جلسة مجلس النواب: لا نصاب ولا تشريع... والصراع على الانتخاب يهدّد الاستحقاق

في ساحة الانقسام البرلماني، برزت مجدداً أزمة النصاب التي عطّلت الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري استكمالاً لجلسة الاثنين. فقد دخل 48 نائباً فقط إلى القاعة العامة، ما أدى إلى إرجاء الجلسة إلى موعد غير محدد.
نائب رئيس المجلس، إلياس بو صعب، حاول الإضاءة بتفسيره على الإشكالية التقنية، معتبراً أنّ "القوانين التي أُقرّت بالأمس تبقى معلّقة إلى حين إقفال المحضر في جلسة لاحقة، ومؤكداً أنّ غياب النصاب يجمّد المسار التشريعي". لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أنّ "تعطيل المجلس قد يتحول إلى هدف بحد ذاته، وهو ما ينذر بأزمة سياسية لا مخرج منها إلا بتفاهم شامل".
في المقابل، حمّلت قوى المعارضة المسؤولية مباشرة للرئيس بري. رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع اعتبر أنّ تعطيل الجلسة يقع على عاتق رئيس المجلس الذي تجاهل، طلب 67 نائباً إدراج اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل قانون الانتخاب على جدول الأعمال. جعجع شدد على أنّ رفض طرح الاقتراح يشكّل خرقاً للنظام الداخلي والأعراف البرلمانية، ومحاولة واضحة لتأجيل الانتخابات أو تقويض مشاركة المغتربين فيها.
النائب جورج عدوان، منسجماً مع موقف "القوات"، أكد أنّ ما حصل أمس يثبت وجود أكثرية نيابية تريد مناقشة التعديلات الانتخابية، وأن الخطوة ليست تعطيلية بل تصحيح لمسار المجلس. وذهب أبعد، مهنئاً النواب الذين قاطعوا الجلسة لأنهم، برأيه، حرسوا حق اللبنانيين في انتخابات في موعدها.
موقف "التيار الوطني الحر" جاء عبر النائب جبران باسيل الذي شدد على أنّ تعطيل الجلسات حق برلماني، رافضاً أي محاولة لتأجيل الانتخابات أو التمديد للمجلس الحالي. وأضاف أنّ القانون النافذ يكفي لإجراء الاستحقاق، وأي تعديل مشبوه يهدف إلى التلاعب بمواعيد الانتخابات.
على خط موازٍ، لفت النائب غسان حاصباني إلى أنّ التعطيل نابع من قرار سياسي صادر عن رئاسة المجلس، مستنكراً ما وصفه بـ"التلاعب بالنصوص" لتبرير تعطيل مشاركة المغتربين. وأكد أنّ القوانين التي أقرّت بالأمس نافذة ولا تحتاج إلى اجتهادات جديدة.
في المقلب الآخر، عبّر بعض النواب عن انزعاجهم من منطق المقاطعة. النائب غازي زعيتر ذهب إلى حد القول لـ"النهار" "يلي بده يقاطع يستقيل أحسن"، فيما رأى النائب هادي أبو الحسن أنّ التعاطي بازدواجية المعايير مرفوض، معلناً تأييده تعديل المادة 12 من قانون الانتخاب بما يسمح للمغتربين بالاقتراع لـ128 نائباً.
النائبة بولا يعقوبيان حذرت عبر "النهار" مما سمته "الأرانب" داعية النواب المؤيدين لاقتراع المنتشرين الى الحضور الى مبنى مجلس النواب من دون الدخول الى القاعة، لأنه في حال تمكن بري من تأمين حضور 65 نائباً ولو كان حزء منهم من المؤيدين سيسقط مادة الاقتراع بالضربة القاضية عبر طرحها مباشرة على التصويت.
هكذا، يطفو على سطح الأزمة البرلمانية سؤال محوري: هل المقاطعة أداة ضغط لإعادة تصويب المسار التشريعي نحو قانون الانتخاب، أم أنّها بداية تعطيل شامل يضع الانتخابات المقبلة على المحك؟ الواضح أنّ الانقسام يتجاوز الحسابات التقنية ليصل إلى جوهر العملية الديمقراطية في لبنان: احترام المهل الدستورية وضمان حق اللبنانيين، في الداخل والخارج، بالتصويت في موعدهم.