ثقافة 22-08-2025 | 16:54

"سبيستون" تعود مسرحياً وتدغدغ أحلام طفولتنا... موسيقى جديدة بعبق الماضي وحنينه

ظلّ الحنين إلى مرحلة الطفولة حاضراً بقوة، يتجدد كلما سمع جيل التسعينيات إحدى شارات "سبيستون" أو استعاد جملة من أغانيه.
"سبيستون" تعود مسرحياً وتدغدغ أحلام طفولتنا... موسيقى جديدة بعبق الماضي وحنينه
فرقة Out of Tune في حفلها الموسيقي على مسرح مترو المدينة – الحمرا، في 2 آب/أغسطس 2025.
Smaller Bigger

 

 

في زحمة الأيام وتسارعها، تظل بعض الذكريات عصيّة على النسيان. جيل التسعينيات وبداية الألفية، الذي تربّى على شاشة "سبيستون" (spacetoon)، ما زال يجد نفسه مشدوداً إلى تلك القيم التي زرعتها في وجدانه شارات المسلسلات: العمل والخير، نصرة الضعيف، الوفاء للأصدقاء، والوقوف بوجه الظالم. وكأنّ هذه الأغاني، التي حملت رسائل ملهمة ومبادئ خالدة، كانت "أضواء في آخر النفق تدعونا كي ننسى ما عشناه" من صعوبات الطفولة، وتفتح أمامنا أفق الأمل.



لقد طبعت شارات "سبيستون" الكارتونية ذاكرة طفولة أجيال عدّة، بل وأكثر. فهناك من شباب اليوم من يسدد الكرة كما كان يفعل الـ"كابتن ماجد"، أو يلبّي النداء مثل "باتمان"، أو يقف شجاعاً في مواجهة الخطر مثل "هزيم الرعد". كلها شخصيات كارتونية أحبها الجمهور منذ الصغر، وحفرت فيه قيم الشجاعة والمغامرة والوفاء، لتظل جزءاً من وجدان الأجيال حتى اليوم.



شعار قناة سبيستون (مواقع)
شعار قناة سبيستون (مواقع)

 

 

وظلّ الحنين إلى مرحلة الطفولة حاضراً بقوة، يتجدد كلما سمع جيل التسعينيات إحدى شارات "سبيستون" أو استعاد جملة من أغانيها. غير أنّ الأمر لم يبقَ في إطار الذكريات الفردية فقط، بل تحوّل إلى مشروع موسيقي حيّ أعاد لهذه الأغاني حضورها وسط الأضواء وعلى خشبات المسارح. من هنا وُلدت تجربة "Out of Tune"، فرقة شبابية أرادت أن تُحوّل شاشة التلفزيون الصغيرة التي جمعت جيلًا كاملًا يوماً ما، إلى فضاء مسرحي نابض يتيح إعادة اكتشاف تلك القيم بلغة موسيقية معاصرة.


فرقة Out of Tune في حفلها الموسيقي على المسرح في 2 آب/أغسطس 2025.
فرقة Out of Tune في حفلها الموسيقي على المسرح في 2 آب/أغسطس 2025.



من هي فرقة Out of Tune ؟
تأسست فرقة Out of Tune في أيلول/سبتمبر 2022، وهي مؤلفة من ستة أفراد: كريم شري (غناء)، محمد كركي (درامز)، محمد حمود (غيتار أساسي)، ريان مرزا (غيتار إيقاعي)، علي حمود (بايس)، إضافة إلى عباس المولى الذي يتولى إدارة الفرقة ويعدّ من مؤسسيها.


وفي حديث خاص لـ"النهار"، أوضح المولى أنّ "انطلاقة الفرقة كانت بهدف تقديم موسيقى عصرية، لكن سرعان ما بدأ التركيز يتجه نحو إعادة إحياء شارات سبيستون، باعتبارها جزءاً من هوية جيل كامل"، لافتاً إلى أنّ "هذه الشارات جسّدت قيماً أخلاقية عشناها منذ الطفولة، وما زلنا نؤمن بها حتى اليوم. كما أنّها بالنسبة لنا أشبه بحنين وذاكرة مشتركة، وفي الوقت نفسه أسلوب حياة نعيد اكتشافه مع الجمهور".

