هل من "تضارب صلاحيات" بين وزارتي التنمية وشؤون التكنولوجيا؟ الحاج لـ"النهار": لا تداخل وهيئة التحوّل الرقمي هي الأداة التنفيذية

أكثر من 83 مشروعاً إلكترونياً قُدّمت على مرّ الأعوام، وبنحو نصف مليار دولار قُدرّت الأموال التي خُصّصت على مدى 20 عاماً، بهدف العمل على التحول الرقمي، فيما لا يزال لبنان يخضع لروتين إداري مزمن، محاولاً أن يخطو الخطوة الأولى نحو الرقمنة والعصر التكنولوجي في زمن الذكاء الاصطناعي.
وما إن خطا الوزير كمال شحادة نحو تقديم مشروع قانون لإنشاء وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وإقرار المشروع في مجلس الوزراء قبل إقراره في مجلس النواب، حتى ارتفعت أصوات تنتقد هذه الخطوة، وتتحدث عن تداخل بين عمل وزارتي التنمية الإدارية والتكنولوجيا. وسارعت الوزيرة السابقة غادة شريم إلى التعليق: "لم نفهم ما الفرق بين مهمات وزارتي التنمية و الذكاء الاصطناعي. فبحسب ما قرأنا، من مهمات هذه الوزارة الأساسية إعداد استراتيجية وطنية للتحول الرقمي"، مشيرة إلى أن "وزارة التنمية سبق أن عملت على وضع هذه الاستراتيجية". فهل من تداخل فعلي؟ أم ستصبح مادة التحوّل الرقمي "مادة دسمة" على صعيد "تضارب صلاحيات"، غالباً ما كنا نشهده بين عدد من الوزارات؟
يقطع النائب رازي الحاج الطريق على أي إمكان للتداخل، فالحاج سبق أن عمل على هذه الاستراتيجية، وكان خبيراً في ملفات التحوّل الرقمي التي عملت عليها وزارة التنمية الإدارية حين تسلمتها الوزيرة مي شدياق. لكن الأهم أن الحاج هو من قدّم اقتراح قانون، في كانون الأول 2022، لإنشاء الوكالة الوطنية للتحوّل الرقمي. فأي تداخل محتمل؟
يجيب الحاج "النهار": "لا تداخل أبداً. من مهمات وزارة التنمية الإدارية: تدريب الموظفين، تبسيط المعاملات، التخطيط العام لإدارات الدولة وتحويلها أجهزة عصرية ومكافحة الفساد في كل الإدارات".
ويلفت إلى أن "التحول الرقمي لا يدخل في صلب مهمات وزارة التنمية، لكن يمكن أن تطلب الوزارة تحويل إدارة ما الى الرقمنة، ليصبح أمر التنفيذ في عهدة الوكالة الوطنية. إن الوزارات تضع السياسة العامة أو التصوّر، إن كانت وزارة تنمية إدارية أو وزارة تكنولوجيا، فيما الذراع التنفيذية لهذه المهمات تبقى للوكالة الوطنية".
مكتب لا وزارة
يتوقف الحاج عند مسألة جوهرية وهي أن "وزارة التنمية الإدارية ليست حالياً وزارة أصيلة قائمة، بل هي مكتب تابع لرئاسة مجلس الوزراء، وكانت تقوم لفترات طويلة على جهود موظفين منتدبين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. واليوم، تعاني نقصاً في الكادر البشري. أما وزارة التكنولوجيا، ووفق مشروع القانون الذي أقر وزارياً تمهيداً لإقراره نيابياً، فهي وزارة قائمة. على رئاسة مجلس الوزراء حسم أمرها تجاه التنمية الإدارية، وتقرّر ما إن كانت تريد تحويلها وزارة أصيلة".
على مرّ الأعوام، لم تصل المشاريع الإلكترونية إلى مرحلة الإقرار، وكان البعض يعزو السبب إلى عدم وجود وزارة معنية حصراً بالتحوّل الرقمي. اليوم، بعد تقدم إنشاء وزارة تكنولوجيا، حُكي عن تداخل بينها وبين التنمية، فأين أساس المشكلة؟
يجيب الحاج: "مهمات كل وزارة معروفة. الأهم أن مجال وزارة التكنولوجيا أوسع، يكاد يشمل كل ما له علاقة بالذكاء الاصطناعي وفي مختلف القطاعات كالتربية أو الصحة أو التواصل، وليس التحوّل الرقمي أو الرقمنة إلا جزءاً من هذا العمل الواسع، فيما صلاحيات التنمية الإدارية تتعلق بتنظيم الإدارة وتبسيط الإجراءات التي ينبغي أن تتحول إلى الرقمنة. وتبقى الوكالة الوطنية هي الذراع التنفيذية لتطبيق التحول الرقمي".
ويختم: "أكثر من 83 مشروعاً إلكترونياً قُدّمت ولم تبصر النور، والسبب يعود إلى عوامل ثلاثة. الأول: كنا لا نزال ضمن أنظمة أحادية أي ضمن المؤسسة الواحدة. الثاني: فشل في استمرارية التمويل، بحيث إن الأموال التي خُصّصت على مدى 20 عاماً تُقدّر بنصف مليار دولار، بلا أي ترجمة فعلية لأي مشروع، والعامل الثالث: انعدام الهيئة المسؤولة عن هذه المسألة. كل هذه المطبّات تحتّم التعجيل بإنشاء الوكالة لأنها ستشكل حتماً البصمة التشريعية لهذا المجلس، إلكترونياً".