جعجع: سلطة الدولة كانت مخطوفة و"حزب الله" أمام حتميات جديدة لم يشهدها منذ تأسيسه

أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "القرار الذي اتخذته الحكومة لجهة نزع السلاح في جلستها الأخيرة هو في الحقيقة إقرارٌ كبير وجديد، باعتبار أن سلطة الدولة في لبنان كانت منذ أربعين عاماً، مخطوفة ومقزّمة. ففي مرحلة أولى، طغت هيمنة نظام الأسد على الدولة اللبنانية، فيما المرحلة الثانية تمثلت بسيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية".
وتابع: "تصوّروا طبيعة دولة قرارها الاستراتيجي مخطوف منها، فلبنان في السنوات الأربعين الأخيرة، تحوّلت دولته إلى شكل من أشكال البلدية، أي مؤسسة تهتم بالشؤون المحلية، وبجمع النفايات والماء والكهرباء فحسب، موقفها مسلوب منها، وبالتالي هذه الدولة ليست بدولة".
ونوّه جعجع في حديث خاص لقناة "العربية" مع الإعلامية ليال الاختيار بـ"أهمية القرار الذي اتُّخذ أخيراً"، واصفاً إياه بـ"محطة تاريخية يُفترض على كل لبناني أن يعتز بها"، ولا سيما أنها تمثل "عودة لبنان ودولته إليه، بعد غياب استمر نحو أربعين عاماً، وهنا تكمن أهمية هذا القرار الذي هو بمثابة البداية، إلّا أن أمام الدولة طريقاً قد يكون طويلاً، لكن في النهاية الدولة ستعود بكامل قوامها إلى كنف الوطن". ورداً على سؤال، أجاب: "اليوم هناك تخويف لطائفة تُعتبر مكوّناً أساسياً من مكوّنات الحياة السياسية والديموقراطية والاجتماعية، وهنا أعني الطائفة الشيعية، وهذا خطأ كبير يقع فيه البعض، كما أنه كذبة كبرى تروّجها جماعة حزب الله، وبالتالي لم يستهدف أحدٌ يوماً الطائفة الشيعية التي هي مكوّن أساسي من مكوّنات لبنان، ونحن نعيش مع الطائفة الشيعية منذ مئات السنين، وعلاقتنا جيدة معها، فنحن أبناء شعب واحد". وتابع: "اليوم هناك من يقارن بين ما مرّت به هذه الطائفة، وما شهده المكوّن المسيحي بين الأعوام 1990 حتى الـ2005"، معتبراً أن "هذه المقارنة لا تجوز، لأن ما حصل مع المسيحيين في تلك الفترة مغاير للمرحلة الحالية، فاتفاق الطائف لم ينفذ منه سوى البنود التي كانت تخدم نظام الأسد آنذاك، بعدما تحوّل إلى اتفاق سوري – لبناني – عربي بغطاء دولي. وفي تلك المرحلة، ضُربت القوى السياسية اللبنانية، ومنعت قوى أساسية من العمل السياسي، والبعض هُجّر بينما البعض الآخر مُنح خيار الطاعة، وفي حينه كانت الدولة اللبنانية عملياً دولة سورية، أما اليوم، فالدولة اللبنانية هي لجميع اللبنانيين بمن فيهم الطائفة الشيعية. وكان هدف النظام السوري حينها ضرب جميع المعارضين في لبنان، أما اليوم فالشيعة المعارضون هم من أركان الدولة اللبنانية، التي بدأت تستعيدهم بعدما خطفهم الآخرون طوال السنوات الأخيرة. إذن الطائفة الشيعية كانت مخطوفة من قبل الحزب، وهو أداة بيد الحرس الثوري الإيراني". وأعرب رئيس القوات عن تفاؤله بالموقف الدولي بدءاً بموقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وسواهما، على خلفية موقفهما الواضح جداً. فخلال زيارة الأمين العام للمجلس القومي الإيراني علي لاريجاني بيروت، سمع من المسؤولين اللبنانيين موقفاً واضحاً وصريحاً، يتعلق بوجوب التعامل مع لبنان إذا أرادت إيران مساعدة لبنان، من دولة لدولة، من خلال الأطر الشرعية ومؤسسات الدولة، لا عبر خطف مجموعة من اللبنانيين والاستثمار بهم".
