أما من نهاية لدوّامة العنف في طرابلس؟ دعوات الى إنقاذها من الفلتان الأمني وردع العابثين

الانفلات الأمني الليلي في طرابلس جعل الحياة في عاصمة شمال لبنان، إمتداداً الى القلمون وضهر العين في الكورة والبداوي والمنية ودير عمار، فصلاً مأسوياً مقلقاً من سلسلة أفلام "الويسترن" الهوليوودية يجري تمثيله على أرض واقع العاصمة الثانية، وتتنقل حلقاته اليومية بين شوارعها وأزقتها، ويحصد ضحاياه من خيرة شبابها الذين يسقطون إما عمداً وإما بالرصاص الطائش المتفلّت.
لا خطط أمنية نجحت حتى الساعة في لجم هذا الجنون المتمادي، كون السلاح المتفلت في يد الجميع، خلف كل باب، في البيوت والخزانات وحتى في المراحيض والحمامات. ثمة حفنة من العابثين لا تتقن سوى لغة واحدة هي لغة الرصاص والقتل أو الطعن بالسكاكين والإعتداء بالعصي، كون الحوار مفقوداً وحل الاشكالات بالتي هي أحسن وبالتراضي.
أمس السبت، لولا سرعة تدخل الجيش وحزمه وصلابته، لكانت "ولعت" على غرار عادتها القديمة بين محلة جبل محسن ذات الغالبية العلوية والجوار الطرابلسي ذي الأكثرية السنية.
وقبلاً، أفاقت مدينة الميناء على حادثة مروعة سقط ضحيتها قتيلان وثلاثة جرحى، وسبب الإشكال تافه جداً ولا يستدعي حجم هذا الاجرام، ويتعلق بانتقال عامل في مطعم ترك عمله وانتقل الى مطعم آخر!
وقبله في محلة المنكوبين، حادث ثأر بين أبناء العمومة يوقع قتيلين ويتسبب بإشكالات متواصلة منذ نحو سنة، يتخللها استعمال القنابل والقذائف الصاروخية التي تصيب شظاياها الأقربين والأبعيدين، ما حمل أبناء المحلة على إصدار بيان يطالبون فيه الجيش والقوى الأمنية بحمايتهم ووقف هذه الإشكالات واعتقال مسببيها.
ودعا البيان الى "إقفال المداخل الفرعية التي تؤدي إلى مخيم البداوي، ومن ثم نزلة وادي النحلة"، معتبرين "أن هذه الخطوة من شأنها أن تساهم الى حدٍّ كبير في تعزيز الأمن في المنطقة، ويمكن من خلالها الحدّ من الأنشطة غير القانونية مثل الاتجار بالأسلحة، المخدرات، والمسروقات".
وقبل ذلك أيضاً، ناشد أهالي حارة البرّانية في محلة القبة الدولة "الضرب بيد من حديد لحمايتهم من المتفلتين".
كذلك فعل أهالي محلة زيتون أبي سمراء في المدينة، والتي تشهد يومياً "تجارب" على الأسلحة الجديدة، والطريق المحاذية لها والمعروفة بـ"الشلفة" التي تربط الكورة بطرابلس، حيث تجري أكثر عمليات التشليح والسرقة ليلاً، لكون المنطقة مغطاة ببساتين الزيتون التي يخرج "قطاع الطرق" منها ليوقعوا بالسيارات عند ملاحظتهم أنوارها من بعيد، مطمئنين الى أنها تشكل سبيلاً ناجعاً لهروبهم من الدوريات الأمنية.
"قطاع الطرق"
هذا من ناحية الإشكالات الامنية، أما من ناحية السرقة والنشل والتشليح والتشبيح بكل الأشكال والألوان فحدث ولا حرج، فهي تجري في وضح النهار كما في الليل، وتترافق احيانا مع إطلاق نار وسقوط إصابات واعتداءات بالعصي واستعمال السكاكين للترهيب خصوصاً ضد النساء. وتتنوع المسروقات بين هواتف خليوية ومصاغ ذهبية وحقائب يدوية وأموال، الى السيارات والدراجات النارية ومضخات المياه، إضافة الى اقتحام الغرف والبيوت خصوصاً في الأحياء غير المكتظة.
