درب تراثية لقرية وادي قنوبين شمال لبنان تحفظ واديها على اللائحة العالمية

هل يتحقق حلم أهالي قرية وادي قنوبين بالوصول الى بيوتهم وأرزاقهم من خلال درب تماشي العصر؟ ترجمة هذا الحلم في الطريق الى أن يصبح حقيقة وواقعاً، بعدما وضعت الدراسات اللازمة لذلك والتي راعت شروط ادراج القرية والوادي المقدس على لائحة التراث العالمي وواقعهما، والتي تكفل أيضاً تحسين معيشة السكان ووضعهم الاجتماعي، من ضمن شروط هذا المشروع العالمي.
فالى اليوم لا يزال أهالي قرية وادي قنوبين يصلون الى بيوتهم وأرزاقهم عبر طريق وعرة من جهة دير مار أليشع ومعمل كهرباء قاديشا والمؤدية الى الدير البطريركي، أو طريق أخرى من جهة الفريديس - مزرعة النهر عبر طريق حافر ولايزالون ينقلون نعوش موتاهم الى المدافن على الأكتاف مسافة طويلة صيف شتاء، متكبدين معاناة كبيرة جداً وخصوصاً في موسم الثلج والبرد القارس.
والدرب المنوي إعادة تأهيلها، أبلغ الموافقة عليها وزير الثقافة محمد بسام مرتضى الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في بكركي قبل أيام. فماذا في الوقائع والدراسات؟
ويشمل القرار تأهيل درب قرية وادي قنوبين الداخلية القائمة للمشاة، التي تربط مجمل أحيائها في ما بينها، كما بدرب وادي قاديشا الممتدة من معمل الكهرباء الى أول النطاق العقاري للقرية. واستند القرار الى ملف تلزيم أشغال تأهيل درب وادي قاديشا، والى الاتفاقية الدولية لحماية المواقع المصنّفة، والتي تعتبر هجر سكان أي موقع مصنّف منظراً ثقافياً، تهديداً قد يصل الى شطبه من لائحة التصنيف، وبالتالي فإن عدم تأهيل الدرب يساهم في هجر أهالي القرية المثبتة قيودهم كجماعة بشرية ذات کیان قانوني اجتماعي تاريخي متجذّر. كذلك استند الى الطلب المقدم من البطريركية المارونية ولجنة وادي قنوبين في هذا الشأن. واعتبر الدرب الداخلية امتداداً لدرب وادي قاديشا، يجري تأهيلها باليد العاملة المحلية على دروب المشاة الداخلية القائمة والمحررة قانوناً، تجنباً لاقتلاع الأشجار أو تشويه المعالم الطبيعية، على أن تستعمل زراعية بسيارات أليفة مع البيئة لتسهيل وصول الأهالي إلى بيوتهم ونقل انتاجهم الزراعي، ولتسهيل تحرك أجهزة الاغاثة الطارئة كالصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني وسواهما.
بين الراعي والمرتضى
وأكد الوزير المرتضى "أن هذا القرار يوفّق بين المطالب المزمنة لأهالي القرية، وهذه حقوق طبيعية لهم، وأبسط قواعد المسؤولية إيفاؤهم هذه الحقوق، وهم الذين صنعوا هذا التراث العظيم، وحافظوا عليه أجيالاً بعد أجيال. وقد لمست مدى حرص غبطة البطريرك الراعي على حقوق الأهالي وتمسكه بها ترجمة لاقتناعاته التي نشاركه إياها، بأن الأولوية هي دوماً للبشر، ويمكننا دائماً أن نوفق بين هذه الأولوية ومقتضيات المحافظة على خصائص الموقع".
وشكره البطريرك الراعي على "اهتمامه بمطلب الأهالي المزمن وتبنيه إياها من موقعه المسؤول المؤتمن على حقوق المواطنين الذين يعانون حرماناً واهمالاً كبيرين"، آملاً في "أن تنجز وزارة الاشغال العامة مجدداً ملف تلزيم تأهيل درب وادي قاديشا بعدما تعثر تنفيذه بسبب الأزمة المالية التي قامت سنة 2019".
آلية تنفيذ القرار
الى ذلك، وضعت في اللقاء الخطوط العريضة لآلية تنفيذ القرار، بجيث يقسم العمل الى مرحلتين:
"− الأولى: مرحلة "رسم" الدرب وتحرير حدودها وجوانبها، وتدعيمها وتثبيتها وفق مقتضيات طبيعتها ونوعية التربة والصخور، وفقاً للخرائط التي وضعت لهذه المرحلة.
− الثانية: مرحلة تأهيلها النهائي وإكسائها بالمواد الطبيعية ذات الصلة بنوعية تربتها وصخورها غير الغريبة عن الموقع.
− يجري العمل في المرحلة الأولى لإنجاز مقاطع الدرب الرملية والترابية، وتترك المقاطع الصخرية للمرحلة الثانية.
− تقنيات التنفيذ:
− يجري العمل، بصورة أساسية، في المرحلة الأولى باليد العاملة المحلية، من دون استعمال آليات جرف تقتلع الأشجار وتبدل المعالم الطبيعية القائمة... وغالبية الدرب رملية ترابية مؤاتية للعمل بواسطة اليد العاملة.
− بعد انجاز المرحلة الأولى، تجري الاستعانة بآلية صغيرة لتأهيل المقاطع الصخرية.
− إن إكساء الدرب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعة تربتها وحجارتها، وبمواقعها المنحدرة وسواها، بمعنى أن الأرض تقودنا الى اعتماد كيفية إكساء الدرب (على سبيل المثال غير النهائي تربة وبحص مع بودرة في المنبسطات، وحجارة محلية في المنحدرات)...
− مدة التنفيذ: ثلاثة الى أربعة أشهر.
− التكلفة التقريبية: تقاس بعشرة دولارات (10$) للمتر الطولي الواحد.
− الإدارة والاشراف: إدارة لجنة قرية وادي قنوبين برئاسة سيادة المطران جوزف نفاع، النائب البطريركي العام على المنطقة. (البطريركية المارونية وأهالي قرية وادي قنوبين، اتحاد بلديات قضاء بشري وخبراء متخصّصين). والاشراف من المكتب الذي أعدّ دراستها وخرائطها، بالتنسيق مع المديرية العامة للآثار وسائر المرجعيات المعنية.
− إنّه تصوّر أولي قابل للتعديل نتيجة مناقشته تفصيلياً لاحقاً".
أعدّ الدراسة الهندسية المدير العام السابق لوزارة الاشغال العامة المهندس مطانيوس بولس، علماً أن التأهيل مطلب مزمن للأهالي تبناه البطريرك الراعي وتابعه، أما تمويل الأشغال للدرب الداخلية فهو محلي. وتستعمل الدرب للاهالي فقط وليس لأهداف سياحية تجارية كنقل الزوار مثلاً. ويبلغ طولها حوالي أربعة كيلومترات وهي تقوم فوق دروب المشي الموجودة حالياً والتي تصل الى ديري سيدة قنوبين وسيدة الكرم.