ورداً على سؤال بشأن الورقة الأميركية قال رئيس القوات "هذه الورقة هي بالفعل ورقة أميركية، وأريد هنا أن أضيف نقطة وردت ردّاً على لسان لاريجاني. إن لبنان، رغم ضعفه، لا يمكن لأحد أن يفرض عليه شيئاً. الأميركيون قالوا منذ اللحظة الأولى - وليس كما يدّعي الإيرانيون – إنهم لا يربطون مصيرهم ومصير استراتيجيتهم واقتصادهم كله بموافقة لبنان على هذه الورقة، وهم يحاولون ترتيب شرق أوسط جديد، وإطفاء الحروب والتوترات القائمة. وأعطيك مثالاً صغيراً: قبل يومين فقط، شاهدوا ما حصل بين أذربيجان وأرمينيا، حيث فُتح ممر زنغيزوريا الذي كان مغلقاً منذ مئة عام، وقد تم ذلك الآن بوساطة، فنجح الأمر. الأميركيون قالوا منذ البداية: إن كنتم لا تريدون، فأنتم أحرار. ولكن ما هو المطلب الأساس؟ المطلب ليس نزع سلاح حزب الله فوراً فقط، بل إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة. وهذا مطلب لبناني بالدرجة الأولى. أتمنى أن نعود إلى أدبياتنا السياسية كلها وأدبيات القوى السيادية في لبنان منذ أكثر من عشرين سنة حتى اليوم، حيث كان خطابنا الرئيسي هو: إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة. هذا المطلب بحد ذاته لا علاقة له بأي عنصر خارجي. افترض، على سبيل المثال لا الحصر، أن إسرائيل أعلنت غداً أنها ستبقى في الجنوب، أو أن سوريا قالت إنها لا تريد ترسيم الحدود، فنحن يجب أن نستمر في إعادة بناء دولتنا. لأنه من دون حصر كل السلاح بيد الدولة اللبنانية، ومن دون إعادة القرار الاستراتيجي إليها، لا يمكن أن تقوم دولة لبنانية حقيقية. فمن يعترض على ذلك كأنه غير موجود في الواقع. ونحن بأمسّ الحاجة إلى جميع أصدقائنا شرقاً وغرباً، عرباً وأعاجم، من أجل إعادة بناء وضعنا. فلبنان الآن دولة فاشلة، وليس مجتمعاً فاشلاً، ولإعادته إلى وضعه الطبيعي كدولة، نحتاج إلى جهود كبيرة وعمل ضخم.
من هذا المنطلق، مسألة السلاح هي مسألة داخلية لبنانية، ومطلب لبناني أولاً وأخيراً. وأتمنى أن تقوم أي وكالة استطلاع جدي - لا الاستطلاعات التي يجريها محور الممانعة - بسؤال الشعب اللبناني عن رأيه في السلاح. أعتقد أن النتيجة ستُظهر أن نحو 70% من اللبنانيين لا يريدون السلاح خارج الدولة. إذن هذا مطلب لبناني داخلي".
وسئل" الموقف الرسمي اليوم يربط نزع السلاح بهذه العناصر كلها، هل سترفض وتبقى على موقفك الثابت منذ سنوات طويلة؟
علّق جعجع قائلاً "ليس الأمر مسألة مواقف رسمية، الورقة الأميركية لا تربط البنود كلها ببعضها، بل تتضمّن نحو 11 بنداً، أولها إعلان الحكومة اللبنانية بالإجماع قرار نزع السلاح. لكن للأسف، هذا الإعلان لم يتم بالإجماع فحزب الله لم يوافق عليه، لذا نحن ما زلنا في بداية المسار. أما الإيجابي في هذا السياق، فهو أن بقية مؤسسات الدولة وافقت، لكن حزب الله لم يوافق وبالتالي لا يمكن تنفيذ أي بند آخر قبل أن يوافق. الجميع الآن ينتظر كيف ستعالج الدولة اللبنانية مسألة حزب الله، ثم يُصار إلى الانتقال إلى البنود التكميلية. مثلاً: البند الثاني وقف العمليات العسكرية، والبند الثالث كذا، وهكذا دواليك... لكن ليس بالضرورة أن يتوقف تنفيذ بند على الآخر، فافترض أن إسرائيل بقيت - لا سمح الله - في خمس نقاط في الجنوب، فهذا لا يمنع أن نبدأ بترسيم الحدود. أو إذا بقيت في ثلاث نقاط، فهذا لا يمنع عقد مؤتمر اقتصادي لدعم لبنان. إنها مجموعة عناوين وُضعت للتنفيذ، لكن شرطها الأساسي أن يوافق حزب الله على مشروع الحكومة.
