تطورات الجنوب كادت تهدد الإنجازات

سياسة 27-01-2025 | 14:59

تطورات الجنوب كادت تهدد الإنجازات

هذه الدول لم تقدر حقيقة رد فعل المواطنين في لبنان حتى لو كان فيه استغلال أو توظيف من "حزب الله"
تطورات الجنوب كادت تهدد الإنجازات
جندي إسرائيلي عند حاجز موقت عند مدخل قرية حولا (أ ف ب)
Smaller Bigger

التطورات الاخيرة في الجنوب التي ارتبطت بإخلال إسرائيل بتنفيذ انسحابها من الجنوب بعد مرور 60 يوماً على بدء اتفاق وقف الأعمال العدائية لامست درجة كبيرة من الخطورة كادت تنذر بتهديد الإنجاز الجنوبي وحتى الانجاز السياسي كذلك، فضلا عن أنها أظهرت للخارج أن الوضع لا يزال هشاً، ولا يزال في حاجة إلى رعاية دولية عن كثب. فإسرائيل ارتكبت في الأساس خطأ جسيماً بعدم احترام الجزء المتعلق بها في الاتفاق بمعزل عما إذا كان لبنان نفذ الجزء المتعلق به أم لا، بحيث تكون الكرة عنده آنذاك ، ولكن الكرة كانت في ملعبها لا سيما أنها وفيما كانت تتجاوز المهلة المحددة للانسحاب فجر الأحد المنصرم وتستمر في انتهاك السيادة اللبنانية ، كانت توجه اتهامات قوية لحركة "حماس" في غزة بأنها انتهكت اتفاق غزة ولا تلتزمه في معرض الأخذ والرد بينهما، على نحو يتحدى التزام المعايير في حدها الأدنى من جهة، ويبرر للآخرين الإخلال بالاتفاق اذا رأوا ذلك مناسباً . فحتى لو اعتبرت إسرائيل نفسها منتصرة وتملك اليد العليا في تحديد أو فرض ما تريده ، فإنها أحرجت الدول الراعية للاتفاق ولا سيما الولايات المتحدة التي لم تضغط على إسرائيل على نحو كاف لتنفيذ التزامها خصوصاً أن الحكومة الإسرائيلية ربطت عدم الانسحاب من الجنوب في الموعد المحدد بالموقف من الولايات المتحدة في هذا الإطار . ذلك أن هذه الأخيرة تستمر في رعاية ضمان حصول الاستقرار في الجنوب اللبناني ورعاية الوضع الأمني والسياسي كذلك في لبنان ومساعي إخراجه مما كان فيه ، وتالياً يتعين عليها تقدير احتمال إضعاف الخطوة الإسرائيلية المنتهكة للانتفاضة السلطات الجديدة في لبنان . إذ إن إخلال إسرائيل بالاتفاق ولو لأسباب قد تكون مبررة عملانياً بعدم جهوزية الوضع الجنوبي وفق اتفاق وقف النار ، إلا أنه غير مبرر لها ذلك، فيما أنها وضعت رئاسة الجمهورية في لبنان ومعها قيادة الجيش اللبناني في وضع صعب إزاء تفهم ومحاولة استيعاب ما جرى في الجنوب وإظهار حزم كاف لردع تحرك الأهالي أو تحرك " حزب الله" سلمياً في هذه الحال .

 