وما يثير القلق والرعب أكثر أنّ السّلاح الفردي منتشر على نطاق واسع بين فئة من المواطنين الذين يحرصون على شرائه من السوق السوداء المزدهرة، أكثر من حرصهم على تأمين لقمة عيشهم وقوت عائلاتهم، ما يجعل من أيّ إشكال فردي يحصل، ولو كان تافهاً، اشتباكاً مسلحاً غالباً ما يوقع ضحايا.
هذا الفلتان المستشري، يدفع الجيش وبقية القوى الأمنية الى تنفيذ خطط خاصة للمدينة، لاتزال حتى الساعة قاصرة عن توفير الأمن بشكل تام في المدينة.
مواقع التواصل الاجتماعي؟
وحيال هذا الواقع المرير والمحزن، ارتفعت الاصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الاجتماعي مطالبة المسؤولين بإعادة الدولة الى طرابلس.
وكتب الناشط المحامي مصطفى العويك قائلاً: "هذا القتل المستمر في طرابلس في الشهر الفضيل، يجب أن يوقف بقوة، وعلى الدولة أن تبسط سلطتها بالحزم والعدل في آن معاً.
في كل يوم اشتباكات في مناطق وشوارع متعددة، وإطلاق رصاص وقتلى وجرحى، لماذا؟ ما السبب؟ تحت أي عنوان يحدث ذلك؟
ثأر؟ مولد كهرباء؟ قلة أخلاق؟ أفضلية مرور؟".
أضاف: " الناس استسهلت القتل وإطلاق النار، لأن الدولة كانت غائبة، واليوم هي تحت اختبار مفصلي في طرابلس، بعد أن انتظمت دورتها المؤسساتية، وانتهى زمن التوظيف السياسي للمدينة.
على الدولة ان تبادر بسرعة وحزم الى وضع حد لهذا الفلتان الأمني، وأن تجعلها فعلياً مدينة منزوعة السلاح، خالية من الظواهر الشاذة الكثيرة التي تنتشر فيها."
كذلك كتب الدكتور بدر حسون: "اللهم سترك عفوك... ليش عميصير هيك أشياء مدمّرة لمدينتنا، هل حدا قاصدنا أم غضب من الله وتدمير ؟".
وسأل الباحث البتروني نبيل يوسف: "من سنة 1974 مع ظاهرة أحمد القدور حتى اليوم وليل طرابلس حالك السواد. ما الجريمة التي اقترفتها هذه المدينة؟".
الناشط سامر دبليز، قال: "بعد مقولة طرابلس أفقر مدينة على المتوسط، أضحينا بإمتياز مدينة الفوضى والتسيّب والسلاح المتفلت ."
وكتب ربيع مينا متوجها الى رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء والمحافظ والضباط قائلاً: "الوضع في طرابلس وصل الى حالة يرثى لها، والواقع بات لا يطاق. يومياً قتلى وجرحى من أبناء المدينة نتاج للفلتان الأمني، عصابات تسرح وتمرح بسلاحها (إطلاق نار، سطو مسلح، إشكالات، ترويع آمنين، سلب، إعتداء وتعد).
ألا يكفي طرابلس ما تعانيه من فقر و عوز و حرمان جراء ممارسات سلطة وضعت يدها على كل مقدرات البلد و نهبته؟
أيها السادة، أنتم مطالبون بالحفاظ على دماء الناس وأرواحهم وأرزاقهم وحماية المدينة ممن يريد التلاعب بأمنها و مصيرها".
وأبعد من ذلك ومنعاً لمزيد من التسيّب، طالب كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإعادة حكم الإعدام، معتبرين "أن الأحكام الصارمة وحدها كفيلة ردع الخارجين عن القانون".
"نصائح" لتجنّب المشكلات
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي الطرابلسية، نصائح للعودة سالمين الى المنازل :
⁃ "اذا حدا لزّ (إقترب منك عمداً) عليك بسيارته، مرّقه وقلو تفضل يا جار الله يعيدنا ويعيدك لهلأيام .
⁃ إذا حدا سبّك (شتمك)، قلو الله يسامحك ويعفي عنا وعنك.
⁃ إذا حدا تلاسن معك قلو بأمرك.
الجنون يلّي عما نشوفه كل يوم بيخوف.
الرجال القبضاي هو يلّي بيتجنب المشكل بها الأيام الفضيلة...".