أما وهو فيرفض اليوم ويعتبر أن القرار غير موجود، فبرأيي لا أحد يستطيع أن يواجه دولة بكاملها. مثلاً يكفي أن تتوقف الدولة اللبنانية عن تقديم أي خدمات لحزب الله حتى يتقلص حجمه بشكل كبير. نحن بدأنا من هنا، ونعلم أن الأمور ستأخذ وقتها".
أضاف "اليوم الحزب أمام حتميات جديدة لم يشهدها منذ تأسيسه في الثمانينيات. الجغرافيا التي كانت تمثل له امتداداً - أي سوريا - لم تعد متاحة كما كانت. القوة العسكرية ما زالت موجودة رغم الضربات الإسرائيلية، لكن الحلفاء الذين كان يعتمد عليهم في السابق تفرّقوا.
وعلى ماذا يتكل الحزب إذن؟ لفت جعجع إلى أنه بصراحة، القرار ليس بيد حزب الله، بل بيد إيران التي تحاول الآن إعادة تجميع أوراقها من اليمن مروراً بالحشد الشعبي في العراق وصولاً إلى لبنان. ولحسن الحظ لم تعد قادرة على فعل ذلك في سوريا، لأن الأخيرة أصبحت في مكان مختلف تماماً. حزب الله يعتمد كلياً على إيران، فإذا قالت له "سلّم، يسلّم، وإذا قالت لا، لا يفعل".
وأردف في هذا الاتجاه "بعد وقف إطلاق النار في 27/7/2024، ولأسابيع عدّة، لاحظنا أن خطاب الحزب أصبح ليناً ومقبولاً نسبياً، ثم فجأة تصاعدت لهجته، لأن إيران كانت حينها تحت تأثير الضربة والعقدة، إلى أن استعادت أوراقها وأرادت التصعيد. حتى في الملف النووي، المسؤولون الإيرانيون اليوم يقولون: “من يطلب وقف التخصيب على الأراضي الإيرانية فهو يحلم”. وهذا يؤكد أن إيران تعود لتصعيد مواقفها بانتظار مفاوضات ما مع الولايات المتحدة لترى مدى قدرتها على الاحتفاظ بهذه الأوراق".
وعما إن كان جعجع سيحدد موعداً للاريجاني إذا ما طلبه، أجاب: "هذا سؤال افتراضي، ولكن عندها نرى في ساعتها ووفق زمانها… طبعاً لا أستطيع أن أجيبك الآن".
وعن إمكان التراجع عن قرار نزع السلاح، أجاب جعجع: "لبنان مع كل ضعفه لا أحد يملي عليه أي شيء، والموفد الأميركي أعلن منذ اللحظة الأولى عن محاولة واشنطن بناء شرق أوسط جديد، ولنا حرية الخيار والموافقة، فالولايات المتحدة لن يتأثر اقتصادها أو أمنها إن لم ينفذ هذا القرار الذي هو مطلب لبناني لا أميركي، وأتمنى العودة إلى الخطابات السياسية للأطراف السيادية كلها في الجمهورية اللبنانية أقله منذ 20 سنة إلى الآن، فهي تدعو إلى إعادة القرار الاستراتيجي إلى لبنان من أجل بناء دولة فعلية، ومن دون هذا القرار لا يمكننا تحقيق ذلك كله، ومن هنا يجب تكثيف الجهود في سبيل تحويل دولة فاشلة الى دولة فعالة".
ودعا إلى إجراء استطلاع رأي للشعب اللبناني من قبل جهة مستقلة وغير تابعة للمحور الإيرانيّ حول قضية سلاح "الحزب"، لتبيان حقيقة أن 70% من اللبنانيين يريدون نزح سلاح حزب الله، بالتالي هذا مطلب لبناني 100%".
وشدد على أن "مطلب إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة هو مطلب لبناني بحت، بغية تحقيق مطلب اللبنانيين".
واعتبر أن "المسؤولية تقع على عاتقنا ووفق خياراتنا بعيداً من خيارات أي دولة أخرى ونحن نريد العودة إلى دولتنا، لأنه من دون ضبط مقوّمات الدولة كلها، وإعادة القرار الاستراتيجي إليها لن نشهد قيام دولة لبنانيّة فعليّة، إذ لا أحد يعترف بك من دون دولة، لبنان يعيش في حالة دولة فاشلة، وليس مجتمعاً فاشلاً، والعودة إلى لبنان الستينيات حيث كان الازدهار تتطلب جهداً كبيراً".
