زكريا الحصني: ملك جمال قصار العرب الذي تحدى الصعاب وأثبت ذاته
 
                                    "أنا شاب من الشمال، من منطقة عكار، عمري 25 سنة، ومن قصار القامة". هكذا عرّف زكريا الحصني عن نفسه لـ"النهار": "نشأت في دار الأيتام الإسلامية منذ أن كان عمري سنتين، وكان هذا قرار والدي بسبب وضعنا العائلي الصعب. لم أكن يتيماً، ولكن ظروفنا المادية جعلت والدي يبحث عن بيئة تعليمية توفر لي فرصة للنمو.
"تعرضت أنا وأشقائي للتنمر في منطقتنا بسبب اختلافنا الجسدي".
يستذكر زكريا عندما كان شقيقه يعود باكياً في كثير من الأحيان. هذا التنمر أثّر على نفسياتهم بشكل كبير. وقرر والده البحث عن مدرسة توفر بيئة آمنة لأولاده بعيداً من هذا التنمر، وتم توجيههم إلى دار الأيتام الإسلامية في بيروت التي كانت تضم طلاباً من ذوي الاحتياجات الخاصة.
في هذه المدرسة، تعلم من الطلاب ذوي الإعاقات المختلفة مثل المكفوفين والصم، وأصبح يسألهم عن حياتهم وكيفية تعاملهم مع إعاقاتهم. تعلم منهم الصبر والإرادة، وأدرك أن الحياة لا تقتصر على الجسد فقط.
"على رغم الصعوبات التي مررت بها في البداية  وخصوصاً شعوري بالوحدة والبعد عن عائلتي"، يقول زكريا، "أصبحت المدرسة بمثابة عائلتي الثانية، بحيث كنت أجد الدعم والإرشاد من المعلمين والمشرفين. وبعد تخرجي من المدرسة، قررت مواصلة تعليمي في مجال المحاسبة، وأتطلع إلى المستقبل بتفاؤل كبير."
الحياة الخارجية
لم يكن زكريا يعرف العالم الخارجي، إذ قضى سنواته في دار الأيتام، وكان يظن أن الحياة سهلة وبسيطة وأن كل ما يرغب فيه يمكنه الحصول عليه بسهولة. إلا أنه عندما التحق بالمعهد، تفاجأ بنظرات المجتمع والتنمر الذي تعرض له. وعندما بلغ سن الـ21، أخبره والده عن التحديات التي قد يواجهها في العالم الخارجي. وكان هذا ما اختبره بالفعل عندما قابل سياسياً "لئيماً" رفض ذكر اسمه، وأدى اللقاء إلى تغييرات في تفكير ه.
قرر بعدها البحث عن وظيفة يعيل بها نفسه، وكان أصعب عمل حصل عليه هو في معمل ثلج. يروي زكريا: "طولي 133 سم، وأفتخر به. كان هناك قالب ثلج بنفس طولي وحجمي، ورغم ذلك، حاول صاحب العمل إجباري على حمله، وبدأ بإهانتي قائلاً: أنت شغيل.". بعد هذه المعاملة القاسية، قرر ترك العمل، على رغم أن هذه الوظيفة كانت مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة حسب المتطلبات، تكررت الإهانات….  أدرك زكريا وقتها أنه ليس وحده قصير القامة وتلقى الدعم من سيدة تدعى ميراي سمير شاكر  التي ساعدته فأحب الحياة من خلالها وهي التي أطلقت مشروع "قيمتي ليست بقامتي".
لا ينكر زكريا فضل بعض الأشخاص الذين عمل لديهم وعاملوه  بأحسن أسلوب، لكن أحلامه لم تتوقف هنا إذ قرر ذات مرة افتتاح  مقهى يدعى "كافيه السنافر "، شجعه البعض واعتبره البعض الاخر استهزاء، توقف المشروع بسبب بعض المشاكل والاجراءات لكن هذا لم يوقفه عن حلمه. فاليوم ننتظر منه مشروعاً آخر يدعى "كعكة السنافر".
ملك جمال العرب
لم يكن يتوقع يوماً أن يصبح "ملك جمال قصار العرب"، على رغم حبه لأن يكون عارض أزياء ويطمح للوصول إلى العالمية. في البداية، ظن أن الأمر مجرد مزحة، لكن عندما تواصل مع الشخص المسؤول للاستفسار، اكتشف أنه يسعى الى دعم قصار القامة ويقف إلى جانبهم. شرح له عن الجولات التي سيتنقل فيها حتى يتأهل للمشاركة الى جانب دول أجنبية. وعندما ظهرت النتيجة، أصبح "ملك جمال قصار القامة". وقال زكريا: "أريد أن أقول للجميع عليكم الفخر بأنفسكم وعدم الاستهزاء بأي شخص".
 
     
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             
                                                                             نبض
                                                                        نبض
                                                                     
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                 
                                                