ما الحاجة إلى سلاح شمال الليطاني... إلا "للسلاح التخريبي"؟!

"هو يتحدث إلى بيئته ومن أجلها. إن خطاب الشعب اللبناني ومعه رئاسة الجمهورية والحكومة اللبنانية والمؤسسات الدستورية والقرارات الدولية غير معنية بتاتاً بهذا الكلام".
بهذه المعادلة، يرد المعارضون لـ"حزب الله" على الكلام الأخير للأمين العام للحزب نعيم قاسم. وكأن كلامه في وادٍ وقطار الدولة اللبنانية في وادٍ آخر. ولعل أكثر ما عبرّ عن هذا الانفصام قوله إن "الاتفاق حصراً هو في جنوب نهر الليطاني".
قاسم قال أيضاً: " أدعو الدولة اللبنانية إلى الحزم في مواجهة الخروق التي تجاوزت المئات. لقد خرجنا مرفوعي الرأس، والسلاح بأيدي المقاومين".
ففي الأساس، ووفق القانون الدولي، إن الاتفاقات لا تُجزّأ بل هي تشمل مساحة كل الوطن. هذا من دون أن نؤكد العبارة الحرفية التي وردت في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير والتي هي أكثر من واضحة وتقول: "بدءاً من جنوب نهر الليطاني"، تماماً عكس ما اعتبر قاسم أن "القرار الـ1701 هو إطار عام".
على المقلب المعارض، يقول رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور لـ"النهار": " خطاب الدولة اللبنانية أكثر من واضح. بدءاً من خطاب القسم لرئيس الجمهورية وصولاً إلى البيان الأول للرئيس المكلف. إن رئيس الجمهورية تكلم على حصرية الدولة باحتكار السلاح، ولم يعن في ذلك جنوب الليطاني فقط، بل بالطبع كل لبنان. إن كلام قاسم لا يُصرف في أي مكان".
وعلى مقلب "حزب الله"، تقرأ أوساط قريبة منه أن "الكلام هو أكثر ما يعبر عن المرحلة الحالية والراهنة، وليس فيه أبداً انفصام".
يقرأ جبور جيداً كلام قاسم، ويعلق: "هو يتحدث كيفما كان. يتكلم بخطاب موجه إلى بيئته. لقد بتنا في مرحلة مغايرة تماماً. والدليل أن كلام رئيس الجمهورية واضح. هو تكلم على احتكار الدولة للسلاح، ولم يتكلم في جنوب الليطاني حصراً، بل عن كل لبنان وفي اول كلمة علنية له، بعد انتخابه، أي في خطاب القسم أمام النواب ومن داخل القاعة العامة لمجلس النواب الممثل للشعب اللبناني. تماماً، كما كلام الرئيس المكلف الذي تحدث عن بسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وليس فقط على جنوب الليطاني".
هل السيادة تتجزأ؟
... وبعد، أي معنى بعد للكلام عن شمال الليطاني وجنوبه، لقد بتنا في مرحلة السيادة اللبنانية غير المجزأة وعلى كامل مساحة الوطن. وفي الأساس، هل السيادة تتجزأ؟ وماذا يعني أن يبقى السلاح في شمال الليطاني، لأي غاية أصلاً؟ هذا إذا سلّمنا جدلاً ببقائه؟
تجيب أوساط الحزب: "المقاومة مستمرة لأنها وفية لدماء الشهداء. والأهم أنها تراقب سلسلة الخروق الإسرائيلية بهدف ترك الوقت أمام الدولة المسؤولة عن اتفاق وقف اطلاق النار، ولكن، كما قال الأمين العام ينبغي ألا يختبروا صبر الحزب".
إنما ماذا بقي من السلاح في وجه إسرائيل، ما دام ثمة اتفاق دولي؟
ترد الأوساط: "السلاح يناقش ضمن الاستراتيجية الدفاعية وبالحوار".
ولكن، لجبور قراءة مختلفة. يقول: "كلام رئيس الجمهورية أكد دور الدولة التي تواجه وتحمي الشعب اللبناني. هذا الأمر لم يعد من مسؤولية أي فئة، إنما من واجبات الدولة. بالطبع، هو لم يقصد بهذه المعادلة جنوب الليطاني فقط. كما أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يترك أي التباس حول وجود المقاومة. لم يعد هناك أي إمكان لاستمرار ما كان يسمّى بالمقاومة".
إذن، إن مواجهة إسرائيل باتت من موجبات الدولة. هذا ما نص عليه اتفاق الطائف، ولم يحترم طوال الأعوام السابقة. اليوم، أتى خطاب القسم وكلام رئيس الجمهورية ليؤكدا ذلك. من هنا، لا يتوانى جبور عن وصف ما يحكى عن بقاء السلاح في شمال الليطاني بـ"السلاح التخريبي".
ويتدارك: "ما كان يسمى مقاومة كان عبارة عن انقلاب سوري – إيراني على اتفاق الطائف والدستور، وتكريس ثلاثية ساقطة. هذه المعادلة انتهت إلى غير رجعة. على "حزب الله" أن يكف عن المزايدات الكلامية، حتى تجاه بيئته، لم يعد هناك أي إمكان للسلاح التخريبي في لبنان".