وعن المطلوب اليوم من الدول الصديقة للبنان، أجاب: "بصراحة، هذه الدول لم تقصّر أبداً وتحاول أن تهتم، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، منذ عام 2020 حتى عام 2024. وفي أغلب الأحيان تتطابق سياسات الدول الغربية مع ما تريده غالبية الشعب اللبناني. لكن المملكة ساعدت لبنان مراراً، ولم يحدث أن أضرّت به. على عكس الجمهورية العربية السورية، في عهد الأسد الأب والابن، التي خربت لبنان، واستنزفت إمكانياته الاقتصادية، وسيطرت على قراره العسكري، وسهلت دخول النفوذ الإيراني إليه.
فإيران، منذ أربعين عاماً حتى اليوم، شلت الدولة اللبنانية بالكامل، وأصبح القرار الاستراتيجي في طهران، من توقيت الهجوم إلى تبادل الأسرى. أما المملكة العربية السعودية، فلم تتدخل في قرارات لبنان، بل كانت دائماً تساعده مادياً، أحياناً بإيداع مليارات الدولارات في المصرف المركزي لدعم الليرة.
صحيح أن المملكة استنكفت بين 2015 و2020 لأنها رأت أن الوضع في لبنان لا يتقدم، لكنها عادت منذ 2024 لتساعد، وكان لها دور أساسي في تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية. المملكة لديها قناعاتها السياسية، على غرار تمسكها بمبدأ حل الدولتين في القضية الفلسطينية، وهذه القناعات تتطابق مع الميثاق الوطني اللبناني والسياسة اللبنانية التاريخية.
أما عن العلاقة مع سوريا، فهي دولة ذات أهمية استراتيجية لكونها على حدودنا، ويجب أن نسعى لعلاقات جيدة معها، لكن في السابق، مع الأسد، واجهنا نظاماً فاشياً وقمعياً. الآن مع نظام أحمد الشرع، تبدو الأمور أفضل، وهناك تحسين في ملف الحدود، ومحاولات للتعاون، واجتماعات تنسيقية مع لبنان، بعضها حصل في الرياض.
وإن لم يتم نزع السلاح ضمن المهلة المحددة، قال: أنا لا أحبذ الإجابة عن أسئلة افتراضية، لكنني أؤمن بأن التاريخ ينتج نفسه بنفسه. إذا حسمت الدولة أمرها، فإن معظم الأمور تُرتّب بالطرق السلمية، وإن بقيت بعض العقد، تُحل بعمليات جراحية صغيرة في وقتها.
وحيال اللقاءات الإيرانية المرتبطة بالعقيدة الثورية ومنهج إيران في المنطقة، أقول للمرشد الإيراني: لبنان دولة مستقلة، ولا يمكن أن يستمر تحت سلاح خارج الدولة أو وصاية خارجية، وأي رهان على إبقاء الوضع كما هو رهان خاسر.
ورداً على سؤال، أجاب: "تنفيذ قرار نزع السلاح لا يحتاج بالضرورة إلى القوة، سأضرب مثالاً: في لبنان، التهريب ممنوع، لكن المهرّبين يلتزمون ما دامت هناك دولة تُطبق القانون. قبل أسبوع، وتحديداً يوم الجمعة الماضي، ذهبت الدولة إلى أحد أبرز أوكار التهريب في حي الشراونة - بعلبك، حيث واجه المهربون الجيش اللبناني، وحدث اشتباك، هكذا يجب أن يكون الأمر: إن من يريد الاحتفاظ بالسلاح يعلم أنه لحظة ضبط الدولة لأي مخالفة، ستذهب إليه".
وتابع: "البعض يقول إنني كنت من أشد المتشددين في موضوع السلاح، وما زلت، وكنت أدعو إلى نزعه "اليوم قبل غد"، لكن أخيراً تحدثت عن أن الموضوع يحتاج إلى خطوات متراكمة، لأن الواقع القائم يفرض ذلك. فالعمل يجب أن يتم بأقل الأثمان الممكنة، لتجنيب لبنان أي اقتتال داخلي. وأرفض توصيف هذه العملية بأنها اقتتال داخلي، لأن ما يحصل هو تطبيق الدولة للقانون، ومن يقف بوجهها فهو ضد القانون ويجب أن يُحاسب".
