"تحصّن" مسيحي وتمدّد سيادي وطرابلس "ائتلاف"... زيادة لافتة للمخالفات في الشمال ومشاركة متفاوتة

وعلى رغم أن النتائج الأولية للانتخابات تستلزم انتظاراً لساعات متقدمة من الليل، فإن المعالم الأولية أبرزت مجموعة وقائع أساسية، من أبرزها أنه على غرار الجولة الأولى في جبل لبنان فإن المعارك والمواجهات والتنافسات الحامية طبعت أقضية "الشمال المسيحي" أي البترون والكورة وزغرتا وبشري وبعض عكار أكثر منها في "الشمال الإسلامي". وبدا من النتائج الأولية أن "القوى الكبيرة" خرجت محتفظة بحصونها ومواقعها في المدن، فيما ينتظر إحصاء نتائج البلدات في الأقضية في الساعات المقبلة لتبيان الخط البياني لرصد حجم التغييرات المحتملة التي يبدو أنها ستكون لمصلحة تحالف "القوات" الكتائب مجد حرب في البترون والكورة، و"القوات" وميشال معوض في قرى قضاء زغرتا، و"القوات" في بشري بلدة وقضاء. وأما طرابلس، التي اتجهت اليها الأنظار لرصد طبيعة الخلفيات السياسية السنّية التي ستتقدم بين ست لوائح تنافست على بلدية ثاني أكبر المدن اللبنانية، فإنها أفرزت معركة فاترة ترجمتها النسبة الأقل والأضعف في المشاركة من بين كل مناطق الشمال وعكار. وتشير النتائج الأولية إلى فوز غير كامل للائحة "رؤية طرابلس" المدعومة من نواب المدينة وفي مقدمهم اللواء اشرف ريفي وفيصل كرامي مع احتمالات خرقها بعدد من المقاعد المنافسة.
وقد تنافست في مدينة البترون لائحتان: "كلّنا للبترون" التي يقودها رئيس البلدية مرسيلينو الحرك، مستندًا إلى تحالف واسع نادر بين "القوات اللبنانية" والكتائب والمردة وبدعم مباشر من رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، و"للبترون وأهلها" المعارضة. وتشير النتائج الأولية إلى فوز محسوم للائحة الحرك. وأبرزت النتائج الأولية فوز عدد كبير من المخاتير في بلدات قضاء البترون بدعم من تحالف "القوات" والكتائب والمحامي مجد حرب بما يؤشر إلى تقدم كبير لهذا التحالف في البلديات.
وفي بلدات حامات، عبرين، بُقسميا، ودوما، تواجهت لوائح مدعومة من أحزاب "القوات اللبنانية"، والكتائب و"التيار الوطني الحر"، و"المردة"، إلى جانب شخصيات مستقلة. أما في تنورين، مسقط رأس النائب السابق بطرس حرب، فتنافست لائحة "تنورين قبل الكلّ" المدعومة منه ومن "القوات اللبنانية" مع لائحة شبابية مستقلة تحمل اسم "تجمّع تنمية تنورين". وتشير النتائج الأولية إلى دعم لائحة حرب – القوات.
وفي مدينة زغرتا، تنافست لائحتان رئيسيتان: "سوا لزغرتا وإهدن"، المدعومة من تيار "المردة" وحلفائه، و"بلدنا بلديتنا"، إلى جانب عدد من المستقلين بدعم ضمني من النائب ميشال معوض. وتشير النتائج الأولية إلى فوز لائحة المردة.
أما في بلدات القضاء حيث المعركة أكثر حدّة، فقد شهدت مراكز الاقتراع إقبالاً كثيفًا لا سيّما في رشعين. وتتّسم أردة، عشاش، ومجدليا بمعارك انتخابية محتدمة بين لوائح مدعومة من المردة وحلفائهم، وأخرى مدعومة من "حركة الاستقلال" وحلفائها.
وتنافست في مدينة بشري لائحتان رئيسيتان: "بشري لجمهورية قوية"، المدعومة من "القوات اللبنانية"، و"بشري سوا أقوى" اللائحة المدعومة من النائب وليم طوق، وأظهرت النتائج فوزاً حاسماً لمصلحة اللائحة المدعومة من "القوات"في البلدة كما في بلديات القضاء.
وتزامنًا مع ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، توالت الشكاوى بشأن العقبات الكبيرة التي واجهها المندوبون. وقد اشتكى العديد من المرشحين في طرابلس من تأخير إصدار التصريحات لعشرات المندوبين، باستثناء لائحة "رؤية طرابلس" التي حظيت بتسهيلات كبيرة من المحافظة.
وفي عكار، سجلت إشكاليات عدة متعلقة بعدم وصول صناديق الاقتراع، وعادت وارتفعت نسبة الإقبال في البلدات العكارية. ومع ازدياد الاقبال، حصل العديد من الاشكالات في أقلام الاقتراع.