هذه الدول لم تقدر حقيقة رد فعل المواطنين في لبنان حتى لو كان فيه استغلال أو توظيف من " حزب الله" انطلاقاً من أن الاعتقاد أن الحزب سيترك هذه المحطة تمر من دون استثمارها إلى الحد الأقصى هو سوء تقدير أو تقدير في غير محله على الأقل. فالخلاصة التي انتهت إليها الاتصالات التي تسارعت منعاً لانزلاق الوضع مجدداً إلى خطر تهديد اتفاق وقف النار وتجدد حرب إسرائيل على لبنان بتحديد 18 شباط تاريخاً جديداً لاستكمال إسرائيل انسحابها ، كان يمكن التوصل إليه على نحو سابق لموعد الأحد الماضي، وكانت بضعة أسابيع محدودة ومعدودة خففت من وطأة ما حصل من حيث استفزاز المواطنين أو تقديم الفرص لهم أو للحزب . فقبل يومين من الموعد المحدد لإتمام الانسحاب ، أصدر الحزب بياناً يلتزم دعوة الدولة إلى التحرك قبل أن يعود وفي ضوء تأكد أن اسرائيل لن تنسحب فيوجه دعوة إلى الشعب اللبناني إلى الوقوف مع سكان الجنوب اللبناني العائدين إلى ديارهم، في موازنة دعوته المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكات وقف إطلاق النار. وسرعان ما وجد الأمر صداه لدى إيران التي تواجه مساعي إبعادها، فعكس الموقف نفسه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي يستمر في ترداد  ان " المقاومة مستمرة " في محاولته دحض ضعفها وتراجعها لا سيما بعد ما حصل في لبنان وإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا . فهذا لا يعني حكما استعادة القدرة على المواجهة المسلحة من الجنوب كما في السابق لاعتبارات كثيرة من بينها تضاؤل القدرة العسكرية على المواجهة وانقطاع أي إمدادات محتملة ، ولكن يوفر أوراقاً سياسية للمساومة على غرار تأكيد الحزب استعادة زخمه الشعبي والقيادي لأهل الجنوب، ما يوفر له زخماً في المقابل للمساومة السياسية في الداخل من موقع أقوى تماماً.

 

ما حصل من إخراج لاحق لجهة تمديد الاتفاق اللبناني الإسرائيلي حتى 18 شباط المقبل وبدء محادثات بوساطة أميركية بشأن إعادة الأسرى اللبنانيين الذين تم أسرهم بعد 7 تشرين الأول 2023 شكل استلحاقاً يعوض عن عدم التزام إسرائيل أو تأخيرها، ويحض الولايات المتحدة على العودة إلى الانخراط سياسياً في هذه المرحلة لتحصين ذلك وليس فقط عبر رئاسة لجنة مراقبة وقف النار في الجنوب. 

 

الإشكالية الكبرى وفق مصادر ديبلوماسية هي أن الخطوات التي اتخذت حتى الآن، إن كان في الجنوب أو في الداخل، ليست كافية في حد ذاتها لضمان انتقال لبنان إلى ضفة مختلفة عما كان عليه في الأعوام أو العقود الماضية . والمخاوف تبقى كبيرة من مطبات كبيرة تبدأ بعدم ثبات هذه الخطوات أولاً واحتمال وجود متضررين يهمهم ألا تمضي هذه الخطوات وفق ما يفترض، بالإضافة إلى القدرة على عرقلتها، فيما أن التراخي الدولي في أي مرحلة من مراحل مواكبة لبنان في هذه المرحلة البدائية يمكن أن يهدد كل ما تحقق، في الوقت إن ما تحقق فعلاً لا يزال بسيطاً جداً ويحتاج إلى الكثير لتثبيته وترسيخه من أجل ضمان عدم العودة إلى الوراء.

 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/22/2025 6:32:00 PM
بيّنت الداخلية السورية أن هذه العملية تعكس مستوى التعاون الإقليمي المتين والجهود المتواصلة لمكافحة الشبكات الإجرامية المنظمة.
المشرق-العربي 12/22/2025 4:35:00 PM
انعكس الانقسام حيال حصر السلاح بيد الدولة العراقية في مواقف قادة فصائل بارزين، بينهم قيس الخزعلي (أمين عام عصائب أهل الحق) وشبل الزيدي (أمين عام كتائب الإمام علي)، اللذان أبديا موقفاً مبدئياً مؤيداً للطرح، في مقابل رفض صريح من "كتائب حزب الله" وحركة "النجباء".
المشرق-العربي 12/22/2025 1:39:00 PM
ضبط صواريخ "سام-7" في مداهمة أمنية بدير الزور
تحقيقات 12/22/2025 4:34:00 PM
جمعت "رويترز" أسماء ما لا يقل عن 829 شخصاً تمّ اعتقالهم لأسباب أمنية منذ سقوط الأسد قبل عام.