وقال: "أنا مع ترتيب الأمور بالطرق السلمية حيث يمكن، ولكن إن لم تنجح هذه الطرق، فعلى الدولة أن تتصرف كما تتصرف أي دولة في العالم. أذكّر: قبل أسبوعين أو ثلاثة، شاهدنا جميعاً عبر وسائل الإعلام أن مجرد وجود مهاجرين غير شرعيين في الولايات المتحدة أكبر دولة ديموقراطية في العالم أدى إلى أن تتحول لوس أنجلس إلى ساحة مواجهات استمرت نحو عشرة أيام. إذن، أحياناً تُضطر الدولة إلى استخدام القوة، وأتمنى ألا نصل إلى هذه المرحلة، وأتمنى أن يتجاوب حزب الله كما يجب".
ولفت الى أنه "حتى الآن، هناك خطوات مطلوبة يجب البدء بها، وقد تكون خطوة واحدة كافية لحل الأزمة، وإن لم تُحل، نستمر تدريجاً خطوة خطوة".
سئل: "هل ما تطبقه الدولة اليوم نتيجة ضغط أميركي أو إسرائيلي أو دولي، أم تنفيذ للدستور اللبناني فحسب؟"، فأجاب: "برأيي، هذا التفكير خاطئ. إذا بدأنا من إسرائيل، فهي تتمنى بقاء الوضع الحالي، وأكبر دليل هو ما يقوله الإسرائيليون: هذه أفضل وضعية لهم منذ 75 أو 80 سنة، منذ تأسيس دولتهم. المجتمع الدولي والعربي يمنحهم "حقاً" وليس الحق المطلق بملاحقة أي تحرك عسكري لحزب الله، وهم يفعلون ذلك. إذا وجدوا ما لا يعجبهم، يستهدفونه فوراً، ولا أحد يعترضهم".
وأكد أن "الوضع الحالي منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما يشرف حزب الله على تنفيذه. فما هي الخسائر الإسرائيلية حتى الآن؟ في لبنان سقط نحو 240 قتيلاً، بينما في إسرائيل لم يسقط أحد، أي إن خسارتهم تقتصر على الذخيرة التي يطلقونها، إذن، إسرائيل في أفضل وضع، وهي تمسك بزمام المبادرة".
أضاف: "أما أميركا، فهي تراقب وتحاول ترتيب الأمور في المنطقة وفق ما تراه مناسباً، لكن إذا لم تنجح، فهي لا تعتبر الأمر كارثة. الضغط الأميركي ليس هو المحرك الأساس، بل المشكلة اللبنانية هي غياب الدولة الفاعلة، ونحن منذ 40 عاماً بلا دولة فاعلة، ولا مستقبل لنا من دونها، وأول شرط لقيامها هو ألا يبقى أي سلاح خارج سلطتها".
أما عن وجود انقسام داخلي داخل حزب الله، فقال: "أنا لا أعتقد ذلك. الحزب ليس حزباً ديموقراطياً أوروبياً يسمح بتعدد الآراء، بل في النهاية الكلمة الأولى والأخيرة لإيران".
بالنسبة إلى ملف السلام، قال: "المنطقة تتجه إلى السلام مع إسرائيل من مبدأ السلام من أجل التنمية والازدهار والديبلوماسية الاقتصادية، لكن قبل الوصول إلى التنمية والازدهار، هناك مشكلة أساسية يجب حلها، وهي القضية الفلسطينية. كثير من الدول خصوصاً الأوروبية، وانضمت إليها أخيراً أستراليا بدأت تقول إنه يجب الاعتراف بدولة فلسطين وفق حل الدولتين، ثم الانتقال إلى الخطوات التالية. حتى المملكة العربية السعودية، وهي لاعب أساسي في هذا الملف، ترفض أي عملية سلام من دون حل القضية الفلسطينية".
وختم: "فكرة السلام مقبولة إذا كانت مع قيام دولة فلسطينية، أما من دونها فلا. التجارب السابقة كمحاولات إدارة ترامب أثبتت أن السلام الجزئي لا يؤدي إلى نتيجة. القضية الفلسطينية تحتاج إلى حل جذري، وأي حل يجب أن يكون داخل الأراضي الفلسطينية، لا عبر التوطين في دول أخرى. الفلسطينيون أنفسهم يرفضون التوطين، ويريدون العودة إلى أرضهم وبيئتهم الطبيعية".