عنوان عريض: "احترام مبدأ التعايش ودعم رأس الدولة".

 

من هنا، ترى الأرمن داعماً اساسياً لأي شخص يتبوأ موقع سدة الرئاسة الاولى. 

 

بهذا التقديس الكنسي، ستظهر بطريركية الأرمن الكاثوليك مجدداً، أنها في صميم حاضرة الفاتيكان، بعدما استطاعت عبر هذا الحضور ان تشبك علاقات واسعة  بالمحافل الدولية، وتثبت دورها المتميز لبنانياً.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.