شارل عربيد: خطاب القسم رؤية شاملة للإصلاح والبناء

أحمد م. الزين

تميّز خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية جوزف عون، بالالتزام الواضح والنهج العملي من خلال تكرار كلمة "عهدي"، التي تحمل دلالات التعهد الجاد بالعمل. هذه الكلمة تعكس نبرة مختلفة عن الخطابات التقليدية الحافلة بالوصف والتفسيرات، وهو ما يشير إلى إرادة صادقة لإحداث تغيير حقيقي، وفق وصف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد في حديثه إلى "النهار".

الخطاب لم يقتصر على معالجة الشق الاقتصادي، بل تناول مجموعة من القضايا  تشكّل ركيزة أساسية لبناء مستقبل أفضل.

في ما يخص أزمة الودائع، عبّر عربيد عن أهمية فتح مبادرة جديدة تجمع بين الدولة ومصرف لبنان والمودعين، للتوصل إلى حل شامل لهذه الأزمة المستمرة منذ سنوات، مع ضرورة أن تتحمّل المصارف مسؤولياتها لاستعادة ثقة المودعين. وأشار إلى أهمية وجود خطة شفافة وجريئة تساهم في تخفيف العبء عن الاقتصاد الوطني.

من جهة أخرى، شدد الخطاب على أهمية معالجة التهريب والتهرب الضريبي باعتبارهما من التحديات الأساسية التي تعوق بناء اقتصاد تنافسي. ضبط الحدود وتنفيذ القوانين بصرامة يشكلان القاعدة الأساسية لأي إصلاح اقتصادي فعّال. وفي هذا السياق، أكد عربيد أن "الإصلاح ليس مجرد شعار، بل هو مسار ضروري قائم على الشفافية والمساءلة لتحقيق اقتصاد أكثر إنتاجية".

كذلك دعا الرئيس المنتخب إلى اعتماد قوانين تحفيزية تساهم في دعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع التصدير. وفي هذا المجال، لفت عربيد إلى أن "لبنان يمتلك مزايا تنافسية عالمية يمكن تعزيزها عبر إزالة المعوقات أمام الصناعة المحلية، خصوصا في مجالات الصناعات الغذائية والمجوهرات والأزياء". وأضاف أن "السياحة التي تشكّل مصدرا رئيسيا للدخل، تحتاج إلى تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة لتقديم تجربة متكاملة للسياح، خصوصا المغتربين الذين يؤدون دورا محوريًا في هذا القطاع.

ومن القضايا الملحّة التي تناولها الخطاب، النزوح السوري الذي يشكّل عبئا كبيرا على الاقتصاد اللبناني. وقد دعا الرئيس إلى العمل لإعادة النازحين إلى وطنهم، بما يخفف الضغط على البنية التحتية وسوق العمل المحلية.

وفي ما يتعلق بدور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أشار عربيد إلى "الاستعداد لدور أكبر كمظلة للحوار الوطني بين مختلف الأطراف، وهو ما يتيح للحكومة وضع سياسات مبنية على آراء الخبراء وأصحاب العلاقة"، مشددا على أهمية "تعزيز الثقة والاستقرار، شرطين أساسيين لتحقيق أي خطة اقتصادية ناجحة".

يعكس الخطاب رؤية جديدة تتسم بالإرادة والوضوح، ويضع أسسا لنهج متكامل يركز على الإصلاح، والإنتاجية، والثقة. يبقى التحدي الأبرز ترجمة هذه الالتزامات إلى أفعال ملموسة تسهم في تحسين الواقع اللبناني وتلبية تطلعات الشعب.