الكفالة الأضخم وسيل من التساؤلات عن ملف الودائع... 20 مليون دولار و5 مليارات ليرة لتخلية رياض سلامة!
طغى حدث الإعلان عن موافقة الهيئة الاتهامية على تخلية الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة على مجمل المشهد الداخلي وحتى على الجولة التي قام بها الوفد الاميركي الموسع أمس على المسؤولين والمواقف التي أطلقت خلالها.
وبدا من البديهي أن يطلق خبر التخلية العنان لمختلف التفسيرات التي صب معظمها عند "ترتيب ضمني خفي" لإنهاء ملفات سلامة بكفالة قياسية تاريخية غير مسبوقة، وهو ما يثير المخاوف الإضافية مما ستؤول إليه مسؤوليته كما مسؤولية الذين "اختبأوا" وراء مطاردته منفردا في ملف الودائع المصرفية. وتاليا، فإن تخلية سلامة ستستتبع تصعيدا واسعا للضجة في ملف الودائع في قابل الأيام، ناهيك بإثارة تبعات الطبقة السياسية مجددا عن الانهيار المالي والمصرفي.
وكانت الهيئة الاتهامية المكلفة برئاسة القاضي نسيب إيليا أصدرت قرارا بتخلية الحاكم السابق لمصرف لبنان بكفالة مالية قيمتها ٢٠ مليون دولار وخمسة مليارات ليرة لبنانية. ونص القرار على منع سلامة من السفر لمدة عام، في إطار الملاحقات القضائية المستمرة في حقه.
هذه الكفالة هي الأعلى على الإطلاق في تاريخ لبنان، وشكلت موضع اعتراض من وكلاء الدفاع عن سلامة لكون أمواله محجوزة في لبنان وخارجه. وقال المحامي مارك حبقه في تصريحات عدة إن "القرار قانوني لكنه تأخر كثيرا لأن موكلي أوقف قبل أكثر من 11 شهراً احتياطياً وفي شكل غير قانوني وغير معلل. ووضع الكفالة بهذه القيمة غير قانوني".
وأوضح أنه سيقدم الاعتراض على الكفالة اليوم.
يذكر أن سلامة كان أوقف في 3 أيلول/ سبتمبر 2024 بأمر من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بعد التحقيق معه في قصر العدل. وتركزت التحقيقات على العقود المبرمة بين مصرف لبنان وشركة "أوبتيموم"، والتي شملت عمليات شراء وبيع لسندات الخزينة وشهادات الإيداع بالليرة اللبنانية، فضلا عن حصول الشركة على عمولات من هذه العمليات، ولم يحاكم حتى لحظة قرار تخليته.
وسلامة البالغ من العمر 75 عاما، شغل منصب حاكم مصرف لبنان لمدة 30 عاما، من 1993 حتى 2023.

ويُعدّ أحد أبرز الأسماء المرتبطة بالأزمة المالية والنقدية التي تعصف بلبنان منذ عام 2019. فقد واجه سلسلة دعاوى محلية ودولية تتعلق باختلاس الأموال العامة، وتبييض الأموال، والإثراء غير المشروع.
أُوقف بعد مثوله أمام الحجار، وسط جدل واسع حول قانونية استمرار توقيفه، إذ إن المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تحدّد أقصى مدة للتوقيف في الجنايات بستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، فيما بقي سلامة قيد التوقيف نحو سنة.
خلال هذه الفترة، صدرت في حقه ثلاث مذكرات توقيف متتالية، رغم وضعه الصحي الدقيق الذي استدعى نقله أكثر من مرة إلى مستشفيات خاصة. ولم يأخذ القضاء اللبناني بتقارير طبية اعتبرها فريق الدفاع أساساً لإطلاقه.
آخر فصول الملف تمثل في الدعوى المقدمة من رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة، اذ أصدرت قاضية التحقيق رولا صفير مذكرة توقيف وجاهية في حق سلامة، رغم قرار سابق عن القاضي بلال حلاوي بمنع المحاكمة. لكن الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا فسخت قرار التوقيف، وخلّت سلامة بكفالة مالية ضخمة ومنع سفر لعام كامل.
نبض