لم تلقَ تصريحات المبعوث الأميركي توماس براك التي أغدق فيها انتقاداته للدولة اللبنانية واعتباره أنّ "لبنان لم يفعل شيئاً حيال "حزب الله" سوى الكلام" التأثير نفسه في واشنطن وبقيت من دون "مدٍّ محتدم" في المواقف أو الأجواء الأميركية. لكن، ما قاله براك جعل ناشطين من قوى لبنانية أميركية يبحثون ويحاولون معرفة ماهيّة تفوّهاته وإن كانت تلزم إدارة الولايات المتحدة الأميركية وسط تعدّد في المبعوثين الأميركيين وتنوّع في آرائهم حيال الأوضاع اللبنانية. 

وإذ حصل تواصلٌ تشاوريّ بين متابع مكثّف في معهد أميركيّ لبنانيّ مع أحد الموظفين في الإدارة الأميركية، تبيّن أنّ كلام براك الهجوميّ لا يأخذ حيّزاً كبيراً في واشنطن ويعتبر تصريحاً إعلامياً في مقابلة مع براك عبّر فيها عن رأيه في إطار إعلاميّ حواريّ من دون أن يشكّل خبراً منقّحاً من الإدارة الأميركية. ولوحظ على مستوى لبناني أميركي وجود تناقض بين عدّة تصاريح لبراك وما يصدر عن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وسواها.

ولقد راسل المتابع المكثّف في معهد أميركيّ لبنانيّ أورتاغوس حديثاً، وتضمّنت رسالته أنّ "ثمة من يستغل تناقضات بين تصريحات براك وتصريحاتكِ لترويج شائعات حول عقد صفقة مع "حزب الله" في إطار تقسيم لبنان وسوريا، لكنّنا نكرّر موقفكِ حول دعم الجيش اللبناني والتزام الولايات المتحدة الثابت بتحقيق لبنان إصلاحات في القضاء والمالية والجيش اللبناني لضمان عدم تمكّن إيران و"حزب الله" من غسل الأموال بعد الآن". 

مورغان أورتاغوس (أ ف ب)

توازياً، في معطيات لـ"النهار" حول حصيلة مباحثات عدّة حديثة بين قوى ناشطة لبنانية أميركية مع مبعوثين في الإدارة الأميركية، يتأكّد أن الإدارة الأميركية لا تزال تنتظر تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح ما يشكّل الملف الأكثر أهمية، ثم تنفيذ الإصلاحات المالية لضبط غسل الأموال وتلك التي يحوزها "حزب الله" من منافذ تهرّب له منها. ولم تضمحل إطراءات معيّنين في الإدارة الأميركية حيال أداء الجيش اللبناني في هذه الفترة، خصوصاً بعد الترتيبات التي قام بها طيلة الأشهر الماضية في منطقة جنوبي الليطاني لكن الانتقادات الأميركية لا تزال تطاول سياسيين لبنانيين متقاعسين ورافضين تنفيذ الإصلاحات.

كلّ تلك المشاورات التي حصلت من فترة قصيرة في الولايات المتحدة تبيّن أنّ براك قد يكون تسرّع في هجومه على الحكومة اللبنانية والجيش اللبنانيّ وأنّ وقت إطلاق الأحكام في واشنطن على الأداء اللبنانيّ لم يحن حتى الآن. لكن، ذلك يبقي على الخشية من أن يكون كلام براك ينذر بإمكان تفاقم الضربات الإسرائيليّة في الداخل اللبنانيّ، ذلك أنّ الزيارة التي قام بها براك إلى إسرائيل بعد إقرار الحكومة اللبنانية الورقة الأميركية لم تنتج موافقة إسرائيلية على تقديم مرونة إسرائيلية أو تنازلات تلقائية تنسجم مع فحوى ما أقرّته الحكومة اللبنانية.