القبض على حويجة ثمرة متابعة بين جنبلاط والشرع

 
القبض على إبرهيم حويجة لم يكن فحسب مجرد تدبيرٍ أمنيّ للنظام الانتقالي في سوريا، إنما حصل بعد مشاورات بين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قبل نحو شهر، بحسب معطيات لـ"النهار".
اعتُقل حويجة بعد تداول بين جنبلاط والشرع للقبض عليه، وهذا ما حصل مع تلبية الأخير النداء الجنبلاطي عشية ذكرى اغتيال الشهيد كمال جنبلاط.
يتحدث الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي عن تواصله مع الشرع وعن جرائم لا تُحصى ارتكبها حويجة ومن قبله محمد الخولي ضدّ الشعبين السوري واللبناني. 
لا يشترط محاكمته في لبنان، وجلّ ما يهمّه أنّه اعتقل لأنه مجرم نكّل بالسوريين واللبنانيين. وعلى اختلاف من أدار تنفيذ الاغتيال بين حويجة أو الخولي أو رفعت الأسد، يبقى وليد جنبلاط على مسافة من تفاصيل كهذه، لأنّ هؤلاء جميعاً من أدوات النظام السوري المخلوع. ويقول إنّ "حافظ الأسد قاد تنفيذ الجريمة".
يتّضح أن اغتيال كمال جنبلاط نُفّذ بعد آخر "حبّة رمل" زمنية من حصارٍ سياسيّ، قبل أن تحاصره سيارة "البونتياك" على طريق بعقلين دير دوريت. في تلخيص للتحديات التي مهّدت لنزف الدماء المضرّجة ببرهة الموت، يمكن الاستناد إلى قراءة سرد تاريخيّ كثير الإسهاب في كتاب "كمال جنبلاط الرجل والأسطورة" للكاتب إيغور تيموفييف، والاستنتاج أنّ أحجار الأحداث في الأشهر الأخيرة من عمر كمال جنبلاط نحو يوم الاغتيال تلاحقت تباعاً.
المشكلة الأولى، تعثُّر محادثاته مع حافظ الأسد خلال زيارته سوريا مع عباس خلف ومحسن دلول في 27 آذار/مارس 1976، بسبب تباينات حول الحسم العسكريّ في لبنان.
كتب كمال جنبلاط في مذكّراته أنّ الأسد رفض طلبه لأنه اعتبر أنها "مناسبة تاريخية لتوجيه الموارنة صوب سوريا". بعدئذ، شنّت المنظمات الموالية لسوريا حملة على جنبلاط متهمة إياه بالسير إلى تقسيم لبنان. أدرك أنّ موقف نظام الأسد تبدّل جذرياً من الحركة الوطنية ودقّ الإسفين بينها وبين الفلسطينيين. ثم اجتاحت القوّات السورية لبنان في حزيران/ يونيو 1976، ما قوّض جهود جنبلاط الذي كان يحاول حينذاك اتخاذ الحوار سبيلاً بين المتحاربين في لبنان. في تموز/يوليو، واصل جنبلاط مهاجمته النظام السوري طالباً انسحاب قوّاته من لبنان.
يمكن اختصار الشدائد اللاحقة بمجرد الاطّلاع على جزء من كتاب "كمال جنبلاط الرجل والأسطورة" تحت العنوان الفرعيّ "موعد مع القدر"، في الآتي:
 "- تردّى الوضع العسكري للحركة الوطنية وقال كمال جنبلاط إنها أصبحت شبه معزولة حتى من الزعماء التقليديين في المنطقة الغربية.
- في منتصف تشرين الثاني، دخل الفلسطينيون في اتصالات مع القيادة السورية انتهت بالمصالحة بين منظمة التحرير ودمشق.
- خفّف كمال جنبلاط حدّة انتقاده للمسعى السوري في لبنان وأوفد محسن دلّول إلى دمشق وكلّفه مهمّة تحليل إمكان الحوار المباشر، لكن المهمة أثبتت أنّ ساسة النظام السوري شطبوا الحركة الوطنية من حسابهم.
- تلقّى كمال جنبلاط معلومات في الصيف عن اغتيالات سياسية فحذّر منها. ثم انفجرت سيارة مفخّخة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 في المصيطبة على مقربة من منزله.
- في 16 آذار/مارس 1977، استقلّ جنبلاط سيّارته بصحبة مرافقَيه للتوجّه نحو عاليه. عندما وصلت سيارته إلى مستديرة بعقلين لحقت بها سيارة ثم تجاوزتها ومالت لتقطع الطريق عليها على مقربة من دير دوريت وتقتل جنبلاط ومرافقَيه. ورغم أنّ أسماء القتَلة لم تُعلن رسمياً، ساد اعتقاد أنّ الجريمة ما كانت لترتكب لولا إيحاءات النظام السوري الذي كان أبلغ أكثر من طرف سياسي في لبنان أنّ "كمال جنبلاط قد انتهى". 
عقود مضت، قبل أن يتدحرج القتَلَة فلولاً.
كيوسك

يمكن اختصار الشدائد بمجرد الاطّلاع على جزء من كتاب "كمال جنبلاط الرجل والأسطورة"