هنا سوق الحميديّة فرع بيروت

إنّه سوق الحميدية فرع بيروت. هذا الشارع الذي يقع في الضاحية الجنوبية لبيروت يضمّ مصالح لسوريين منذ سنوات عدّة. محال ألبسة وأحذية ومفروشات وألعاب وغيرها، كلّها تجمعت في هذا المكان لتشكّل سوقاً أصحابه سوريون نازحون منذ اندلاع الحرب في سوريا. في هذا الشارع أيضاً، بات السوريون يشعرون بألفة كبيرة مع المكان الذي جمعهم منذ سنوات، وبات الخروج منه صعباً رغم انتهاء هذه الحرب وسقوط نظام الأسد.

إذ يقول أبو صالح، وهو سوري نازح ولديه محل ألبسة منذ 12 عاماً في لبنان، إنَّ الوضع في سوريا لا يزال غير واضح خصوصاً بالنسبة إلى الوضع الاقتصاديّ، إذ لا توجد بعد بنى تحتية تخوّل الفرد إقفال مصلحته في لبنان والانتقال وفتح مصلحة مماثلة هناك.

وعبّر بو صالح عن تخوّفه من عدم تحسّن وضعه في حال عاد إلى سوريا، خصوصاً بعد أن أمضى سنوات من التعب والجهد كي يعيش وعائلته بشكل جيّد.

بعض السوريين في هذا السوق ينتظر تحسّن الوضع الاقتصادي في بلاده ليتخذ قرار العودة، فيما البعض الآخر يعتبر أنّه من الصعب ترك ما بناه في لبنان والبدء من جديد.

فاعتبر النازح السوري بشار، أنّه تأقلم مع المنطقة التي فتح فيها مصلحته وتأقلم حتى مع الناس فيها وبنى حياته وعائلته على هذا الأساس، لذلك من الصعب جداً أخذ قرار العودة والتأسيس من جديد وهذا لن يكون سهلاً على الإطلاق.

ويشكو بشار أيضاً من هذه المرحلة المجهولة في سوريا والتي لا تزال معالمها غامضة حتى الساعة، إذ لا يوجد بعد استقرار أمني وسياسي واقتصادي ولا حتى اجتماعي، لذلك لا بدّ من انتظار وضوح الصورة أكثر.

عشرات المؤسسات والمصالح التابعة للسوريين تعمل في لبنان منذ سنوات، ويخشى أصحابها إقفال أبواب رزقهم من دون أيّ ضمانات.

في هذا السياق، يعتبر محمد شمس الدين، الباحث في "الدولية للمعلومات" لـ"النهار"، أنّ الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في سوريا لا يزال غير مستقرّ، وسوريا حالياً في مرحلة انتقالية وبالتالي أيّ سوري لديه مؤسسة في لبنان تعمل سواء في البناء أو المطاعم أو الألبسة أو أيّ نوع تجاري آخر، فهو لن يغامر ويعود إلى سوريا وينقل عمله إلى هناك بل سينتظر أقلّة سنة ليرى مسار الوضع في سوريا وعلى ضوئها يقرّر.

ولفت إلى أنّ الدولة اللبنانية تتعاطى منذ سنوات "بميوعة" وعدم جدية بهذا الملفّ، وهي اليوم ربما تنتظر اتضاح الصورة أكثر في سوريا لتتخذ القرار المناسب في هذا الشأن.

إذاً، الحكومة اللبنانية لم تتّخذ بعد موقفها في ما يخصّ ملفّ النزوح السوري، فيما يبقى الترقّب سيد الموقف لتتكشف المرحلة المقبلة مع تشكيل حكومة جديدة في لبنان.