المطران عودة: الأوطان نُبنى بالحوار تحت حماية جيش واحد

أكد متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس، أن "المحبّة التي يدعونا إليها الإنجيل ليست عاطفة عابرة. هي فعل إرادة متجذّر في الإيمان، وهي لا تنتظر اعترافاً ولا شكراً، بل تتدفّق كما يتدفّق نبع الماء الحي. "إن أحببتم الذين يحبونكم فأيّة منة لكم؟ فإن الخطأة أيضاً يحبّون الذين يحبونهم". هذه المحبّة صامتة أحياناً، مؤلمة أحياناً أخرى، لكنّها في جوهرها مشاركة في حياة الله نفسه. من يتذوّقها يكتشف أن العطاء أعظم من الأخذ، وأن الغفران أعمق من الانتقام، وأن السعادة الحقيقية لا تنال بالسيطرة على الآخر أو بتحقيره أو الانتصار عليه، بل ببذل الذات من أجله".
ورأى أن "هذا ما يفتقده بلدنا الحبيب، حيث يسعى كل مكوّن إلى التسيّد على الآخر، بالأفكار أو الأعمال أو حتى السلاح. ما هكذا تبنى الأوطان وتنمو المجتمعات، بل بالحوار البنّاء المبني على الاحترام المتبادل، بين مواطنين متساوين، تحت راية واحدة هي راية الوطن، وحمى جيش واحد هو جيش الوطن، وانتماء واحد لوطن واحد الجميع فيه متساوون، وعبر طريق معبّدة بالرحمة ومضاءة بالمحبّة. المزايدات ليست إلا عملاً شيطانياً هدفه الخراب والدمار وتوسيع الهوة بين الإخوة، لذا، بما أنّنا أبناء الله الواحد، علينا أن نترجم ذلك بأن نكون أبناء وطن واحد غير مقسّم إلى جماعات متناحرة، وأحزاب متنافرة، وطوائف تتسابق على المغانم والسلطة وفرض الرأي او العقيدة. سمعنا بولس الرسول يقول في الرسالة التي تليت على مسامعنا: "لنطهر أنفسنا من كل أدناس الجسد والروح ونكمل القداسة بمخافة الله". لذا علينا أن ندرك أننا، بإيماننا بالله، نحن مدعوون إلى الشهادة لاسمه لا لمصالحنا، والتكلّم بلغته لا بمشيئتنا، والعمل بوصاياه لا بما يناسب غاياتنا، وإلا نكون خائنين لإيماننا بالله وتسمّيتنا باسمه".
وختم: "كذلك نحن مدعوون كمسيحيين أن نصير شهوداً حقيقيين لإنجيل المسيح. فإذا أحببنا من يحبّنا فقط لا نختلف عن منطق العالم، أما إذا أحببنا من يعادينا، فعندئذ يشرق نور المسيح منا، ويختبر الناس من خلالنا أن ملكوت الله حاضر في هذا الدهر رغم سواد أيّامه وقساوة إنسانه".