أنقذوا الطيور المهاجرة شمال لبنان... هواة ببنادق صيد وأسلحة حربية يمعنون في "قنصها" يومياً (فيديو وصور)
تحول العديد من المناطق الشمالية الجبلية ولا سيما منها جبل تربل وأماكن عدة على امتداد ساحل عكار، خصوصاً من مفترق حمص حتى بلدة العريضة الحدودية، مرابض للصيد البري العشوائي واقتناص الطيور المهاجرة التي بكرت بعبور لبنان في هذا الموسم.
يسبق الذكور الإناث من أجل إعداد الأعشاش استعدادا لموسم التزاوج، وخصوصاً الطيور الجارحة والحوامة كاللقلق الأبيض والأسود والكرك والبجع أبو جراب. مئات الصيادين الهواة من عكار والشمال والمناطق اللبنانية المختلفة، ينتشرون يومياً للتمركز في هذه المناطق التي تعتبر ممراً إلزامياً في اتجاه أوروبا، وعلى الأخص في عطلة نهاية الاسبوع.

ففي جزء من الساحل العكاري الشمالي وعلى مسافة تزيد عن 10 كيلومترات، تصطف سيارات الصيادين ودراجاتهم النارية على الطريق الرئيسية، حاملين بنادقهم المتنوعة المرخصة وغير المرخصة، وبنسبة كبيرة منها أسلحة حربية، ويفتحون جحيم نارهم على أسراب هذه الطيور، محولين الشاطئ حقل رماية حرة حيث لا حسيب ولا رقيب ولا احترام لقانون حمل السلاح ولا لقانون الصيد، متعرّضين لعشرات آلاف الطيور المهاجرة المحرّم صيدها محلياً ودولياً.

وانتشرت في الأيام الأخيرة فيديوهات وصورعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تفضح ما آلت اليه استباحة القوانين، على رغم بعض الجهود التي تبذلها القوى الأمنية بالامكانات المتواضعة عدّة وعديداً وغير الكافية طبعاً لمواجهة هذا التحدي الكبير لحماية هذه الطيور وتأمين سلامة عبورها حرصاً على سمعة لبنان البيئية .
هذا الفلتان المستشري، يثير غضب أبناء المناطق العكارية والناشطين البيئيين الرافضين الاستباحة البيئية بل المجزرة اليومية وإقلاق راحتهم، والمضي في هذا السلوك الأرعن والتجاهل النسبي من الجهات الرسمية المعنية.

ضاهر
رئيس "مجلس البيئة" في عكار الدكتور أنطوان ضاهر الذي أبدى استياءه من هذه المعمعة، قال: "ما من طائر جميل يمر في سمائنا إلا يتسابق "القواصون" (الصيادون) على إصابته وإسقاطه، كأنه العدو الشرس اللدود! ما من مجموعة طيور تحلق في فضائنا إلا يتحول المشهد جبهة حربية ضد الطيور "الغاشمة" التي انتهكت أجواءنا!
كل ذلك على مرأى من القوى الأمنية المولجة الحفاظ على السلامة العامة ومسمعها، بما فيها سلامة الناس من بنادق القواصين وأيضاً سلامة الطيور العابرة وسلامة الطبيعة، علماً أن لبنان سبق أنه وقّع على كل المواثيق التي تحمي الطيور".
وشدد على "أن هذا المشهد المخزي الحالي ما كان ليحصل لو تحركت القوى الأمنية في السابق أثناء جبهات حرب مماثلة ضد الطيور استعملت فيها كل الأسلحة".
وأمل من "العهد الجديد، والحكومة الجديدة رئيساً ووزير داخلية، إدراج أمر حماية الطبيعة من ضمن أولويات الدولة، إذ إن الأمور لاتزال "فالتة" كلياً حتى اليوم، والأمر لا يتعلق بوزارة البيئة التي ليس لديها جهاز تنفيذي، ولا بوزارة الزراعة، بقدر ما له علاقة مباشرة بسياسة الحكومة في ما خص حماية الطبيعة التي هي كنزنا الأكبر والأهم، وبطريقة ترجمتها بواسطة القوى التنفيذية والأمنية".

"الجمعية اللبنانية للطيور المهاجرة" التي تبذل جهوداً استثنائية رغم إمكاناتها المحدودة بالتعاون مع الناشطين البيئيين في مختلف المناطق، وبعض قطعات قوى الأمن الداخلي لا سيما منها في مناطق زغرتا والضنية وعكار، تواصل اتصالاتها بكل الجهات الرسمية المعنية في وزارات الداخلية والبلديات والبيئة والزراعة، إلا أن ثمة تباطؤاً كبيراً في تأمين كل المتطلبات اللازمة، وفق القانون، لتوفير الحماية للطيور المهاجرة العابرة للأراضي اللبنانية عموماً والمناطق الشمالية خصوصاً.
وأكدت أن "في كل يوم تحدث مجازر لهذه الطيور في شمال لبنان. والفيديو(المرفق) الذي أعده ناشطون في العريضة - عكار، يظهر على امتداد الخط البحري الساحلي، الواقع القاسي لما يحدث".
ولفتت الى أنه "لا يمكن تجاهل هذه الأزمة أكثر من ذلك، وعلى الحكومة الجديدة اتخاذ إجراءات فورية لتنفيذ القوانين وحماية ما تبقى من حياتنا البرية"، معتبرة "أن الصمت تواطؤ صريح".
واشارت الى "أن دورية مفرزة الاستقصاء في محافظة عكار أوقفت صيادين اثنين وصادرت طائري لقلاق مصابين في منطقة العريضة، واحالتهما مع المضبوطات على القضاء المختص. فيما سلمت الطائرين الى الجمعية لنقلهما الى مركزها ومعالجتهما".
وأوضحت "أن مخافر الدرك في قضاء زغرتا تتعاون معها لمتابعة هذا الموضوع، غير أن الامكانات غير كافية لتغطية المساحة التي يتحرك فيها الصيادون كاملة، والذين انشأوا مجموعات تواصل (واتس أب) في ما بينهم لتفادي دوريات القوى الأمنية".
ورأت "أن الأمر يتطلب مساندة كبيرة من الجيش اللبناني المنتشر على الارض في مختلف المناطق، خصوصاً في هذه الفترة التي تعتبر ذروة عبور أسراب الطيور المهاجرة".
كذلك "ثمة ضرورة قصوى لفرض نوع من الرقابة الصارمة جداً وملاحقة المتورطين في هذا الصيد العشوائي وغير القانوني، للحد من المخاطر الكبرى التي تتهدد هذه الطيور ، خصوصاً أن بعضهم يمتهن هذه الأفعال لتحقيق موارد ربحية تجارية عبر بيع هذه الطيور بعد اصطيادها وتحنيطها".
نبض