عام على اغتيال نصرالله... أين "حزب الله" اليوم؟

عام كامل مرّ على الحرب التي غيّرت وجه لبنان ومعادلاته الداخلية. بالنسبة إلى حزب الله، شكّل هذا العام اختبارا صعبًا بين قدرته على الصمود وإعادة إنتاج نفسه، وبين حجم الضغوط التي تحاصره.
عسكريًا، تمكّن الحزب من الحفاظ على الحد الأدنى من الجهوزية ومنع انهيار بنيته، لكنه لم يستعد الزخم السابق ولا القدرة على المبادرة كما في السنوات الماضية. سياسيا، لا يزال حاضرًا في المعادلة اللبنانية، غير أنّ وزنه داخل الدولة تراجع بفعل الضغوط الدولية والعربية، وبسبب اهتزاز صورته كقوة "لا تُقهر".
شعبيًا، ما زال الحزب يحتفظ بقاعدته الصلبة، لكن التعب الاجتماعي والاقتصادي بات واضحًا في بيئته المباشرة، فيما فقد الكثير من حضوره الرمزي على مستوى الداخل والخارج.
برأي الباحث والأكاديمي والمحلل السياسي جورج يزبك أنّ حزب الله موجود بعد سنة على الحرب على ٣ مستويات:
موجود سياسياً بل مستنفر سياسياً وحزبياً وشعبياً للتعويض عن سلاحه المفرز ٣ أقسام: قسم دمر بالكامل خاصة في جنوب الليطاني وبعض مخازن الضاحية وبعلبك، وقسم موجود مع وقف التنفيذ بمعنى ممنوع الوصول اليه واستعماله يعني موجود على الورق تماماً كالودائع المصرفية، اما القسم الثالث وهو السلاح الخفيف فلا يزعج اسرائيل، وغير قابل للاستخدام الداخلي بعدما تعطل الاصل اي السلاح الثقيل وفقد مبرر وجوده، فيشكل الفرع في حال استخدامه فضيحة رخيصة لصاحبه.
ويضيف في حديث لـ"النهار": "الحزب موجود في بيئته وهذا ما يجسده الثنائي الشيعي، وبقدر ما الرئيس بري راغب في التمايز، بقدر ما هو غير قادر لأسباب وحسابات محلية وطائفية".
ويتابع:"الحزب موجود في طائفته بعد توظيف المرجعيات الدينية في حماية حزب الله وسلاحه، وبعد تعذر خروج اصوات شيعية وازنة قادرة على رسم قوة ثالثة ذات حيثية شعبية ، ان حزب الله سيحاول التقليل من الاضرار السياسية اللاحقة به جراء الفشل العسكري الى حين اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، ليكون مع الرئيس بري المحاور عن الطرف الشيعي في النظام السياسي الجديد.
ويرى أن خطة حزب الله هي القضم الممنهج والاحتواء الممنهج، الجوكر الاساسي الذي ربحه حزب الله هو بضمّ الرئيس نبيه بري اليه من خلال مرجعية الثنائي ومنح بري لقب الاخ الاكبر. وتجسد هذا الاتحاد السياسي بموقف موحد من الوزراء الشيعة الخمسة ازاء كل ما يتصل بالسلاح، وبقدر ما هو وجودي قرار حصرية السلاح، بقدر ما يسّهل فصل الرئيس بري عن حزب الله تطبيق القرار الحكومي، خطة فصل بري عن الحزب اهم من خطة الجيش اللوجستية لتطبيق قرار سحب السلاح، او على الاقل بأهميتها، بل تعطي نتيجة اسرع من نتيجة الخطة العسكرية.
ويوضح أن الاحتواء الثاني يستند الى عامل الوقت، بين جلسة ٥ آب وجلسة ٥ ايلول، الفارق الزمني شهر واحد، والجلسة الاخيرة، شئنا ام ابينا، تعطي انطباعاً بأن الحكومة فرملت سرعة قرار سحب السلاح تحت عزة ذرائع محقة في البعض منها، اولها استمرار الاعتداءات الاسرائيلية، التخوف من حرب اهلية، الخوف من المواجهة والخوف على الجيش…
ويخلص بعد سنة على الحرب، حزب الله موجود بوجود الرئيس بري، وقد تكون الانتخابات النيابية المقبلة في حال حصولها في موعدها، الانتخابات الاخيرة لحزب الله المسلح مع وقف التنفيذ، وانتخابات ال ٢٠٣٠ ستكون الاصدق تعبيراً وتمثيلاً عند كل الفئات السياسية والطائفية وبالاخص عند الطائفة الشيعية الكريمة.