سياسة 22-09-2025 | 13:39

الاعترافات بفلسطين ودينامية وقف الحرب

إن أغلبية دول العالم تتوحّد حول موقف ضاغط وحازم في وجه إسرائيل، وتدفع للضغوط في اتجاه قبول حكومتها بحلّ لضمان وقف إطلاق النار في غزة. 
الاعترافات بفلسطين ودينامية وقف الحرب
مبنى الأمم المتحدة (أ ف ب).
Smaller Bigger
الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية التي تتالت في عطلة الأسبوع، والتي استبقت مؤتمر حلّ الدولتين، الذي ترأسه المملكة السعودية مع فرنسا، وتلك التي ستحصل خلال المؤتمر بعد ظهر الإثنين، توجّه بناءً على رمزيتها، ومحدودية انعكاساتها الفورية، إيجاباً في هذا الإطار، رسالة تفيد بالآتي: إن أغلبية دول العالم تتوحّد حول موقف ضاغط وحازم في وجه إسرائيل، وتدفع للضغوط في اتجاه قبول حكومتها بحلّ لضمان وقف إطلاق النار في غزة. فالاستراتيجية العنفية والقمعية التي اتبعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منذ عملية "طوفان الأقصى"، التي قامت بها حركة "حماس" ضد إسرائيل، باتت تثقل على دول العالم، والغربي منه بشكل خاص، فيما لا يملك هؤلاء الأوراق القوية الكافية لحمل إسرائيل على وقف قتلها للفلسطينيين، وفي الوقت الذي تحتمي هي بالدعم الأميركي الرسمي واستمراره من دون حدود. وفيما استهان البعض بأن المؤتمر العربي والإسلامي، الذي انعقد في الدوحة، رداً على الاعتداء الإسرائيلي على قطر لم يتخذ إجراءات أو خطوات ردعية على نحو كاف، فإن آخرين يعتبرون أن الجواب الأهمّ يعول عليه أن يأتي من نيويورك بدفع عربيّ عارم في اتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي استدرج دعماً غربياً أوروبياً إليه، ولا سيما بعدما صيغ إعلان نيويورك على نحو يقصي حركة "حماس" من مستقبل في غزة؛ وهو أمر يفترض تلقّفه من باب الانتقال من الصراع العسكري إلى الجهد الديبلوماسي من أجل تحقيق ذلك بدلاً من قتل عشرات أو مئات الفلسطينيين يومياً.

 

الجهود الديبلوماسية التي قادتها المملكة السعودية مع فرنسا في هذا الإطار أظهرت أن المملكة تمتلك نفوذاً كبيراً، استطاعت استخدامه بذكاء إبان زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض، في شهر أيار الماضي، من أجل الدفع في اتجاه رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وإعطاء فرصة للنظام الجديد. وتدرك دول المنطقة أن لديها نفوذًا أكبر تستطيع استخدامه، ليس لحلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بكليّته ربما، بل من أجل ردع إسرائيل من جهة، والسعي لدى الولايات المتحدة لأن تكون وسيطاً على الأقلّ من جهة أخرى، لا طرفاً في الصراع الجاري، الذي يدفع ثمنه الفلسطينيون بالدرجة الأولى. واللقاء، الذي يعقده الرئيس الأميركي مع دول الخليج، يكتسب أهميته من حيث قدرة الدول المعنية، والتي تربطها بالولايات المتحدة علاقات ترسّخت أكثر فأكثر خلال زيارة ترامب إلى كلّ من السعودية والإمارات العربية وقطر في أول زيارة له إلى الخارج خلال ولايته الحالية، على تظهير الكلفة العالية التي بات يرتبها استمرار إسرائيل في صراعها العسكري، وفي عدم إيلائها أيّ اعتبار للخيار الديبلوماسي، فيما الأخير يمكن أن ينجح بدليل الاستقطاب الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما الخيار العسكري، الذي يحتّم وقوف الولايات المتحدة إلى جانب اسرائيل محبط لترامب نفسه الساعي إلى وقف للنار في غزة، من دون نجاح يذكر، على رغم انتقاده لسلفه جو بايدن لعدم نجاحه في وقف الحرب، والساعي أيضاً إلى نوبل للسلام؛ وهو ما يصعب تحقيقه في ظل العجز عن وقف الحرب في غزة أو في أوكرانيا.

 

تالياً، ما يحصل في غزة بات يرتب كلفة كبيرة على إسرائيل، ولا سيّما إذا أخذت بالاعتبار ردود فعلها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية من دول غربية، وهو أمر دفع به نتنياهو بنفسه إلى واجهة الاهتمام الدولي في ظل الجرائم المتواصلة في غزة. فبريطانيا مثلاً لم تأت إلى خيار الاعتراف بالدولة الفلسطينية في هذا التوقيت إلا في ظل اشتراطها على نتنياهو وقف الحرب والتزام حلّ سياسي، وهو ما لم يحصل؛ وكذلك بالنسبة إلى دول أوروبية أخرى لا ترى سبيلاً لوقف الحرب إلا بالضغط على إسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعدما فقدت الوسائل الاخرى فاعليتها، إن في التظاهرات أو الإجراءات العقابية عبر منع إسرائيل من المشاركة في معارض أو منتديات مهمة، أو حتى أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي واجهتها الولايات المتحدة أيضاً. وتالياً، فإن النقطة الرئيسية في كل هذا السياق يتصل بما إذا كان مؤتمر حلّ الدولتين، والاعترافات بالدولة الفلسطينية، يمكن أن تُطلق مساراً لوقف العنف الإسرائيلي على غزة بالدرجة الأولى، فيما تجزم مصادر ديبلوماسية عربية بأن هذا الأمر يمكن أن يتحقق قريباً، وربما هذا الأسبوع، على رغم أن لا مؤشرات فعلية عليه. ولكن يعول على الكثير مما يمكن توقعه من الاجتماعات الجانبية في نيويورك.

 

rosannabm @hotmail.com

 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال 9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟ 
النهار تتحقق 9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.