فضل شاكر بين العدالة والتسويات: محاذير تصفية الملفات "قضائيّاً"؟

لم يعد الحديث عن فضل شاكر محصوراً في إطار فني أو إنساني، بل تحوّل إلى قضية سياسية - قضائية تعكس هشاشة الدولة اللبنانية وتداخل مصالحها. فأن ينشغل بلد مأزوم كلبنان بملف فنانٍ صدرت بحقه أحكام قضائية، في خضم أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، فذلك مؤشر خلل في أولويات الدولة ومؤسساتها.
عودة اسم فضل شاكر إلى الواجهة، بالتزامن مع نجاح أغنيته الجديدة وانتشارها الواسع، فتحت باب التأويلات حول وجود مساعٍ لإعادة تلميع صورته تمهيدا لتسوية قضائية. هذه الأجواء، بما تحمله من تلميحات وتسريبات، يُخشى أن تعيد تظهير صورة لبنان بلد التسويات، حيث تُدار الملفات الكبرى بميزان المصالح، لا بموجب أحكام القانون.
وما يزيد الشكوك هو أن بعض القوى السياسية لم تخف رغبتها في إقفال هذا الملف، إمّا لإرضاء جمهور معيّن وإما لفتح قنوات تواصل مع أطراف عربية معنية بالموضوع.
القضية في جوهرها قضائية بامتياز. فقد صدرت أحكام بحق شاكر شملت اتهامات تتعلق بأحداث عبرا الشهيرة. وتاليا، فإن أي بحث في إعادة النظر في الحكم يجب أن يمر عبر الطرق القانونية الواضحة، وليس عبر الضغوط أو الصفقات.
تجزم مصادر قضائية عبر "النهار" بأن ملف فضل عبد الرحمن شمندور (فضل شاكر) سيعاد فتحه مجددا، وستكون كل التحقيقات وفق القانون، بعيدا من الحديث عن تسويات أو أي أمر آخر، وسيعامل شاكر كما غيره في ملف عبرا وسواه من الملفات وفق القوانين المرعية الإجراء. أما بالنسبة إلى سقوط الأحكام السابقة فهذا أمر ينص عليه القانون لناحية الأحكام الغيابية فور تسليم المتهم، لتتم إعادة المحاكمة.
لا تعير المصادر القضائية الضوضاء الإعلامية حول القضية اهتماما، فمعلوم أن شاكر فنان جماهيري، وثمة معجبون كثر به، كما أن قضية أحداث عبرا ومجموعات الشيخ أحمد الأسير وما جرى في تلك المرحلة ترك خلفه ندوبا، وخصوصاً أنه في هذه المعركة سقط شهداء للجيش اللبناني، فمن الطبيعي أن يمارس ضغط في هذا الاتجاه. لكنها تشير في الوقت عينه إلى أن قضية في ظل وجود وسائل التواصل يمكن أن تتحول إلى قضية رأي عام وتؤخذ إلى الطائفية والسياسة وأماكن أخرى، وأكبر دليل على ذلك قضية أحد الناشطين المغمورين في الأيام السابقة التي تحولت إلى قضية استهداف طائفة وحزب وما إلى هنالك.
وتشير إلى أن الضغط كان له تأثيره على القضاء في السنوات السابقة، إنما اليوم الوضع تغير، وكل قضية أمام القاضي يمكن تتحول إلى قضية اجتماعية أو سياسية أو غيرها.
من جهة أخرى، الحديث عن تدخل عربي لإنهاء قضية فضل شاكر لم يعد مجرّد شائعة. بعض العواصم الخليجية التي كانت تربطها علاقات سابقة بالفنان لا تُخفي رغبتها في طي الصفحة، سواء بدافع إنساني أو سياسي.
لكنّ هذا التدخل، إن صحّ، يطرح إشكالية تمسّ السيادة اللبنانية، فهل يُعقل أن ُتدار العدالة اللبنانية عبر اتصالات خارجية؟ وإذا كان هذا ما يحصل فعلا، فماذا يبقى من هيبة الدولة؟
في المحصلة، إنّ قضية فضل شاكر تتجاوز شخصه لتصبح مرآة لمحاذير حول واقع الدولة اللبنانية عبر المخاوف من قضاء محاصر بالضغوط، وسياسة تتدخل في كل شأن، وعدالة تنتظر إذن العبور من الخارج.