من معلم سياحي إلى بؤرة تلوّث وجفاف… بحيرة القرعون تختنق والإنتاج الكهرومائي صفر

يقول علويه إنّ "السنة المائية 2025 تُعتبر من الأكثر جفافاً في تاريخ حوض الليطاني وسد القرعون". ويوضح بالأرقام أنّ المعدل الطبيعي للمياه الوافدة إلى البحيرة يبلغ 350 مليون متر مكعب، فيما تصل طاقتها التخزينية إلى 222 مليون متر مكعب. ولكن هذا العام لم تتجاوز كميات المياه الوافدة 50 مليون متر مكعب، ولم يرتفع المخزون إلا إلى 54 مليون متر مكعب، مقارنة بـ138 مليون متر العام الماضي.
هذا التراجع الحاد انعكس مباشرة على إنتاج الطاقة الكهرومائية. فبحسب علويه، "كان يفترض أن ننتج في مثل هذا الوقت طاقة تغذي مناطق البقاع الغربي وجزين وراشيا وإقليم التفاح والشوف الأعلى وإقليم الخروب بما يزيد على 50 ميغاواط، لكن إنتاجنا اليوم صفر".
ويضيف أنّ "إنتاج معامل الليطاني تراجع خلال عام من 720 مليون كيلوواط/ساعة إلى 270 مليوناً فقط، ما أدى إلى تراجع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي في عدد من البلدات.
الانعكاسات طالت أيضاً القطاع الزراعي، إذ يواجه المزارعون في البقاع تهديداً جدياً بخسارة الموسم الصيفي الثاني. "لا مياه متوافرة، وحتى القليل منها الموجود غير صالح للري"، وفق علويه الذي يحذر من مخاطر لجوء المزارعين إلى ريّ محاصيلهم بمياه ملوثة.
أما على الصعيد السياحي، فيشير إلى أنّ "المساحات المائية والمجمّعات التي كانت تجذب آلاف الزوار سنوياً في مناطق البقاع، ولا سيما في غزير وشمسين وعنجر والبردوني، أصيبت هذا العام بجفاف شبه كامل"، ما أفقد المنطقة واحداً من أبرز عناصر جذبها.
وبحسب علويه، فإنّ للتغير المناخي وانخفاض المتساقطات دوراً، "لكن السبب المركزي الذي ضاعف التداعيات خمس مرات هو سوء إدارة الموارد المائية"، لافتاً إلى أنّ التلوث الناتج من غياب شبكات الصرف الصحي والتعديات البيئية يفاقم الكارثة. ويكشف أنّ نهر الليطاني وحده يتلقى سنوياً نحو 50 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، من أصل مليار متر مكعب ينتجها لبنان، لا يُعالج منها سوى 15%. أما الباقي فيتسرب إلى البحر المتوسط أو إلى الأراضي المكشوفة والمجاري النهرية.
الحل في رأي علويه يكمن في "تزويد البقاع شبكات ومحطات صرف صحي وتشغيلها فعلياً، بما يسمح بإعادة استخدام المياه المعالجة وضخها مجدداً في النهر على نحو آمن".
ويشدد على أنّ "المطلوب تطبيق قانون المياه، وحسن إدارة الموارد، وتفعيل مؤسسات المياه الأربع، وإلا سنبقى أمام دولة عاجزة عن معالجة مجارير مواطنيها، وما نعيشه اليوم من جفاف وتلوث ليس إلا البداية".