وبلغت نسبة الاقتراع النهائية في لبنان الشمالي 36.06 في المئة وفي عكار 47.47 في المئة.
وسجّلت وزارة الداخلية نحو 450 شكوى، فيما أبرزت مجريات الانتخابات البلدية في مختلف المناطق، أن المعارك الانتخابية احتدمت في مناطق محددة ضمن كل قضاء، مع تسجيل العديد من الإشكالات الإدارية والأمنية، لا سيّما في عكار وطرابلس، وسط شائعات عن عمليات شراء للأصوات.
وسارع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام إلى الإعلان أنه يتابع سير العملية الانتخابية في الشمال عن كثب مع وزير الداخلية. وكتب عبر حسابه على منصة "إكس”: "أثمّن سرعة تدخل الأجهزة الأمنية لضبط المخالفات ومحاولات الرشوة. لن نتهاون مع تكرار هذه التجاوزات، لا في الشمال، ولا في بيروت أو البقاع أو الجنوب لاحقاً. ومع اقتراب إغلاق الصناديق، أدعو المواطنين في الشمال جميعاً إلى المشاركة بكثافة. هذه فرصتهم للتعبير عن احتياجاتهم وطموحاتهم، فتنمية بلدنا تبدأ ببلداتنا".
ولدى زيارته مساء وزارة الداخلية، قال سلام: "معروف لكل من تابع العملية خلال النهار عدد الشكاوى التي وردت، والأهم هو سرعة التعامل معها والجدية التي برهنت عنها قوى الأمن والجيش، والمؤسف أن تكون العملية توقفت لأكثر من ساعة وفي أحد الأقلام لساعتين، وآمل ألا يتكرر الأمر في بيروت أو البقاع".
وهنّأ سلام وزارة الداخلية بهذه التجارب والآداء، آملًا أن تجرى الانتخابات في البقاع وبيروت والجنوب بطريقة جيدة أيضًا.
أضاف سلام: "نتعلّم من الإشكالات التي حصلت اليوم والأداء سيكون أفضل في بيروت والبقاع والجنوب، ومن الضروري كشف هوية الذين يقفون خلف المال الانتخابي ومعاقبتهم".
ولفت إلى "اننا سنستمر بالسعي لتأمين العملية الانتخابية في الجنوب عبر الاتصالات السياسية والدبلوماسية" وقال: "لا أستطيع أن أعطي ضمانات".
وفي سياق المخالفات، حصل تلاسن ومشادات في أحد أقلام الاقتراع في بلدة عيات وتدخل الجيش لتهدئة الأمور، كما أفيد عن توقف الانتخابات في بلدية مارتوما في عكار، بسبب إشكال كبير داخل قلم الاقتراع وتمت المعالجة من قبل الحيش والقوى الأمنية. واستمرت الإشكالات الأمنية في بخعون - قضاء الضنية منذ افتتاح صناديق الاقتراع. وقد حصلت أعمال عنف استدعت تدخل الجيش. كما أفيد عن حصول اشكال كبير في بلدة فنيدق أمام مركز اقتراع للنساء، وجرى الاعتداء على جندي، وقد ادى الاشكال الى جرح مواطن اثر طعنه بسكين، ووصلت قوة من مغاوير البحر، إلى مركز الاقتراع. وحصل إشكال كبير وتضارب بين عدد من الاشخاص في أحد مراكز الاقتراع في بلدة برقايل - قضاء عكار. وتوقفت عمليّة الانتخابات داخل مدرسة تكريت الرسميّة في عكار بسبب مناكفات حصلت في باحة المدرسة والجيش تدخل.
عون في الكويت
في غضون ذلك ، وصل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي كان تفقد صباحاً غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي في بيروت واطّلع على الإجراءات المتخذة لجولة الشمال الانتخابية، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، إلى المطار الأميري في الكويت، في مستهل زيارة رسمية إلى دولة الكويت، تلبية لدعوة من أمير الدولة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. وكان أمير الكويت في استقباله، وإلى جانبه ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.
وعبّر الرئيس عون عن "بالغ تقديره وامتنان الشعب اللبناني للدعم المستمر الذي قدمته وتقدمه دولة الكويت للبنان، خاصة في الظروف الصعبة التي مرّ بها وطننا. فدولة الكويت كانت ولا تزال سنداً قوياً للبنان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية". وقال: "خلال هذه الزيارة، سنبحث مع الأشقاء في الكويت سبل تعزيز التعاون الثنائي وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين بلدينا، بما يخدم مصالح شعبينا الشقيقين، وستكون فرصة للتأكيد على أن اللبنانيين ينتظرون عودة أشقائهم الكويتيين إلى بلدهم الثاني لبنان لا سيما خلال فصل الصيف المقبل لتزهو الربوع اللبنانية من جديد بوجودهم. كما سنتطرق إلى التحديات التي تواجه المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز العمل العربي المشترك في ظل الظروف الراهنة".