تبتعد معظم القوى السياسية عن الإدلاء بمواقف تعليقاً على الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، نظراً لدقتها وظروفها، وخصوصاً بعد اتخاذ الدولة موقف الحياد، والكلام الذي صدر عن الرؤساء الثلاثة، بمعنى لا حرب في لبنان، وقد حسمها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من ساحة الشهداء، بما معناه نحن من يقرر الموقف اللبناني. وهذا يؤكد المؤكد بأنه لا حرب وإن كان كلام الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم قد أثار موجة غضب لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين عندما قال "لسنا على الحياد"، ولكن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال "ميتين مرة أؤكد بأنه لا حرب"، والأمر عينه لرئيس الحكومة نواف سلام، وثمة أجواء ومعطيات تشير إلى مساع من أجل تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة تداعيات هذه الحرب، بحيث يردد مرجع سياسي في مجلسه خوفه وقلقه من انعكاساتها السياسية والأمنية، وكذلك الاقتصادية والاستثمارية وعلى كل المستويات، نظراً لحجم هذه الحرب وضخامتها، وبالتالي لبنان من الذين سيتأثرون بها، لكن لن يحصل كما جرى سابقاً، أي انخراطه تلبيةً لأوامر خارجية أو حصول خلافات وانقسامات، وإن كانت ثمة مواقف تأتي بالمفرق أو بالجملة من البعض مدينةً موقف الشيخ نعيم قاسم أو تعلق على مسار هذه الحرب .

في السياق، اللافت ما قاله النائب مروان حمادة بأن الحرب ستطول، وبالتالي موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري كان واضحاً وجازماً وحاسماً، وكأنه جاء بمثابة الرد على ما أدلى به الشيخ نعيم قاسم. ويقول النائب حمادة لـــ"النهار": "كفانا حروباً وأزمات، نريد أن نعيش بحرية وكرامة، دفعنا فواتير باهظة عن الجميع، وفي الوقت عينه أدين تعرض المملكة العربية السعودية في أحد منتديات الممانعة لحملات غير مقبولة على الإطلاق، وهذا ما يتطلب من الحكومة والمعنيين وكل المسؤولين إدانة ما جرى، فالمملكة الداعم الأساسي للبنان، ووقفت إلى جانبه في السراء والضراء، ولا ننسى دورها وكل ما قامت به وما زالت، لذلك العودة إلى الوراء والإساءة للأشقاء الخليجيين، أكان السعودية أو أي دولة في مجلس التعاون الخليجي، أمر مرفوض، فمن كان "مزنوقاً" بهذه الحرب وما وصل إليه بفعل عنجهيته وكل ما حدث في مراحل سابقة، فلا يجوز أن يصبّ جام غضبه على دول أعادت إعمار لبنان مراراً وتكراراً".

أنصار

ويخلص النائب حمادة قائلاً: "البيان الذي أدلى به الأمين العام لـ"حزب الله" كان صريحاً في مساندة إيران، ربما في الشق الديني والأيديولوجي والتحالف بينهما، لكن في الوقت عينه ترك الباب مفتوحاً بقوله إنه سنتصرف بما نراه مناسباً، لذلك كلام الرؤساء الثلاثة والمواقف العقلانية من غالبية القيادات السياسية تشير إلى أن الحياد هو الدواء الناجع للبنان في ظل هذه التحولات والمتغيرات والحرب الكبرى الدائرة اليوم، والتي كما سبق وقلت ستطول وليس لها أفق، وتداعياتها كبيرة، ما يوجب علينا الهدوء والعقلانية والحكمة لمواجهة تحدياتها وأعبائها على كل الصعد" .