اجتياح سوري للبقاع: احتمال ضعيف وشائعة سياسية

انتشرت في الأيام الأخيرة على منصّات التواصل الاجتماعي أخبار تتحدث عن "إمكانية اجتياح سوري للبقاع اللبناني"، ترافق ذلك مع تقارير عن تحركات لعناصر الأمن العام السوري قرب الحدود الشرقية للبنان. ورغم أن هذه الأنباء أثارت قلقاً في بعض المناطق الحدودية، قلّلت مصادر عسكرية لبنانية من احتمال وقوع أي تحرك عسكري سوري منظم على الأراضي اللبنانية.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن بعض التحركات التي رُصدت على الجانب السوري من الحدود، خصوصاً في ريف دمشق وريف حمص، تزامنت مع تشديد أمني على المعابر غير الشرعية، الأمر الذي فسّره البعض على أنه استعداد لعملية عسكرية واسعة. غير أن مصادر ميدانية في البقاع أكدت لـ"النهار" أن هذه التحركات "ليست استثنائية" وأنها تأتي في إطار عمليات روتينية لملاحقة التهريب أو إعادة الانتشار.
الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب أوضح لـ"النهار" أن "أي عملية اجتياح بري من قبل الجيش السوري للبقاع أمر معقد عسكرياً وسياسياً"، مشيراً إلى أن "الواقع الإقليمي، ووجود قوات دولية في جنوب لبنان، والاعتبارات الدولية المرتبطة بالملف السوري، تجعل من هذا الاحتمال ضعيفاً جداً". وأضاف أن "التحركات السورية على الحدود غالباً ما تكون ذات طابع أمني أو لوجستي داخلي، وليست بالضرورة مؤشراً على نيّة عسكرية تجاه لبنان".
ويؤكد مصدر عسكري لبناني أن قيادة الجيش "تتابع عن كثب" الوضع على طول الحدود الشرقية، مضيفاً أن "كل ما يجري في الجانب السوري يُرصد بدقة، وهناك تنسيق دائم مع الأجهزة الأمنية المعنية".
بدوره يرى مصدر سياسي لبناني معارض أن "التهويل باجتياح سوري للبقاع يخدم أطرافاً سياسية لبنانية تحاول شدّ العصب الطائفي، فيما الواقع يشي بصراع على المعابر والموارد أكثر مما يشي بحرب".
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن سرعة انتشار الأخبار عن "اجتياح وشيك" تعكس حساسية الذاكرة اللبنانية تجاه أحداث تاريخية، حيث ظلّ الوجود العسكري السوري في لبنان حتى عام 2005 مصدر جدل سياسي وشعبي.
في الوقت نفسه لا يمكن إغفال أن القوى الدولية، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، تراقب الحدود اللبنانية-السورية عن كثب عبر التعاون الاستخباري مع الجيش اللبناني، وتضغط لتثبيت اتفاق الترسيم كإجراء يضمن الحد من نشاط المجموعات المسلحة وعمليات تهريب السلاح والمخدرات.
إسرائيل من جهتها تراقب بحذر، خشية أن تتحول الحدود إلى ممر جديد للأسلحة نحو "حزب الله"، في ظل التراجع الإيراني في سوريا بعد الحرب الأخيرة.
حتى اللحظة، تبقى هذه الأخبار في خانة الشائعات، في ظل غياب أي مؤشرات ميدانية أو سياسية على نية دمشق تنفيذ عملية عسكرية داخل الأراضي اللبنانية. ومع استمرار التوترات الإقليمية، يبقى البقاع، كغيره من المناطق الحدودية، في دائرة المراقبة الأمنية المشددة.