نازحو "السيّدة زينب" استثناء... الأمن العام والجيش يضبطان الدّخول إلى لبنان ما أمكن (فيديو)

تهبّ رياح فتحمل معها زوبعة من الغبار والنفايات من مخلّفات العابرين والمنتظرين على معبر المصنع، ترتطم بعناصر الأمن العام والجيش اللبناني، ويعكّر الغبار نظرهم فيفركون أعينهم قبل أن يواصلوا تنفيذ الإجراءات الجديدة المتخذة، منذ عصر أمس، لضبط حركة الدخول إلى لبنان، بالتعاون بين الأمن العام اللبناني والجيش ومخابراته والتكامل بينها.

بات هناك حاجز تفتيش للأمن العام على الطريق نزولاً إلى لبنان، في موقع أعلى من مبنى دائرة الدخول، مهمته التدقيق في أوراق الداخلين، لا يتجاوزه ويصل إلى مبنى دائرة الدخول لتختيم أوراقه سوى من يستوفي الشروط. فيما ينتشر عناصر فوج الحدود البري، والتدخل، الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش اللبناني لمؤازرة عناصر الأمن العام وضبط دفق حركة السيارات والأفراد.

"تفضّل" هو الجواب لكل لبناني من العابرين، وللسوريين ممن يحملون إقامات، جوازات سفر أجنبية وحجز سفر.

"لفّ وأطلع" هو  الجواب لمن لا يستوفون شروط الدخول من السوريين، من دون مجال للتفاوض، فهذه هي "الأوامر". وعليه كثر ممن لا تنطبق عليهم شروط الدخول يعودون أدراجهم، ما عدا مهجريّ "السيدة زينب".

فهؤلاء يتجمعّون إما بمركباتهم من سيارات خاصة وفي صناديق شاحنات، أو راجلين في انتظار "قرار استثنائي" يدخلهم جماعياً، كمثل القرار الذي سمح، ليل أمس، بدخول العشرات من أقربائهم ومعارفهم ليلاً تحت مسمى "حالات إنسانية"، وسط حديث بأن أعداداً منهم نقلوا إلى مكان سكن جماعي في البقاع.  

غالبية الذين تجمعوا اليوم هم أيضاً من النساء والأطفال، وهم فروا لخشيتهم من أعمال انتقامية. فمن بين الذكور من لا يخفي الانخراط والمساندة في القتال الشيعي بسوريا إلى جانب نظام الأسد، وعليه يجزمون "لا عودة لنا إلى سوريا".

شقيق أحدهم سبقه ودخل إلى لبنان مرافقاً ومعززاً لأنه كان من القادة، شقيقهما الثاني دخل أمس مع الدفعة الاستثنائية بعد انتظار خمس ساعات ونقل إلى مكان ما إلى بعلبك، فات محدثنا اسم المكان، كلا الأخوين جرى تعميم صورتين لهما على أنهما من "الشبيحة"، في كادر مع صورة لمازن حماده وعلم الثورة السورية، لكن محدثنا ينفي التهمة الموجهة لهما بأنهما كانا يخدمان في صيدنايا، ويؤكد أنهما كانا يقاتلان في الخارج. أحد المنتظرين على الحدود كان قد خرج مع المحررين من سجن صيدنايا بعد ثلاث سنوات قضاها بجرم الإتجار بالأسلحة، لتعمم صورته وشقيقه وصورة لسيارة الشقيق للتعريف بهما من بين "الشبيحة" ففرا معاً بالسيارة إلى لبنان بنيّة الانتقال إلى العراق.

لم تتحرك تلك العائلات عفويّاً باتجاه لبنان، بل نتيجة نصائح وتوجيهات رسائل واتساب، وانتظارها الطويل والمضني هو صبر الموعود، وتجمعها على الأرصفة في العراء عامل ضغط إنساني. 

تحت شمس كانون الثاني، وبين أرتال من السيارات والدخان المنبعث من عوادمها، في عتمة الليل وبرد المصنع اللاذع، يجهد عناصر الأمن العام والجيش اللبناني لضبط حركة الدخول إلى لبنان وفلترتها "من خرم الإبرة"، ما لم يأتِ قرار استثنائي آخر، بضغط كبير، لاستثناء فئة معينة فرادى وجماعات.