تمديد براءة الذمة لشركتي الخليوي يثير اعتراضات سابقة خطيرة تمس بحقوق آلاف المضمونين

أثار قرار مجلس الوزراء تمديد براءتي الذمة لشركتي الخليوي من دون تسديد المتوجبات المالية المتراكمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، موجة اعتراضات أبرزها من الاتحاد العمالي العام الذي أصدر بياناً نارياً وجه فيه اتهامات مباشرة إلى مجلس الوزراء.
القرار الذي جاء بناء على اقتراح من وزير العمل استجابة لطلب من وزير الاتصالات، وصفه الاتحاد بأنه "مخالفة صريحة للقانون وتكريس لمبدأ الاستنساب في تطبيقه".
بحسب قانون الضمان الاجتماعي، لا تمنح براءة الذمة إلا بقرار صادر عن مجلس إدارة الصندوق، وبعد التأكد من تسديد كل المستحقات المالية. لكن ما حدث فعليا – وفقا للاتحاد – هو تجاوز لهذه الآلية القانونية، ما يضفي شرعية وهمية على شركات لم تلتزم تسديد مستحقاتها، ويهدد مبدأ المساواة أمام القانون.
وزاد حدة الموقف أن القرار صدر فيما يطالب آلاف الموظفين بسحب تعويضاتهم من الضمان بعد سنوات من العمل، سواء لأسباب شخصية أو مهنية أو للسفر. لكن بعض الشركات تتهرب من دفع المبالغ الكبيرة المتوجبة عليها للصندوق.
والحال أن ثمة شركات تؤجل دفع مستحقاتها لصندوق الضمان، ما يؤدي إلى تأخير دفع تعويضات الموظفين، ويضعف القدرة المالية للمؤسسة الضامنة الوحيدة للفئات العاملة في لبنان.
الاتحاد العمالي لم يتردد في تحميل وزير العمل مسؤولية القرار، واصفا إياه بـ"صديق العمال المفترض"، ومشيرا إلى أنه "خذل الطبقة العاملة عبر موافقته على تسوية تخالف القانون". ورأى أن "القرار يشكل مكافأة لشركتين لم تقدما للمواطنين سوى خدمات متردية بأسعار باهظة".
من الناحية العملية، يخشى مراقبون أن يؤدي القرار إلى ضرب هيبة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يعاني أصلا أزمة مالية مزمنة بسبب تراكم الديون عليه من مؤسسات عامة وخاصة. وإذا استمر نهج التواطؤ مع الشركات الكبرى، فإن الضمان سيتحول إلى ضحية إضافية في سلسلة الانهيارات المتتالية.
وفيما تحاول أوساط رسمية تبرير القرار بأنه مجرد "إجراء تقني موقت" لتسهيل استمرارية العمل في قطاع الاتصالات، ريثما تسوى الملفات العالقة، يصرّ الاتحاد العمالي على أن احترام القانون يجب ألا يكون خاضعا للظروف السياسية أو التشغيلية، وإلا فإن كل مؤسسة عامة ستكون مهددة بمصير مماثل.
واستدعى مشروع المرسوم القاضي بتمديد مفعول براءة الذمة لشركات الخليوي لمدة سنة، اجتماعا لمجلس إدارة الضمان الذي اعتبر أن ثمة مخالفات جوهرية من شأنها إلحاق الضرر بمصلحة الصندوق وبحقوق المضمونين. ومن أبرز هذه المخالفات، مخالفة مبدأ المساواة بين المكلفين عبر منح شركات محددة امتيازات غير مبررة على حساب التزام القوانين والأنظمة المرعية، وتجاوز الصلاحيات القانونية الممنوحة، عبر تمديد مفعول براءة الذمة من دون استيفاء المتوجبات المالية المترتبة على تلك الشركات، والإضرار بالوضع المالي للصندوق، إذ إن إعطاء براءة الذمة من دون تحصيل المتوجبات يهدد قدرة الصندوق على تمويل تقديماته الصحية والاجتماعية، إضافة إلى ضرب مبدأ العدالة الضريبية والمالية، بما يفتح الباب أمام مطالبات مماثلة من قطاعات أخرى ويضعف سلطة تطبيق القوانين.
وإذ طالب مجلس الإدارة بسحب مشروع المرسوم الحالي فورا، باعتباره يشكل خطرا مباشرا على بنية الصندوق المالية والتنظيمية ويفتح الباب أمام سابقة خطيرة تمس بحقوق آلاف المضمونين، أكد ضرورة تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والاتحاد العمالي العام، والهيئات الاقتصادية، لدرس الملف بطريقة علمية وشفافة تضمن توازنا بين مصالح الدولة وحقوق العمال والمضمونين وأصحاب العمل، بما يضمن العدالة المالية وحماية أموال الصندوق.
مجلس الإدارة رأى أن "حماية الضمان مسؤولية وطنية مشتركة، وأي قرار يتخذ خارج هذا الإطار لن يقابل إلا بالرفض"، وعليه، ذكر بأن "هذه المتوجبات تمثل جزءا أساسيا من تمويله واستدامته ويرفض رفضا قاطعا أي تعديل أو إجراء يمس بتعويضات نهاية الخدمة أو أن يضعف قدرة الصندوق على الوفاء بالتزاماته تجاه المضمونين الذين أفنوا سنوات عمرهم لقاء ضمان حقوقهم الاجتماعية".