فدانان كافيان!

اليوم الثلاثاء، تتقلّب حكومة نواف سلام على صفيح "سلاح الحزب" الساخن. الحزب لن يوافق، ونحن لا مصلحة لنا في ميني-حرب أهلية الآن، وعلى عُقّال بيئة الحزب أن يتحلوا بالواقعية: فقد سلاحهم دوره الإقليمي بفرار الأسد وانكفاء إيران، والمحلي بعجز فاضح عن حماية البلد، وعليهم الإصغاء للآخر بلا تخوين (لا بيئة مخروقة إسرائيلياً كبيئتهم) ولا تخويف (ليس من يصدق بعدُ وهم فائض القوة).
في 1923، كتب زئيف جابوتنسكي في "الجدار الحديدي" إن العرب لن يسالموا إسرائيل إلا متى أدركوا عجزهم عن هزيمتها. ولدت إسرائيل لتتعذر هزيمتها، وكان أنور السادات الأذكى حين استعاد سيناءه بكامب ديفيد متخلياً عن أوهام 1973 المجيدة.
اليوم، نتنياهو يحفظ مقالة جابوتنسكي عن ظهر قلب، ويتذرع بوهم التهديد الوجودي ليتوسع من إسرائيل كُبرى تُخيف جيرانها إلى إسرائيل عُظمى يقع هذا الجزء الأسوأ من العالم تحت هيمنتها... ومن يُراهن على تراجعه واهمٌ.
كذب الإيرانيون على "حماس" بـ "يا قُدس قادمون"، فأزالت 7 أكتوبر غزة وألغت فلسطين، ومن عافته الصواريخ يموت تجويعاً. إنها حقيقة ساطعة كالشمس. أما عينٌ تُقاوم مخرزاً، ودمٌ ينتصر على السيف، فلندعها لمجالس الحكواتي.
تجنباً لضربتين قاتلتين يُنذرنا بهما وليد جنبلاط، وقناعةً بأن الحزب أوهن اليوم مما كان عليه عشية توريطنا في حرب إخوان "حماس"، فليسلّم الحزب بالحقيقة، ولو كانت مُرة.
أما إذا أراد التعنّت، فليتعنّت وحده، من دوننا نحن باقي اللبنانيين الذين صوتُنا أعلى من صوت معركته وأحقّ، ما دامت معركته "بازاراً" سياسياً لا صلة له بفلسطين ولا بترهات المقاومات. وبأعلى نبرة نقول: لا نرضى بعدُ بالتضحية بدمنا تحت ستار "شعار الكرامة"، ولا نرضى بسلاح غير شرعي في لبناننا.
فإن أرغى وأزبد، وهاج وهدّد، خصّصوا له فدانين يُقاوم فيهما على قياسه، ونحن "نعيش لبنان" كما يحلو لنا... بسلام.