المفتي قبلان: لبنان للجميع على قاعدة الشراكة الوطنية والسيادية

اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان اليوم الجمعة أن "الله يريد منّا بناء الوعي الفردي والجماعي والمنظومة والأدوات التي تفي بإيجاد قوّة ضامنة في وجه أي مشروع أو قوة فاسدة وطاغية، فنحن من يخلق ظروف العدالة ونحن من نصنع ظروف الاستبداد وكلّ له موقفه يوم القيامة، وهنا نفهم حقيقة قوله تعالى {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}، ولذلك نريد شعباً يقظاً يمنع السلطة أن تتحوّل إلى فرعون جديد، ويمنع المال من التحالف مع السلطة كي لا يصبح عندنا ثمود جديد، والقوّة التي تحمي الباطل تقتل الإنسان وتمسح ذاكرة الأجيال، بل تتعامل معهم كقطعان، والسلطة التي تعيش على الولاء والتبعية العمياء تبتلع الناس وتحوّلهم إلى سلعة عائلية وخدمات شخصية فوق ركام من مذابح أخلاقية وسلطوية ومالية واجتماعية وعلمية وتنتهي بسقوط أخطر أدوار الانسان في هذه الدنيا، والله يقول لنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، أي لا بدّ من تأكيد قيم الربّ والأخلاقيات في عالم السلطة والمال والحياة الاجتماعية، وكل ما يلزم لتكوين سلطة وبيئة وهياكل قوى ونفوذ يمنع الطغيان بكل أشكاله، وهذا لا يتم إلا بتضامن وتنظيم ورؤية وقوة عمل جماعي دؤوب لتحقيق أكبر شرط عدالة الله بأرضه".
وتوجّه في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، إلى "القوى السياسية وللشعب اللبناني" بالقول: "إن لبنان نشأ على الشراكة والتضامن الوطني، وشكّل ذلك أصل ميثاقه التاريخي والسياسي، وسيبقى كذلك إن شاء الله. وتحت هذا العنوان، السيادة الوطنية أكبر ضرورات البلد، بل هي أساس وجوده وبقائه، ولبنان للجميع على قاعدة الشراكة الوطنية والسيادية والموردية والميثاقية والتضامن الشامل. وأي عدوان يطال الجنوب أو البقاع إنما يطال صميم لبنان، ولا بد من ورقة أولويات وطنية بعيداً من الخصومات السياسية لحماية المصير الوطني".
وقال: "هذه اللحظة هي لتأكيد الخطاب السيادي في وجه إسرائيل وعدوانها، وهنا لا أولوية أكبر للعائلة السياسية اللبنانية من التضامن الوطني والسيادي. والتاريخ علّمنا أن التخلّي عن دعم الجنوب وصموده كان سبباً لاحتلال إسرائيل للعاصمة بيروت".
وأضاف:"ولأن القضية الجوهرية عندنا لبنان بعقيدته الوطنية وهويته التاريخية والسيادية، فالضرورة العليا للبنان تدور مدار وحدته الوطنية وهويته الميثاقية والتأسيسية بعيداً من اللغة الحزبية والطائفية والمناطقية".
وتابع: "المهم أن نربح لبنان لا أن نربح العالم ونخسر لبنان. ولا نريد للبنان ومؤسساته السيادية إلا القوّة والمناعة الداخلية، بهدف تأمين الأفضلية السيادية والفعالية الوطنية المقرونة بأهم صمود أسطوري تحوّل إلى نادرة استراتيجية في عالم الملاحم الدفاعية، ولذلك أي كسر للعقيدة الوطنية يضعنا في هاوية لا قرار لها".
أمّا في ما يتعلّق بالداخل، فشدّد على "التأكيد على ضرورة الوقفة الوطنية الشاملة لانتشال هذا البلد من قعر الأزمات، لاسيما الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وبما في ذلك اليد العاملة وتسونامي الأسواق والاستشفاء وأساسيات التقاعد والخدمات والشلل الكبير الذي يطال الإدارات والمرافق العامة، والذي يضرب صميم قدرة الفئات الأكثر هشاشة وضعفاً. ولذلك لا بد من تقديم خطاب وطني عابر وضامن وسط أزمة ثقة تطال الأولويات اللبنانية، والنوايا الانتخابية، والخيارات الضامنة للعائلة الوطنية. وموازنة السنة المالية تضعنا أمام مشكلة، فيما خريطة اهتمامات الدولة وواقع الأزمات تضرب الهيكل اللبناني، ولا بد من قفزة نوعية بالأدوات والأهداف المالية وسط بلد يلفظ أنفاسه، ومنها تخصيص اعتمادات نشطة للبنية التحتية والقرى المدمرة في الجنوب وغيره، ومن دون ذلك سيبقى لبنان يجترّ أزماته القعرية".
وتوجّه "لصنعاء اليمن بالتبريك بشهادة اللواء محمد الغماري"، مؤكّداً أن "شهادة الكبار سبب الانتصارات الكبيرة، وهي دليل على عظمة الأثمان والقدرات العابرة التي قدّمتها صنعاء النخوة في سبيل غزة وفلسطين وبقية محور المصالح السيادية للمنطقة. التبريك والتعازي لقائد الثورة السيد عبد الملك والرئيس مهدي المشاط وقيادات وشعب اليمن العظيم على هذا الثمن من التضحيات والحضور التاريخي في ساحات القتال السيادي العابر للحدود، والذي أكّد أن غزّة والقدس من صميم مسؤوليات صنعاء الوفية، وإسرائيل رغم شراكتها التامة مع واشنطن والأطلسي لم تربح أهداف حربها في غزة ولبنان".
وختم: "لا شيء أهم وأكثر تأثيراً اليوم من تفاهم سعودي إيراني تركي ينتشل المنطقة من أسوأ خرائط أميركية إسرائيلية تعمل على إحراق المنطقة من بابها إلى بابها، بل لا قيام للعرب والمسلمين ومصالح الإقليم من دون تفاهم طويل الأمد استراتيجي بين الرياض وطهران وأنقرة وهذا ما نتمناه ونتوقّعه".