Art Explora تزور لبنان بعد عام

ألبانيا- أوراس زيباوي

ها هي سفينة Art Explora تحط رحالها في ألبانيا، بعد مالطا وفرنسا وإيطاليا والمغرب وإسبانيا.
إنها سفينة شراعية عملاقة مخصصة فقط للتعريف من خلال التكنولوجيا والتقنيات الافتراضية بتاريخ الفنون، بالتعاون مع المتاحف الكبرى ومنها متحف اللوفر ومتحف أورسي. الدخول مجاني وموجه لكل الأجيال. منذ انطلاقتها الأولى العام الماضي، جاوز عدد زوارها 200 ألف، ومن المتوقع أن تحقق نجاحا في ألبانيا، خاصة أنها قادرة على استقبال 2000 شخص يوميا.

يقف وراء هذا المشروع الاستثنائي رجل الأعمال الفرنسي فريديريك جوسيه (من مواليد عام 1970) الذي نشأ في كنف أسرة مثقفة وورث حب الفنون عن أبويه. والدته عملت لسنين طويلة، مسؤولة في مركز بومبيدو الثقافي، أما والده فكان مدير المدرسة العليا للموسيقى في باريس.

معرض داخل سفينة Art Explora.

انطلقت مؤسسة "آر إيكسبلورا" عام 2019، ومن أهدافها جعل تذوق الفنون متاحا لكل فئات المجتمع وغير محصور بالنخبة المثقفة. إنها مؤسسة فرنسية عالمية مفتوحة على البحر، تؤمن بحوار الثقافات ووحدة المصير بين ضفتي المتوسط حيث نشأت أقدم الحضارات البشرية.    
 استقرت السفينة-المتحف في ميناء مدينة دوريس الذي يبعد ساعة بالسيارة عن العاصمة تيرانا. وتحول الميناء منذ وصولها الى قرية فنية حيث تُنظم النشاطات في الهواء الطلق. 

وها معرض "تحت اللازوردي"، لمجموعة من الفنانين القادمين من المتوسط مع حضور لبناني مميز حيث مجموعة من لوحات الراحلة إيتل عدنان، ومنحوتة لسيمون فتال طالعة من تراث الحضارات المشرقية، كما شريط فيديو للثنائي خليل جريج وجوانا حاجي توما. وتركز الأعمال المشاركة على القضايا الملحة اليوم في العالم ومنها الإرث الاستعماري وتلوث البيئة وحضور المرأة ومآسي الهجرة.

سفينة Art Explora.

التقينا بمديرة مؤسسة "آر إيكسبلورا"، بلانش ديليترانج، وسألناها عن علاقة المؤسسة بلبنان فقالت "نحن ندعم الفنانين اللبنانيين ونتعاون مع شخصيات لبنانية حاضرة في مشهد الابداع المعاصر منها السيدة أماندا ابي خليل التي تقيم بين لبنان والبرازيل. وفي شهر أيار مايو القبل سننظم في بيروت مجموعة من النشاطات على مدى ثلاثة أيام. أما السفينة-المتحف فمن المفترض أن تبحر الى بيروت العام المقبل". 
تشمل نشاطات السفينة-المتحف، اقامة الندوات والحفلات الموسيقية، ومنها سهرة رائعة تمزج الموسيقى الالكترو بالطرب الشرقي والموسيقى التركية الفولكلورية، وأحيت النجمة الألبانية إيلسا ليلا سهرة مميزة أنشدت فيها أشهر أغنياتها.

الى العاصمة تيرانا، واحتفالية كبيرة لمناسبة تحويل "فيلا 31" مقرّ الديكتاتور الشيوعي السابق أنور خوجه (1908-1985) مركزا للفنون المعاصرة.

مقر الديكتاتور الشيوعي السابق أنور خوجه.

تتميز بعمارتها الجميلة، وفيها أقام وعمل الدكتاتور كما تشهد عليه مكتبته وقطع الأثاث التي ما زالت على حالها في الغرف الشاسعة الموزعة على ثلاث طوابق. 
خضعت الفيلا للتجديد حتى تتلاءم مع وظيفتها اليوم كمركز للفن المعاصر ومقر لإقامة فنانين زوار من جنسيات مختلفة على مدار السنة. تبلغ مساحتها 4 آلاف متر مربع وهي تطل على حديقة شاسعة في حي كان في السابق ممنوعاً على أبناء المدينة ومحصوراً بمساكن مسؤولي الدولة. أما اليوم فهو يعج بالحيوية، وتحيط بالفيلا الأبنية الحديثة والمطاعم والمقاهي التي تعكس حركة العمران الكثيفة التي تعيشها تيرانا منذ عشرين عاماً ويساهم فيها معماريون من مختلف الجنسيات.

من داخل الفيلا.

إن قرار تحويل فيلا الدكتاتور أنور خوجة الى مركز للفنون المعاصرة لم يأت من فراغ. فرئيس الحكومة الألبانية، إيدي راما، هو أيضاً فنان تشكيلي درس في معهد الفنون الجميلة في باريس في الثمانينات من القرن الماضي وهو يتقن الفرنسية وتربطه صداقة شخصية مع العديد من الشخصيات الفرنسية. قبل توليه رئاسة الحكومة كان راما رئيس بلدية تيرانا ووزيراً للثقافة ويملك اليوم برنامجاً لجعل عاصمته مدينة حية حديثة مفتوحة على العالم. يتوافق ذلك مع طلب ألبانيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2028. ضمن هذه الرؤية المستقبلية تأتي هذه الشراكة الألبانية اليوم مع مؤسسة "آر إيكسبلورا" التي تسعى بدورها إلى توطيد حضورها الثقافي في منطقة البلقان وحوض المتوسط.