"جهاد البناء" تواصل مسح أضرار العدوان الإسرائيلي... كيف سيُحتسب التعويض للمباني المدمّرة ومن سيتكفّل به؟

يحجز ملف إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي على لبنان مكانه على سلم الأولويات لدى "حزب الله" ولا سيما أنه قطع وعداً بإعادة الإعمار وايضاً بالتعويض على المتضررين من جراء العدوان، وباشر بدفع التعويضات لأصحاب المنازل المدمرة ويستكمل الدفع بتسارع لتمكين السكان من العودة إلى منازلهم غير المدمرة. فكيف تعمل مؤسسة "جهاد البناء" لإنجاز ذلك الملف وماذا يقول منسّق برنامج الترميم فيها المهندس حسين خير الدين لـ"النهار"؟
منذ الساعات الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ فجر الأربعاء في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، تعمل الجرافات في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى لإعادة فتح الطرق وإزالة الركام الكبير الذي غطّى بعض الشوارع.
لكن في موازاة ذلك هناك أولويات للسكان الذين دُمّرت منازلهم أو تضررت كلياً أو جزئياً. فتأمين بدل الإيواء هو على رأس سلّم الأولويات فضلاً عن دفع بدل فقدان أثاث المنازل.
خير الدين: وضعنا خطة وننفذها في المناطق كافة
تستند مؤسسة "جهاد البناء" التابعة لـ"حزب الله" إلى تجربتها في إعادة الإعمار لعام 2006، أي بعد عدوان تموز (يوليو) من ذلك العام.
فالآلية التي تنفذها اليوم هي في غالبيتها مستنسخة عن تلك التجربة سواء في التعويض أو في مسح الأضرار ومن ثم في عملية إعادة الإعمار، وبحسب خير الدين فإن العمل مقسّم بحسب الأولويات بدءاً من إزالة الركام وصولاً إلى الإعمار، ويوضح لـ"النهار" أن "عملية مسح الأضرار بدأت في غالبية المناطق، ووفق إعلانات للمؤسسة توزع في البلدات المتضررة، وهذا يترافق مع استمرار إزالة الركام ولا سيما أن الحكومة قد اتخذت قراراً بهذا الشأن في جلستها الأخيرة التي عُقدت في صور.
أما عن خطة "جهاد البناء" فيلفت "هناك مسح للأضرار وفق هيكلية معتمدة، ففي الضاحية الجنوبية على سبيل المثال لدينا خمسة مكاتب هندسية تجري أعمال المسح للأضرار التي تراوح بين الأضرار البسيطة كالزجاج والنوافذ وصولاً إلى التدمير الجزئي وكذلك التدمير الكلي، والأخير هو الاسهل عملياً حيث تُمسح المناطق وتُحصى أعداد المباني والوحدات المدمرة في موازاة دفع بدل الإيواء وأيضاً التعويض عن الأثاث وتم تحديد تلك المبالغ، وسيصار أيضاً إلى دفع بدل إيواء لمن تضرّرت منازلهم كثيراً ولم تعد صالحة للسكن، ومن ثم تقوم شركة وعد بإعادة إعمار المباني في الضاحية وغيرها، أي المباني المؤلفة من طبقات عدة".
بدء مسح الأضرار ينسحب على البقاع، والشمال، وبيروت والجنوب، وفي الجنوب حيث العدد الأكبر من الوحدات السكنية قُسمت المنطقة إلى منطقتين: جنوبي الليطاني وشماليه، وفيهما 15 مكتباً لـ"جهاد البناء" بهدف إنجاز عملية المسح بسرعة، ويلفت منسّق برنامج الترميم إلى أن المكاتب تعمل في المناطق كافة لإنجاز الخطة وإتمام المهام.
وبحسب خير الدين فإن أصحاب المنازل المتضررة بشكل بسيط يمكنهم إصلاح الأضرار على نفقتهم وتقديم الفواتير ليصار إلى دفعها وفق برنامج أعدّته مسبقاً المؤسسة، بمعنى أنها وضعت معايير للتعويض وفق أسعار السوق وبالاستناد إلى الآلية التي وُضعت عام 2006 مع الأخذ في الاعتبار بعض الزيادات في أسعار الزجاج والألومنيوم.
لكن يمكن لاستغلال التجار ولا سيما مستوردي الزجاج والألومنيوم التحكم بالأسعار في ظل عدم اتخاذ تدابير بحقهم عدا تسطير محاضر من قبل وزارة الاقتصاد، أن يظلم أصحاب المنازل المتضررة وبالتالي لا بدّ من إجراءات من وزارة الاقتصاد للجم هؤلاء علماً بأن لا مبرر إطلاقاً لمضاعفة الأسعار.
بلدات الحافة الأمامية تنتظر الاستقرار
أعمال مسح الأضرار المستمرة في غالبية البلدات الجنوبية، لا تنسحب على بلدات الحافة الأمامية حيث لا تزال الاعتداءات الإسرائيلية وأعمال التفجير مستمرة، وبالتالي ستكون تلك المنطقة مستثناة راهناً من عملية مسح الأضرار إلى حين انتشار الجيش اللبناني فيها بعد انسحاب جيش الاحتلال منها، وهذه البلدات تمتد من الناقورة غرباً وصولاً إلى شبعا شرقاً.
لكن السؤال: كيف سيُحتسب التعويض للمباني المدمّرة ومن سيتكفل به؟
من الواضح حتى تاريخه أن ليس هناك من مساعدات خارجية للبنان لإنجاز ملف إعادة الإعمار، وباستثناء إيران التي عرضت مساعدة لبنان لإعادة الإعمار، لم يتلق لبنان أي اقتراحات أو عروض من الدول الأخرى.
وبحسب متابعي ملف إعادة الإعمار فإن "حزب الله" سيتكفل بدفع الفارق في عملية إعادة الإعمار ما بين كلفة الإعمار والمبلغ الذي ستدفعه الحكومة للمتضررين، وذلك بالاستناد إلى الآلية التي وُضعت عام 2006، مع تسجيل أكثر من مفارقة، ومنها أن حجم الدمار قد تضاعف وارتفعت أعداد الوحدات المدمرة من 17500 عام 2006 إلى نحو 40 ألفاً، وأيضاً أن الدول التي أسهمت في إعادة الإعمار حينها ومنها المملكة العربية السعودية، وقطر والإمارات والكويت وغيرها، لم تبد رغبتها بعد في المساهمة في إعادة إعمار لبنان.
بيد أن "حزب الله"، خلف شعار "التزام ووعد"، سيعيد إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي وفق الآلية التي وضعها.