اليوم الثاني من "لقاءات ريف للشباب" في نسختها السابعة  الخاصة، شهد سلسلة من الأنشطة التفاعلية التي جمعت بين الفن والبيئة، التاريخ والجغرافيا، والأفلام التوعوية، فضلاً عن نقاشات حية تُعبّر عن وعي جيل يتحرك من أجل التغيير.

 

المبنى الأثري لسراي آل المرعبي, (ميشال حلاق)

إمتدّت الفعاليات من ورش فنية صباحية، إلى جولة ثقافية حول الحجر الأسود، وصولًا إلى عرض أعمال فنية من إنتاج سفراء "ريف الشباب"، في حضور أكثر من 150 من الكشفيين   والمرشدات من كل المناطق اللبنانية كانوا يخيمون في عكار، إلى جانب أهالي القرى التي ياتي منها سفراء "ريف".
انطلق اليوم الثاني صباحاً بنشاطين متوازيين جمعا بين الفن والتاريخ الطبيعي. في ورشة "تشكيل التراب" من تنظيم (Hrarth)، استخدم المشاركون المواد الطبيعية من البيئة المحيطة وسيلة للتعبير الفني، محولين الطين، الأحجار، وأوراق النباتات إلى أعمال فنية صغيرة.

قنطرة حجرية.

بالتوازي، شارك فريق آخر في الجولة الثقافية المعروفة بـ"يوم البازلت"، التي أضاءت على الأهمية الجيولوجية والثقافية للحجر الأسود المنتشر بكثافة في عكار. بدأت الجولة في بلدة البيرة بزيارة السرايا العثمانية القديمة والمسجد القريب منها، مروراً بمعبد "نيميسيس" الروماني الفريد في منجز، الوحيد في لبنان المبني بحجر البازلت، ومن ثم السير بمحاذاة النهر حتى مدخل البلدة، حيث زار المشاركون بيت الأخوين  داود،  المختصين بفن النحت على حجر البازلت، بالإضافة إلى كنيسة مار دانيال والبيوت القديمة المبنية وفق النمط التقليدي المعروف بـ"سنبلة القمح".

منحوتة من محترف الأخوين داود.

وقدّم الناشط البيئي أنطوان ضاهر خلال الجولة شرحاً عن أهمية الحجر والتراب البازلتي، قال: "هذه المنطقة من عكار تُعدّ من أكبر المناطق البازلتية في لبنان، وتشكل نحو ثلث مساحة المحافظة. ما يميز التراب البازلتي أنه يمنع تسرب المياه، لذلك يُنصح باستخدامه في برك الري بدلًا من البلاستيك، لكونه بلاستيك طبيعياً. البازلت هنا ليس مادة بناء فحسب، بل ذاكرة معمارية: من الكنائس إلى الجوامع، والمعابد الرومانية، كلها بُنيت بالحجر الأسود. هناك تدرجات في ألوانه، من الأسود الداكن إلى المائل للأزرق، ولكل منها خصوصيته.".

 

معبد نيميسيس.

 ومع حلول المساء، اجتمع الحضور في ساحة مفتوحة لعروض ثلاثة أعمال فنية من إنتاج سفراء "ريف"، تنوعت بين البرنامج الكوميدي، البودكاست، والفيلم القصصي والتحريكي. ناقشت هذه الأعمال قضايا بيئية من صلب الواقع اللبناني، مثل رمزية شجرة اللزاب، والأساطير المحيطة بالضبع المخطط، وإعادة التفكير في الصور النمطية المرتبطة بالذئب. وقد جاءت هذه الإنتاجات ثمرة شهور من العمل المشترك بين السفراء ومرشدين متخصصين، لتشكّل نماذج مبتكرة لمناصرة البيئة من خلال الإعلام والفن.
بعد العرض، دار نقاش مفتوح بين الجانبين شارك في خلاله الشباب أفكارهم حول دورهم المستقبلي بعد انتهاء فترة التوجيه والمرافقة. وأكّدوا أنهم يعتزمون استخدام أفلامهم أدوات للتوعية في المدارس والمجتمعات، معتبرين أن التعليم البيئي يجب أن يصبح جزءاً أساسياً من المناهج الرسمية، وأن الفن أداة فعّالة للمناصرة والتغيير المجتمعي.
 وأختتمت السهرة بحفلة موسيقية راقصة في الهواء الطلق مستوحاة من الإيقاعات الإفريقية، بمشاركة فرقة "إيقاع الدنيا" مع يمنى مروة، ماريليز عاد، جاد عوّادة، ومالك فليفل.