حسم حزب "القوات اللبنانية" خياره في التعامل مع الاستحقاق النيابي المقبل على قاعدة "اللعب ضمن القواعد القائمة"، بعدما لمس صعوبة إجراء أي تعديل جوهري في القانون الانتخابي الحالي. فالمناخ الداخلي المتشنّج، ورفض قوى الممانعة، وفي طليعتها "حزب الله" و"أمل"، فتح النقاش في قانون جديد، جعلا من هذا الملف شبه مجمّد حتى إشعار آخر.

رئيس الحزب سمير جعجع عبّر في أكثر من خطاب أن المطلوب اليوم ليس انتظار تعديل القوانين، بل الاستعداد الميداني والسياسي لخوض معركة التغيير في الداخل ومن الخارج. وقد شدّد جعجع في أكثر من كلمة أمام الحزبيين على أن "القوات" ستواجه كل محاولات إجهاض الانتخابات أو تأجيلها، وستتعامل معها كـ"معركة وجودية بين مشروع الدولة ومشروع الدويلة".

انطلاقاً من هذا الموقف، بدأت معراب إعادة هيكلة ماكينة الحزب الانتخابية، وتعمل على تعبئة القواعد الحزبية والمناصرة في لبنان والخارج، خصوصاً بعد النتائج التي أظهرت حجم التأثير الاغترابي في دورة 2022. ووفق المعلومات، فإن الاتصالات بدأت فعلاً مع منسقي "القوات" في أوروبا وأميركا والخليج، بهدف تنظيم تسجيل المغتربين وتشجيعهم على العودة للاقتراع في لبنان، مع اعتبار هذه الكتلة رصيداً انتخابياً استراتيجياً.

وفي هذا السياق يقول رئيس جهاز التواصل في القوات اللبنانية شارل جبور لـ"النهار": "ما نزال لغاية اللحظة ندفع باتجاه إلغاء المادة 112 إما عن طريق الحكومة أو عن طريق جلسة تشريعية في مجلس النواب، لأن ما حصل على هذا المستوى شكّل ضربة للعمل البرلماني الذي نعتزّ به، بسبب مخالفة رئيس مجلس النواب نبيه بري للنظام الداخلي للمجلس النيابي ومخالفة الأعراف المتبعة بعدم عرضه اقتراح القانون المعجّل المكرّر على الهيئة العامة التي هي تقرر إحالة أيّ اقتراح على اللجان أو عدمه".

ويضيف: "لا يحق إطلاقاً لرئيس المجلس أن يستثني هذا الاقتراح أو ذاك لأن الأمر من اختصاص الهيئة العامة التي تبتّ اقتراحات القوانين المعجلة المكررة، وما قام به بري مرفوض وسنبقى نحاول الدفع باتجاه إلغاء المادة 112".

ويشدد على أنه "إن لم نتمكّن من إلغاء هذه المادة فالخيارات ستكون مفتوحة لأن هناك فئة حزبية ولاعتبارات خاصة أرادت إلغاء تصويت المغتربين ما أدّى إلى ضرب الدستور الذي يقول بالمساواة بين اللبنانيين وبالتالي هناك استبعاد عن سابق تصور وتصميم لغير المقيمين وهو أمر لن يمر وسندعو إلى انتفاضة اغترابية رداً على الاستبعاد المرفوض والتهجير المقصود"، في تلميح واضح للسعي إلى استقدام أكبر عدد من المغتربين إلى لبنان.

في المحصّلة، يمكن القول إن "القوات اللبنانية" باتت مقتنعة بأن انتظار تعديل القانون مضيعة للوقت، وأن الرهان الحقيقي يكمن في التنظيم والحشد والتعبئة، تماماً كما يردّد جعجع دوماً: "القوانين لا تغيّر الواقع، الناس هم من يغيّرونه إذا قرروا المواجهة".