 


 

مدير الفرقة عباس المولى على خشبة مسرح مترو المدينة.
مدير الفرقة عباس المولى على خشبة مسرح مترو المدينة.

 

 

ويرى المولى أنّ التعلق بشارات "سبيستون" ليس صدفة، بل يعود إلى كونها أغنيات ارتبطت بالطفولة والبراءة، فمزجت بين موسيقى محببة ورسائل أخلاقية لم تجد الأجيال اللاحقة بديلاً عنها حتى الآن.

 

"رحلة عبر الزمن"
في الثاني من آب/أغسطس 2025، احتضن مترو المدينة – الحمرا أمسية موسيقية استثنائية، حيث أعادت الفرقة  تقديم شارات "سبيستون" أمام جمهور غصّ بالمحبّين. كان المشهد أشبه باستدعاء حيّ للذاكرة جماعية: الجمهور يصفّق، يردد، ويبتسم كما لو أنّه يسمع في الخلفية الجملة التي رافقته يوماً على الشاشة الصغيرة: "سنعود بعد قليل... عدنا".




 

 

المولى وصف الحفل الأول بأنّه "رحلة عبر الزمن"، مشيراً في حديثه لـ"النهار" إلى أنّ "تفاعل الجمهور فاق التوقعات: لم تكن هناك أغنية واحدة لم يردّد الجمهور كلماتها بصوت أعلى من أجهزة الصوت نفسها".


أمّا الحفل المرتقب في 31 آب/أغسطس الجاري، فيؤكد أنّه سيكون مختلفاً، إذ ستتضمن الأمسية عرضاً مسرحياً مدمجاً مع الموسيقى، إلى جانب تقديم شارات جديدة من "سبيستون" وأغنيات أخرى لم تُقدَّم سابقاً.

 

المحقق كونان (مواقع)
المحقق كونان (مواقع)



من النوستالجيا إلى المستقبل
من "عهد الأصدقاء" الذي جسّد قيمة الوفاء، إلى نداء "أبطال الديجيتال" الذي أبرز أهمية التعاون بين الأصدقاء لمواجهة الصعاب، ومن "القنّاص" المغامر في مواجهة التحديات، إلى "المحقق كونان" الذي علّم أنّ المعرفة تنطلق من الفضول، نسجت الفرقة أمسية لم تكن مجرد حفلة موسيقية، بل تجربة وجدانية متكاملة استحضرت ذاكرة الطفولة بكل ما تحمله من قيم ومعانٍ.

 

 

 

 

 

ومع أنّ الأطفال الذين كبروا على شارات "سبيستون" باتوا اليوم شباباً في مواقع العمل والحياة، إلاّ أنّ حضورهم الكثيف كشف أنّ "أطفال الأمس أصبحوا شباب المستقبل"، لكنهم لم يتخلوا عن جذورهم الأولى. بالنسبة لعباس المولى، فإنّ هذه الأغاني لم تكن مجرد موسيقى، بل شكلًا من أشكال الهوية الثقافية العابر للأجيال.

 

ويكشف المولى أنّ طموح الفرقة لا يقتصر على حفلات بيروت، بل هناك مشاريع للتوسع خارج لبنان، من خلال التواصل مع جهات معنية لتنظيم جولات موسيقية في المستقبل.



القناص (مواقع)
القناص (مواقع)




الحنين، في جوهره، ليس مجرد التفاتة إلى الماضي، بل استحضار لقيم لم تفقد معناها. وفي بيروت، بدا واضحاً أنّ الأجيال التي نشأت على "سبيستون" ما زالت تؤمن أنّ الطفولة ليست محطة عابرة، بل رفيقة درب حيّة، تُذكّر بأنّ الموسيقى قادرة على إعادة الإنسان إلى براءة البدايات، وأن تمنحه أملاً بأنّ الغد ما زال يحمل ملامح ذلك الطفل الذي لم يتوقف يوماً عن الحلم.










الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 9:32:00 AM
طقس الأيام المقبلة في لبنان