اكتراثٌ رئاسيّ بـ"مؤتمر وطنيّ"... ولا إلحاح

بين الفينة والفينة، يعود إلى الواجهة الحديث عن عقد مؤتمر وطنيّ، ولطالما تزامن مع "المدّ" السياسيّ أو المجتمعيّ في مراحل مفصلية أو عند التوجّس لأسباب خاصة، ثم اضمحلّ مع "الجزر" عند استقرار الأوضاع.
يميل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى المؤتمر الوطنيّ في هذه الفترة، وقد قال: "حان الوقت لعقد مؤتمر وطني من أجل تنقية الذاكرة، ونحن نطالب منذ زمن بالجلوس معاً وإذا لم يتوافر ذلك فمؤتمر دوليّ".
ليس الصرح البطريركي وحده من يحبّذ الفكرة، ذلك أنّ حزب الكتائب اللبنانية يحاول الحضّ على تصوّر مماثل منذ فترة تحت شعار "المصالحة والمصارحة" بين جميع اللبنانيين، بخاصّة أن هناك أفرقاء لم تشملهم المصالحة التي لم تحصل على مستوى وطنيّ كامل. وسيبقى حزب الكتائب يقترح الفكرة حكوميّاً وعلى المنابر، مع حديثه عن أسبقيّته في طلب المصالحة والمصارحة في البرلمان قبل انتخاب رئيس للجمهورية وبعده، واشتراطه اقتناع "حزب الله" بمطلب حصر السلاح في يد الدولة الأمنية الشرعية.
كذلك، أعلن حزب "القوات اللبنانية" قبل أشهر أنه مع عقد طاولة حوار في قصر بعبدا لطرح كلّ الشؤون والشجون الوطنية عند انتخاب رئيس للجمهورية. فهل تعقد طاولة مستديرة تجمع المكونات اللبنانية في فترة قريبة؟
لا يمكن الحديث عن معطى جاهز أو ناجز على مستوى رئاسة الجمهورية والحكومة حيال إمكان عقد مؤتمر وطنيّ سريعاً، رغم أنّ فكرة مماثلة تروق الجميع. وهناك اكتراث في الأروقة الرسمية بعقد مؤتمر وطنيّ ردّاً على استفهامات "النهار"، لكنّ انعقاده لن يكون آنياً لأنه ليس أولوية.
في أجواء الرئاسة الأولى، أنّ فكرة المؤتمر الوطنيّ من ضمن "الأجندة" الرئاسية، لكنّ الأولوية الحالية لدى الرئيس جوزف عون تبقى لمعالجة الوضع في الجنوب اللبنانيّ ومتابعة تصحيح الحدود وما يتفرّع منها، وترسيمها. وأيّ مؤتمر وطني لاحق مكانه الطبيعي قصر بعبدا، لكنّ التوقيت غير محدّد.
ولم تتناول مشاورات البطريرك الراعي في اجتماعه قبل أيام مع رئيس الجمهورية فكرة المؤتمر، إلا أنه عرضها في بكركي مع مجلس نقابة المحرّرين.
وقال مصدر وزاريّ مقرّب من رئيس الجمهورية لـ"النهار" إنّ فكرة عقد مؤتمر وطنيّ ليست مطروحة على طاولة اجتماعات مجلس الوزراء في الفترة الحالية.
وأفاد مطّلعون على توجّهات رئيس الحكومة نواف سلام، أنه لا يعارض عقد المؤتمر، مع ترحيبه بالحوار بين اللبنانيين، لكن لا مشاكل طائفية تستعجل مؤتمراً وطنياً، فيما أولويات الحكومة تنفيذ الإصلاحات وحفظ الأمن والاستقرار وتعزيز قدرات الدولة وتطوير القطاع العام.
ويحبّذ رئيس الحكومة وضع تصوّر للشروع في تطبيق النقاط التي نصّ عليها اتفاق الطائف، وصولا إلى تنفيذ اللامركزية الإدارية الموسعة وإنشاء مجلس للشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية.