سياسة 01-09-2025 | 05:23

"لا مكان نعود إليه": إسرائيل تعمّدت تغيير البيئة الحدودية كاملة بحربها مع لبنان

هذا المشهد يفرض على الدولة أن تتحرك سريعاً في ملف إعادة الإعمار، لأن أيّ تأخير سيترجم عملياً في مصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى منع الناس من العودة.
"لا مكان نعود إليه": إسرائيل تعمّدت تغيير البيئة الحدودية كاملة بحربها مع لبنان
دمار في عيتا الشعب (أحمد منتش).
Smaller Bigger

لم يكن تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) بعنوان "لا مكان نعود إليه: التدمير الهائل الذي أحدثته إسرائيل في جنوب لبنان" مجرد سرد لانتهاكات ميدانية، بل هو وثيقة إدانة تعيد فتح النقاش حول طبيعة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وحدود التوظيف السياسي والحقوقي لهذه الجرائم.

 

التقرير، المدعوم بصور أقمار اصطناعية و77 مقطع فيديو موثقاً، يكشف أنّ أكثر من 10 آلاف منشأة مدنية وزراعية ودينية دُمّرت أو تضرّرت تضرراً جسيماً، وأنّ القسم الأكبر من التدمير حصل بعد وقف إطلاق النار، أي إنّ المسألة لم تعد مرتبطة بـ"ضرورات عسكرية لحظة المعركة"، بل باتت سياسة إسرائيلية منهجية، أقرب إلى هندسة جغرافية واجتماعية هدفها تفريغ الجنوب من سكانه وتحويله إلى شريط عازل بالقوة.

 

أهمية تقرير أمنستي أنه ينسف الرواية الإسرائيلية التي تبرّر استهداف القرى بأن بعض المنازل كان يستخدمها مقاتلو حزب الله أو تُخزَّن فيها أسلحة. فالقانون الدولي واضح: الاستخدام السابق لا يحوّل المبنى المدني إلى هدف عسكري مشروع، والتدمير الوقائي لمنع "هجمات مستقبلية" لا يفي بمعيار الضرورة العسكرية القهرية. بناءً على ذلك، ما جرى في قرى مثل يارين، الضهيرة، البستان، كفركلا، مارون الراس وعيتا الشعب، يدخل صراحة في خانة جرائم الحرب.

 

 وما يلفت في التقرير إشارته  إلى أن إسرائيل انتقلت من سياسة "الأرض المحروقة" في الحرب إلى سياسة "المحو الكامل" بعد الحرب. هذا النمط يكشف أن الهدف لم يكن فقط مواجهة "حزب الله"، بل تغيير البيئة الحدودية ديموغرافياً عبر جعل العودة شبه مستحيلة.

 

أمام هذه المعطيات، يُطرح سؤال مركزي: هل يستطيع لبنان الرسمي تحويل التقرير إلى أداة ضغط سياسية وقانونية؟

 

 

بحسب الخبير القانوني يوسف بو توما، هناك مجالان لاستخدام هذا التقرير، ديبلوماسي – حقوقي عبر الدفع لتشكيل لجنة تحقيق دولية، أو استثمار التقرير في مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، والثاني سياسي – تفاوضي عبر استخدام التوثيق كأرضية في أي مفاوضات مقبلة تتعلق بالحدود أو بالترتيبات الأمنية.

 

ويضيف: لكن المشكلة أن لبنان يعيش حالة انقسام داخلي وانشغال بأزماته الاقتصادية، ما قد يحوّل هذه الوثيقة التاريخية إلى مجرّد أرشيف جديد في سجل الانتهاكات الإسرائيلية.

 

داخلياً، التقرير يسلّط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القرى المدمّرة. آلاف العائلات بلا منازل، مساجد وطرقات وحدائق وملاعب كرة قدم جُرفت بالكامل. هذا المشهد يفرض على الدولة أن تتحرك سريعاً في ملف إعادة الإعمار، لأن أيّ تأخير سيترجم عملياً في مصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى منع الناس من العودة.

 

في المحصلة يبقى تقرير أمنستي أكثر من وثيقة حقوقية، ويكشف أن ما جرى في الجنوب لم يكن حرباً دفاعية، بل سياسة محو منظمة.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